الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
5881 ص: وأما وجهه من طريق النظر فإن أبا حنيفة 5 وأبا يوسف ومحمدا وزفر -رحمهم الله - وجميع المخالفين لهم والموافقين قد اتفقوا أن nindex.php?page=treesubj&link=4233_4231الرجل إذا وقف داره في مرضه على الفقراء والمساكين ثم توفي في مرضه ذلك ، أن ذلك جائز من ثلثه ، وأنها غير موروثة عنه ، فاعتبرنا ذلك هل يدل على أحد القولين ؟
وكان الرجل إذا جعل شيئا من ماله من دنانير أو دراهم صدقة فلم ينفذ ذلك حتى مات أنه ميراث ، وسواء جعل ذلك في مرضه أو في صحته ، إلا أن يجعل ذلك وصية بعد موته فينفذ ذلك بعد موته من ثلث ماله كما تنفذ الوصايا .
فأما إذا جعله في مرضه ولم ينفذه للمساكين بدفعه إياه إليهم فهو كما جعله في صحته وكان جميع ما يفعله في صحته فينفذ من جميع ماله ولا يكون له عليه بعد ذلك ملك ، مثل العتاق والهبات والصدقات هو الذي ينفذ إذا فعله في مرضه من ثلث مال .
[ ص: 404 ] وكان الواقف إذا وقف في مرضه داره أو أرضه وجعل آخرها في سبيل الله كان ذلك جائزا باتفاقهم من ثلث ماله بعد وفاته ، لا سبيل لوارثه عليه ، وليس ذلك بداخل في قول النبي -عليه السلام - : nindex.php?page=hadith&LINKID=30707 "لا حبس عن فرائض الله " .
فكان النظر على ذلك أن يكون كذلك سبيله إذا وقف في الصحة ، فيكون نافذا من جميع المال ولا يكون له عليه سبيل بعد ذلك . قياسا ونظرا على ما ذكرنا .
وإلى هذا أذهب وبه أقول من طريق النظر لا من طريق الآثار ; لأن الآثار في ذلك قد تقدم وصفي لها وبيان معانيها وكشف وجوهها .