الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ومن كان أهله دون الميقات ، فميقاته من حيث يحرم من أهله لا يجاوزه " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : هذا صحيح ، من كان أهله ومسكنه بين الميقات ومكة كأهل جدة ووج وعسفان ، والطائف ، فميقاته من بلده ودويرة أهله في حجه أو عمرته ولا يلزم أن يحرم من الميقات الذي وراءه لرواية ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من كان أهله دون الميقات ، أهل من حيث ينشئ يعني من حيث يبتدئ السفر ، وروي عن علي وعمر رضي الله عنهما أنهما قالا : في قوله تعالى : وأتموا الحج والعمرة لله [ البقرة : 196 ] . إن إتمامهما أن تحرم بها من دويرة أهلك ، ولأن المواقيت قدرت لمن كان وراءها ، ولم تقدر لمن كان دونها . ألا ترى أن أهل مكة لا يلزمهم الخروج إلى الميقات وكذا من كان أقرب إلى مكة من الميقات . فإذا ثبت هذا فإن كان منزله في قرية فهي ميقاته ، والمستحب له أن يحرم من أبعد طرفيها إلى الحرم ، وأقل ما عليه أن يحرم من أقرب طرفيها إلى الحرم ، وإن كان منزله في خيام ، فالمستحب له أن يحرم من أبعد طرفي الخيام إلى الحرم ، وأقل ما عليه أن يحرم من أقرب طرفيها إلى الحرم وإن كان منزله منفردا ، فمنه يحرم : لأنه لا يتقدم عليه ولا يتأخر عنه ، فإن جاوز هؤلاء غير محرمين كانوا كمن جاوز الميقات من أهله غير محرم فعليهم دم إلا أن يعودوا محرمين قبل الطواف ، فلا يجب عليهم فأما من كان مسكنه في طرف من أطراف الحرم ، فهم كأهل مكة لميقاتهم في الحج من موضعهم ، وفي العمرة من أقرب الحل إليهم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية