الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
          معلومات الكتاب

          الإحكام في أصول الأحكام

          الآمدي - علي بن محمد الآمدي

          الاعتراض التاسع عشر

          المعارضة في الفرع بما يقتضي نقيض حكم المستدل ، إما بنص أو إجماع ظاهر أو بوجود مانع الحكم أو بفوات شرط الحكم ، ولا بد من بيان تحققه وطريق كونه مانعا أو شرطا على نحو طريق إثبات المستدل كون الوصف الذي علل به من التأثير أو الاستنباط .

          وقد اختلف في قبوله ، [1] فمنع منه قوم تمسكا منهم بأن المعارضة استدلال وبناء ، وحق المعترض أن يكون هادما لا بانيا .

          [ ص: 102 ] وقبله الأكثرون وهو المختار ، إذ يلزم منه هدم ما بناه المستدل لمقاومة دليله لدليله ، ولا حجر عليه في سلوك طرق الهدم ولا سيما إذا تعين ذلك طريقا في الهدم بأن لم يكن له هادم سواه ، فلو لم يقبل منه لبطل مقصود المناظرة ، واختلت فائدة البحث والاجتهاد .

          والوجه في جوابه عند توجهه أن يقدح فيه المستدل بكل ما للمعترض أن يقدح به فيه ، أن لو كان المستدل متمسكا به ، وإن عجز عن جميع ذلك فقد اختلفوا في جواز دفعه بالترجيح .

          فمنهم من لم يجوز ذلك اعتمادا منهم على أن ما ذكره المعترض - وإن كان مرجوحا بالنسبة إلى ما ذكره المستدل - فلا يخرج بذلك عن كونه اعتراضا .

          ومنهم من جوزه وهو المختار ؛ لأنه مهما ترجح ما ذكره المستدل بوجه من وجوه الترجيحات الآتية ، كان العمل به متعينا .

          وهل يجب على المستدل أن يذكر في دليله ما يومئ إلى الترجيح ؟

          منهم من أوجبه لتوقف العمل بالدليل عليه فكان من الدليل ، فلو لم يذكره لم يكن ذاكرا للدليل أولا ، بل لبعضه .

          ومنهم من لم يوجبه ؛ لما في التكليف به من الحرج والمشقة .

          والمختار أن يقال : إما أن يكون ما به الترجيح يرجع إلى العلة بأن يكون وصفا من أوصافها أو لا يكون كذلك ، فإن كان الأول : فلا بد من ذكره في الدليل أولا ليكون ذاكرا للدليل .

          وإن كان الثاني : فلا ؛ لأنه مسئول عن الدليل وقد أتى بمسماه حقيقة ، والترجيح بأمر خارج عن الدليل إنما هو من توابع ورود المعارضة ، فذكره بعد المعارضة وإن توقف عليه إعمال الدليل بدفع المعارض [2] لا يوجب أن يكون داخلا في مسمى الدليل ، حتى يقال إنه لم يكن ذاكرا للدليل أولا .

          التالي السابق


          الخدمات العلمية