الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا تقرر شرح المذهب وتوجيه القولين ، انتقل الكلام إلى التفريع عليهما في صفة الكفارة ، وكيفية التراجع ، فنبدأ أولا بالحالق ، فإذا أراد أن يفتدي ، فهو مخير بين الدم ، أو الإطعام ، فأما الصيام فهو على وجهين :

                                                                                                                                            أصحهما : يجزئه : لأن الوجوب مستقر عليه فكان مخيرا فيه .

                                                                                                                                            والثاني : لا يجزئه ، مخرج من القول الذي يزعم أنه لو أعسر بها تحملها المحرم عنه ، فأما المحرم ، إذا أوجبنا عليه تحمل الفدية عند إعسار الحالق ، أو غيبته ، فهو مخير بين الدم ، والإطعام ، فأما الصيام ، فإنه لا يجزئه : لأنه يتحمل عن غيره ، وأعمال الأبدان لا يجوز تحملها عن الغير ، بأن افتدى بالدم ، أو الإطعام ، ثم أيسر الحالق بعد إعساره ، أو قدم بعد غيبته ، نظر ، فإن كان افتدى بأقل الأمرين ثمنا ، فله الرجوع على الحالق ، لأنه تحمل عنه ، وإن كان قد افتدى بأكثر الأمرين ثمنا ، فعلى وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : لا رجوع له بشيء : لأنه غارم عن غيره ، فلم يكن له في إسقاط الحق شيء يقدر على إسقاطه بدونه ، وإذا لم يكن له ذلك صار كالمتطوع به .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : يرجع عليه بأقل الأمرين ثمنا : لأنه القدر الواجب ، والزيادة تطوع : فسقط رجوعه بالتطوع ، ولم يسقط رجوعه بالواجب .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية