الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب فسخ الإجارة

تفسخ بالقضاء أو الرضا ( بخيار شرط [ ص: 77 ] ورؤية ) كالبيع خلافا للشافعي ( و ) بخيار ( عيب ) حاصل قبل العقد أو بعده بعد القبض أو قبله ( يفوت النفع به ) صفة عيب ( كخراب الدار وانقطاع ماء الرحى و ) انقطاع ( ماء الأرض ) وكذا لو كانت تسقى بماء السماء فانقطع المطر فلا أجر خانية أي وإن لم تنفسخ على الأصح [ ص: 78 ] كما مر .

التالي السابق


باب فسخ الإجارة

تأخير هذا الباب ظاهر المناسبة ; لأن الفسخ بعد الوجود معراج . ( قوله تفسخ ) إنما قال : تفسخ ; لأنه اختار قول عامة المشايخ وهو عدم انفساخ العقد بالعذر وهو الصحيح نص عليه في الذخيرة ، وإنما لم ينفسخ لا لإمكان الانتفاع بوجه آخر ; لأنه غير لازم ، بل ; لأن المنافع فاتت على وجه يتصور عودها ذكره في الهداية ابن كمال . وفي الفتاوى الصغرى والتتمة : إذا سقط حائط أو انهدم بيت من الدار للمستأجر الفسخ ولا يملكه بغيبة المالك بالإجماع ، وإن انهدمت الدار كلها فله الفسخ من غير حضرته ، لكن لا تنفسخ ما لم يفسخ ; لأن الانتفاع بالعرصة ممكن . وفي إجارات شمس الأئمة : إذا انهدمت كلها فالصحيح أنه لا تنفسخ لكن سقط الأجر فسخ أو لا إتقاني ، وقدمناه قبيل الإجارات الفاسدة . ( قوله بالقضاء أو الرضا ) ظاهره أنه شرط في خيار الشرط والرؤية والعيب والعذر ; لأنه ربطه بالكل ، وفيه كلام سيأتي قريبا . ( قوله بخيار شرط إلخ ) أي قبل انقضاء الأيام الثلاثة ، [ ص: 77 ] فلو استأجر دكانا شهرا على أنه بالخيار ثلاثة أيام يفسخ فيها ، فلو فسخ في الثالث منها لم يجب أجر اليومين ; لأن ابتداء المدة من وقت سقوط الخيار وفيه إشعار بأنه لا يشترط حضور صاحبه ولا علمه خلافا للطرفين والأول أصح ، وقيل للمفتى الخيار في ذلك كما في المضمرات قهستاني ، وهذا خلاف ما أشعر به كلام الشارح . ( قوله ورؤية ) فلو استأجر قطعات من الأرض صفقة واحدة ثم رأى بعضها فله فسخ الإجارة في الكل ، وفيه إشعار بأنه لا يشترط في هذا الفسخ القضاء ولا الرضا ، وينبغي أن يكون فيه خلاف خيار الشرط قهستاني ، وتقدم أول باب ضمان الأجير أن للأجير المشترك خيار الرؤية في كل عمل يختلف باختلاف المحل .

والحاصل أنه لا يشترط القضاء أو الرضا في خيار الشرط والرؤية .

وأما في خيار العيب ففي نحو انهدام الدار كلها يفسخ بغيبة صاحبه بخلاف انهدام الجدار ونحوه كما مر .

وأما في غيره من الأعذار فسيأتي أن الأصح أن العذر إن كان ظاهرا ينفرد وإن مشتبها لا ينفرد .

ثم إن خيار الشرط يثبت للعاقدين ، أما خيار الرؤية فلا يكون للمؤجر كما في البيع .

قال الحموي ولم أره ، وهكذا بحثه غيره وهو ظاهر استدلالهم هنا بالحديث { من اشترى شيئا ولم يره فله الخيار } وقولهم إنها بيع المنفعة وبه أفتى منلا علي التركماني . ( قوله حاصل قبل العقد ) أي ولم يره قبله ، فإن رآه فلا خيار لرضاه به كما في الاختيار ، ولو استوفى المنفعة فيما له الخيار بحدوثه يلزمه الأجر كاملا كما سيذكره الشارح .

وفي الخلاصة : خيار العيب في الإجارة يفارق البيع في أنه ينفرد بالرد بالعيب قبل القبض لا بعده ، وفي الإجارة ينفرد المستأجر بالرد قبل القبض وبعده ا هـ ولا تنس ما مر . ( قوله يفوت النفع به ) والأصل فيه أن العيب إذا حدث بالعين المستأجرة ، فإن أثر في المنافع يثبت الخيار للمستأجر كالعبد إذا مرض والدار إذا انهدم بعضها ; لأن كل جزء من المنفعة كالمعقود عليه ، فحدوث عيب قبل القبض يوجب الخيار ، وإن لم يؤثر في المنافع فلا كالعبد المستأجر للخدمة إذا ذهبت إحدى عينيه أو سقط شعره ، وكالدار إذا سقط منها حائط لا ينتفع به في سكناها ; لأن العقد ورد على المنفعة دون العين وهذا النقص حصل بالعين دون المنفعة والنقص بغير المعقود عليه لا يثبت الخيار إتقاني . وفي الذخيرة : إذا قلع الآجر شجرة من أشجار الضياع المستأجرة فللمستأجر حق الفسخ إن كانت الشجرة مقصودة ( قوله وانقطاع ماء الرحى ) فلو لم يفسخ حتى عاد الماء لزمت ويرفع عنه من الأجر بحسابه ، قبل حساب أيام الانقطاع ، وقيل بقدر حصة ما انقطع من الماء ، والأول أصح ; لأن ظاهر [ ص: 78 ] الرواية يشهد له فإنه قال في الأصل : الماء إذا انقطع الشهر كله ولم يفسخها المستأجر حتى مضى الشهر فلا أجر عليه في ذلك ، ولو كانت منفعة السكنى معقودا عليها مع منفعة الطحن وجب بقدر ما يخص منفعة السكنى كذا في التتارخانية ، ومفاده أنه لا يجب أجر بيت الرحى صالحا لغير الطحن كالسكنى ما لم تكن معقودا عليها . ونقل بعده عن القدوري : إن كان البيت ينتفع به لغير الطحن فعليه من الأجر بحصته ا هـ ونحوه ما يأتي عن التبيين تأمل والانقطاع غير قيد ، لما في التتارخانية أيضا : وإذا انتقص الماء ، فإن فاحشا فله حق الفسخ وإلا فلا . قال القدوري : إذا صار يطحن أقل من النصف فهو فاحش . وفي واقعات الناطفي لو يطحن على النصف له الفسخ وهذه تخالف رواية القدوري ، ولو لم يرده حتى طحن كان رضا منه وليس له الرد بعده ا هـ .

( قوله كما مر ) أي صريحا قبيل الإجارة الفاسدة حيث قال : ولو خربت الدار سقط كل الأجر ولا تنفسخ به ما لم يفسخها المستأجر هو الأصح ا هـ ودلالة من قول المصنف تفسخ فإنه يفيد عدم الانفساخ ، وقدمنا التصريح به عن التتارخانية والأتقاني




الخدمات العلمية