الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            ص - ( مسألة ) : الشرعية واقعة . خلافا للقاضي . وأثبتت المعتزلة الدينية أيضا .

            التالي السابق


            ش - ولنذكر قبل الخوض في المقصود مقدمة .

            اعلم أن اللفظ إذا وضع لمعنى ، ثم نقل في الشرع إلى معنى [ ص: 215 ] ثان ، لمناسبة بينهما ، وغلب استعماله في المعنى الثاني ، يسمى : " منقولا شرعيا " .

            والمنقول الشرعي لما غلب استعماله في المعنى الثاني بحيث لم يحتج عند إطلاقه على المنقول إليه ، إلى ملاحظة العلاقة بينه وبين المنقول عنه ، صار كأنه موضوع للمنقول إليه وضعا أولا ; ضرورة عدم الافتقار إلى ملاحظة وضع سابق ، فيكون حقيقة .

            بخلاف المجاز ; فإنه لما لم يغلب استعماله في المعنى الثاني افتقر عند إطلاقه على الثاني إلى اعتبار العلاقة ، فلم يكن موضوعا وضعا أولا; ضرورة افتقاره إلى ملاحظة وضع سابق .

            والحقيقة الشرعية : هي اللفظ المستعمل فيما وضع له أولا في الشرع . وهي تتناول المنقول الشرعي ، لما ذكرنا ، والموضوعات المبتدأة ، وهي ألفاظ وضعها الشارع بإزاء المعاني المخترعة ابتداء ، من غير أن ينقل من اللغة . إذا عرفت هذا فنقول : اختلف في وقوع الحقيقة الشرعية . فقال القاضي : إنها غير واقعة ، على معنى أن : [ ص: 216 ] تلك الألفاظ مستعملة في المعاني اللغوية ، والزيادات التي هي في المعاني الشرعية شروط . أو ] ) على معنى أن ما استعمله الشارع مجازات لغوية لم تبلغ رتبة الحقائق . والمختار عند المصنف أنها واقعة على معنى أنها كانت ] ) مجازات في ابتداء النقل بسبب عدم اشتهارها ، ثم صارت حقائق شرعية لغلبة الاستعمال .

            وأثبت المعتزلة الأسماء الشرعية والدينية أيضا ، على معنى أنها ليست متعلقة بالحقائق اللغوية .

            [ ص: 217 ] والفرق بين الأسماء الشرعية الدينية عندهم : أن الأسماء الشرعية إن أجريت على الأفعال الشرعية ، كالصلاة ، والصيام ، والزكاة ، والحج ، تسمى : غير دينية . وإن أجريت على المشتقات من الفاعلين ، كالمؤمن ، والفاسق ، والكافر تسمى : دينية .

            ولا فرق بين المذهب المختار وبين المعتزلة من حيث إن الحقائق الشرعية واقعة . إنما الفرق من حيث إنهم قالوا : إنها موضوعة مبتدأة ، غير منقولة من الحقائق اللغوية . والمذهب المختار بخلافه .




            الخدمات العلمية