الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              تنبيه

                                                                                                                                                                                                                              قال السهيلي : لو تأمل ابن الزبعرى وغيره من كفار قريش الآية لرأى أن اعتراضه غير لازم من وجهين :

                                                                                                                                                                                                                              أحدهما : أنه خطاب متوجه على الخصوص لقريش عبدة الأصنام ، وقوله «إنا نعبد الملائكة» حيدة ، وإنما وقع الكلام والمحاجة في اللات والعزى وهبل وغير ذلك من أصنامهم .

                                                                                                                                                                                                                              والثاني : أن لفظ التلاوة : إنكم وما تعبدون ولم يقل ومن تعبدون فكيف يلزم اعتراضه بالمسيح وعزير والملائكة ، وهم يعقلون والأصنام لا تعقل؟ ومن ثم جاءت الآية بلفظ ما الواقعة على ما لا يعقل . انتهى .

                                                                                                                                                                                                                              وقال بعض العلماء : إن ابن الزبعرى من فصحاء العرب لا يخفى عليه موضع «من» من «ما» وإنما إيراده من جهة القياس والعموم المعنوي الذي يعم الحكم فيه لعموم علته أي إن كان كونه معبودا يوجب أن يكون حصب جهنم فهذا المعنى موجود في الملائكة والمسيح وعزير .

                                                                                                                                                                                                                              وأجيب بالفارق من وجوه :

                                                                                                                                                                                                                              الأول : الآية المتقدمة ، لأن عزيرا والمسيح ممن سبقت لهم الحسنى فالتسوية بين الملائكة والأنبياء وبين الأصنام والشياطين من جنس التسوية بين البيع والربا وهو شأن أهل الباطل يسوون بين ما فرق الشرع والعقل والفطرة بينه ، ويفرقون بين ما سوى الله عز وجل ورسوله بينه .

                                                                                                                                                                                                                              الثاني : الأوثان حجارة غير مكلفة ولا ناطقة ، فإذا حصب بها جهنم إهانة لها ولعابديها- لم يكن في ذلك تعذيب من لا يستحق العذاب .

                                                                                                                                                                                                                              الثالث : أن من عبد هؤلاء بزعمه فإنهم لم يدعوا إلى أنفسهم ، وإنما عبد المشركون [ ص: 467 ] الشياطين وتوهموا أن العبادة لهؤلاء ، وقد برأ الله تعالى الملائكة والمسيح وعزيرا من ذلك ، فما غير الله إلا الشياطين .

                                                                                                                                                                                                                              وهذه كلها منتزعة من قوله تعالى : إن الذين سبقت لهم منا الحسنى وإذا تأمل قوله تعالى : وقودها الناس والحجارة [التحريم 6] فأخرج من خلاله أن معبودهم معذبهم المشتعل عليهم ، فهو أبلغ في النكال وقطع الآمال .

                                                                                                                                                                                                                              الحيدة : بفتح الحاء المهملة وسكون المثناة التحتية وهي العدول .

                                                                                                                                                                                                                              ومنهم الأخنس بفتح الهمزة وسكون الخاء المعجمة وفتح النون فسين مهملة ، ابن شريق - بفتح الشين المعجمة وبالقاف- الثقفي واسمه أبي وذكر غير واحد أنه أسلم بعد ذلك .

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن إسحاق : وكان من أشراف القوم وممن يستمع منه وكان يصيب من رسول الله صلى الله عليه وسلم ويرد عليه ، فأنزل الله تعالى : ولا تطع كل حلاف كثير الحلف بالباطل مهين حقير هماز عياب أي مغتاب مشاء بنميم أي ساع بالكلام بين الناس على وجه الإفساد بينهم .

                                                                                                                                                                                                                              مناع للخير يمنع الناس من الخير من الإيمان والإنفاق والعمل الصالح معتد ظالم أثيم كثير الإثم عتل غليظ جاف بعد ذلك بعد ما عد من مثالبه زنيم [القلم : 1- 13] دعي في قريش قاله ابن عباس وأنشد على ذلك قول الشاعر :


                                                                                                                                                                                                                              زنيم تداعاه الرجال زيادة كما زيد في عرض الأديم أكارعه

                                                                                                                                                                                                                              رواه عبد بن حميد وابن عساكر وبه قال عكرمة وأنشد قول الشاعر :


                                                                                                                                                                                                                              زنيم ليس يعرف من أبوه     بغي الأم ذو حسب لئيم

                                                                                                                                                                                                                              وقيل إنه كان له زنمتان حقيقة .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البخاري والنسائي وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : هو رجل من قريش نعت فلم يعرف حتى قيل زنيم وكان له زنمة زائدة في عنقه يعرف بها .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية