الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
          معلومات الكتاب

          الصحوة الإسلامية بين الجحود والتطرف

          الدكتور / يوسف القرضاوي

          الفصل الثالث فـي سـبـيـل العـلاج

          والآن بعد أن ألقينا بعض الضوء على ما سموه " التطرف الديني " وبينا حقيقته وعلاماته، وكشفنا عن المهم من أسبابه وبواعثه ومثيراته، بقي علينا أن نسأل: ما العلاج؟ وما طرائقه؟ ومن يقوم به؟

          وهنا يجب أن نؤكد أن العلاج لا ينفصل عن الأسباب، فإذا كانت الأسباب كما بينا، متعددة ومتنوعة، فلا بد أن يكون العلاج كذلك متعددا ومتنوعا.

          ولا يتصور أن لمسة سحرية تعالج التطرف، وتعيد المتطرفين إلى خط الاعتدال، فإن الأمراض التي تتعلق بأنفس البشر وعقولهم أعمق وأعقد من أن تعالج بهذه السهولة، وإذا كان من الأسباب ما هـو فكري، وما هـو نفسي، وما هـو اجتماعي، وما هـو سياسي، فإن العلاج ينبغي أن يكون كذلك: فكريا ونفسيا واجتماعيا وسياسيا، وأن يكون ذلك كله من منطلق الإسلام, وفي ضوء الإسلام، لأن الظاهرة في أساسها دينية. [ ص: 129 ]

          وأود أن أذكر هـنا أني لست مع الجبريين الذين يرجعون أسباب الظاهرة كلها إلى المجتمع وحده، أو إلى الأوضاع الاقتصادية فحسب، ولا يحملون الشباب تبعة أعمالهم وتصرفاتهم؛ لأنهم يعتبرونهم كالريشة في مهب الريح، كما قال دعاة الجبرية الدينية قديما.

          كما لا يجوز أن نحملهم وحدهم عبء المسئولية ونعفي المجتمع والحكم وأجهزته المختلفة، وخصوصا المسئولين عن التربية والتوجيه والإعلام، فهذا ليس من العدل أيضا، فالمسؤولية إذن مشتركة، وكل له دوره ( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ) .

          وهنا يقوم سؤال كبير، وهو: ماذا على المجتمع أن يفعل إذا أراد أن يغلب الاعتدال على التطرف؟

          وماذا على الشباب أن يفعلوا ليقاوموا النزعة إلى الغلو وما يترتب عليها من آثار؟

          هذا ما نحاول أن نجيب عنه في الصحائف التالية.

          التالي السابق


          الخدمات العلمية