الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            ص - قولهم : الفائدة : الأمن من احتمال العقاب في الترك [ وذلك ] لازم الخطور ، مردود بمنع الخطور في الأكثر .

            ولو سلم - فمعارض باحتمال العقاب على الشكر ; لأنه تصرف في ملك الغير .

            أو لأنه كالاستهزاء . كمن شكر ملكا على لقمة ، بل اللقمة بالنسبة إلى الملك أكثر .

            التالي السابق


            ش - هذا جواب إيراد المعتزلة على المقدمة الثانية بأن الشكر لا يجوز أن يكون لفائدة للعبد في الدنيا .

            وتوجيه الإيراد أن يقال : لا نسلم أنه لا يجوز أن يكون الشكر لفائدة العبد في الدنيا .

            قوله : لأنه لا حظ للنفس في الشكر . قلنا : لا نسلم أن لا حظ للنفس في الشكر . وذلك لأن فائدة الشكر الأمن من احتمال العقاب في ترك الشكر الموجب لخوف النفس ; إذ هذا الاحتمال لازم أن يخطر على قلب العاقل . والأمن من الاحتمال الذي هو موجب للخوف من أعظم الفوائد .

            [ ص: 316 ] وتقرير الجواب أن قولهم مردود; لأنا نمنع أن هذا الاحتمال لازم الخطور بالبال حتى يكون الأمن منه فائدة .

            فقوله : " قولهم " مبتدأ ، وقوله : " مردود " خبره . ولئن سلم أن هذا الاحتمال لازم الخطور بالبال فمعارض باحتمال العقاب على الشكر بوجهين : أحدهما : أن إقدامه على الشكر تصرف في ملك الغير بغير إذنه ; لأن الإقدام على الشكر إنما هو باستعمال الأعضاء والقوى التي هي كلها ملك الحق تبارك وتعالى ، والتصرف في ملك الغير بغير إذنه ، يحتمل العقاب عليه .

            الثاني : أن القيام بالشكر على نعم الله تعالى كالاستهزاء بالمنعم . كمن شكر ملكا على لقمة أنعم الملك عليه في المحافل العظيمة . بل اللقمة بالنسبة إلى خزانة الملك أكثر من [ نعم ] الله تعالى على العبد بالقياس إلى خزائنه تعالى . فلعل الشاكر يستحق العقاب بسبب شكره .




            الخدمات العلمية