( كذب ) ( هـ ) فيه : الحجامة على الريق فيها شفاء وبركة ، فمن احتجم فيوم الأحد والخميس كذباك ، أو يوم الاثنين والثلاثاء ( معنى ) كذباك أي : عليك بهما ، يعني : اليومين المذكورين .
* قال : " هذه كلمة جرت مجرى المثل في كلامهم ، ولذلك لم تتصرف ولزمت طريقة واحدة ، في كونها فعلا ماضيا معلقا بالمخاطب [ وحده ] وهي في معنى الأمر ، كقولهم في الدعاء : رحمك الله [ أي : ليرحمك الله ] والمراد بالكذب الترغيب والبعث ، من قول العرب : كذبته نفسه إذا منته الأماني ، وخيلت إليه من الآمال ما لا يكاد يكون ، وذلك مما يرغب الرجل في الأمور ، ويبعثه على التعرض لها ، ويقولون في عكسه : صدقته نفسه ، [ إذا ثبطته ] وخيلت إليه العجز والكد في الطلب ، ومن ثم قالوا للنفس : الكذوب " . الزمخشري
* فمعنى قوله : " كذباك " ؛ أي : ليكذباك ولينشطاك ويبعثاك على الفعل .
* وقد أطنب فيه وأطال ، وكان هذا خلاصة قوله . الزمخشري
* وقال : كأن : " كذب " هاهنا إغراء ؛ أي : عليك بهذا الأمر ، وهي كلمة نادرة جاءت على غير القياس . ابن السكيت
* وقال الجوهري : " كذب قد يكون بمعنى وجب " .
* وقال الفراء : كذب عليك ؛ أي : وجب عليك .
[ ص: 158 ] [ هـ ] ومنه حديث عمر : " كذب عليكم الحج ، كذب عليكم العمرة ، كذب عليكم الجهاد ، ثلاثة أسفار كذبن عليكم " معناه الإغراء ؛ أي : عليكم بهذه الأشياء الثلاثة .
* وكان وجهه النصب على الإغراء ، ولكنه جاء شاذا مرفوعا .
* وقيل : معناه : إن قيل : لا حج عليكم ، فهو كذب .
* وقيل : معناه : وجب عليكم الحج .
* وقيل : معناه الحث والحض ، يقول : إن الحج ظن بكم حرصا عليه ورغبة فيه ، فكذب ظنه .
* وقال : معنى : " كذب عليكم الحج " على كلامين ، كأنه قال : كذب الحج ، عليك الحج ؛ أي : ليرغبك الحج ، هو واجب عليك ، فأضمر الأول لدلالة الثاني عليه ، ومن نصب الحج فقد جعل : " عليك " اسم فعل ، وفي كذب ضمير الحج . الزمخشري
* وقال الأخفش : الحج مرفوع بكذب ، ومعناه نصب ؛ لأنه يريد أن يأمره بالحج ، كما يقال : أمكنك الصيد ، يريد ارمه .
( هـ ) ومنه حديث عمر : " شكا إليه عمرو بن معديكرب أو غيره النقرس ، فقال : كذبتك الظهائر " أي : عليك بالمشي فيها .
والظهائر : جمع ظهيرة ، وهي شدة الحر .
وفي رواية : " كذب عليك الظواهر " جمع ظاهرة ، وهي ما ظهر من الأرض وارتفع .
* ومنه حديثه الآخر : " إن عمرو بن معديكرب شكا إليه المعص ( فقال ) كذب عليك العسل " يريد العسلان ، وهو مشي الذئب ؛ أي : عليك بسرعة المشي .
والمعص بالعين المهملة : التواء في عصب الرجل .
[ ص: 159 ] ( هـ ) ومنه حديث علي : " كذبتك الحارقة " أي : عليك بمثلها ، والحارقة : المرأة التي تغلبها شهوتها ، وقيل : الضيقة الفرج .
( س ) وفي الحديث : استعمل الكذب هاهنا مجازا حيث هو ضد الصدق ، والكذب مختص بالأقوال ، فجعل بطن أخيه حيث لم ينجح فيه العسل كذبا ؛ لأن الله قال : صدق الله وكذب بطن أخيك فيه شفاء للناس
( س ) ومنه حديث صلاة الوتر : " كذب أبو محمد " أي : أخطأ ، سماه كذبا ؛ لأنه يشبهه في كونه ضد الصواب ، كما أن الكذب ضد الصدق وإن افترقا من حيث النية والقصد ؛ لأن الكاذب يعلم أن ما يقوله كذب ، والمخطئ لا يعلم ، وهذا الرجل ليس بمخبر ، وإنما قاله باجتهاد أداه إلى أن الوتر واجب ، والاجتهاد لا يدخله الكذب ، وإنما يدخله الخطأ .
وأبو محمد صحابي ، واسمه مسعود بن زيد .
وقد استعملت العرب الكذب في موضع الخطأ ، قال الأخطل :
كذبتك عينك أم رأيت بواسط غلس الظلام من الرباب خيالا
وقال : ذو الرمةما في سمعه كذب
* ومنه حديث عروة : " قيل له : إن يقول : إن النبي صلى الله عليه وسلم لبث ابن عباس بمكة بضع عشرة سنة ، فقال : كذب " أي : أخطأ .* ومنه : " قول عمر لسمرة حين قال : المغمى عليه يصلي مع كل صلاة صلاة حتى يقضيها ، قال : كذبت ، ولكنه يصليهن معا " أي : أخطأت ، وقد تكرر في الحديث .
( هـ ) وفي حديث الزبير : " قال يوم اليرموك : إن شددت عليهم فلا تكذبوا " أي : [ ص: 160 ] فلا تجبنوا وتولوا ، يقال للرجل إذا حمل ثم ولى : كذب عن قرنه ، وحمل فما كذب ؛ أي : ما انصرف عن القتال ، والتكذيب في القتال : ضد الصدق فيه ، يقال : صدق القتال إذا بذل فيه الجد ، وكذب عنه إذا جبن .
( س ) وفيه : لا يصلح الكذب إلا في ثلاث قيل : أراد به معاريض الكلام الذي هو كذب من حيث يظنه السامع ، وصدق من حيث يقوله القائل .
كقوله : إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب
وكالحديث الآخر : أنه كان إذا أراد سفرا ورى بغيره
( س ) وفي حديث المسعودي : " رأيت في بيت القاسم كذابتين في السقف " الكذابة : ثوب يصور ويلزق بسقف البيت ، سميت به لأنها توهم أنها في السقف ، وإنما هي في الثوب دونه .