الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
ش - قال الكعبي : nindex.php?page=treesubj&link=20585المباح مأمور به ; لأن المباح واجب ، وكل واجب فهو مأمور به .
أما الكبرى فبالاتفاق . وأما الصغرى فلأن كل مباح يحصل به ترك حرام ; إذ ما من فعل مباح إلا ويتحقق بمباشرته ترك حرام ما . وترك الحرام واجب . ولا يتم ترك الحرام إلا بما يحصل به الترك ، فيكون المباح الذي يتم به ترك الحرام واجبا ; لأن nindex.php?page=treesubj&link=20531ما لا يتم الواجب إلا به ، فهو واجب .
ولو حمل قول الكعبي : " المباح ترك حرام " على ظاهره ، لم يصح أصلا ; لأن ترك الحرام يحصل بالمباح لا نفسه .
وأيضا لو حمل على ظاهره ، لم يكن لقوله : " وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب " وجه .
" وتأول الإجماع " إشارة إلى جواب سؤال وارد على الكعبي . توجيه السؤال أن الدليل الذي ذكره الكعبي على أن كل مباح واجب ، يقتضي كون أفعال المكلفين ، التي تعلق بها الأحكام ، أربعة ; ضرورة كون المباح واجبا حينئذ . وهو خلاف الإجماع ; لأن الجمهور أجمعوا على أن nindex.php?page=treesubj&link=20491الأفعال تنقسم إلى خمسة : واجب ، ومندوب ، ومباح ، ومكروه ، ومحرم . فيكون الدليل المذكور باطلا .
وتقرير الجواب أن الإجماع يحمل على أن الأفعال - نظرا إلى ذاتها ، مع قطع النظر عما يستلزمه من كونه يحصل به ترك الحرام - تنقسم إلى خمسة ، فيكون الفعل المباح - نظرا إلى ذاته - لم يخرج عن [ ص: 401 ] كونه مباحا . وبالنظر إلى ما يستلزمه من كونه يحصل به و ترك الحرام ، يكون واجبا .
وإنما أول الإجماع على هذا ليكون جمعا بين الدليلين بقدر الإمكان ، فإن الإجماع لو حمل على كون الفعل منقسما إلى الخمسة بالنظر إلى ما يستلزمه ، يلزم بطلان دليل الكعبي . ولو حمل على ما ذكرنا ، لا يكون واحدا من الدليلين ، أعني الإجماع على أن الأفعال خمسة ، ودليل الكعبي ضائعا .