الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( قرب‏ ) * فيه : من تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا المراد بقرب العبد من الله تعالى القرب بالذكر والعمل الصالح ، لا قرب الذات والمكان ؛ لأن ذلك من صفات الأجسام‏ ، ‏ والله يتعالى عن ذلك ويتقدس .

                                                          والمراد بقرب الله من العبد قرب نعمه وألطافه منه ، وبره وإحسانه إليه ، وترادف مننه عنده ، وفيض مواهبه عليه‏ .

                                                          ( س ) ‏ومنه الحديث : صفة هذه الأمة في التوراة قربانهم دماؤهم القربان‏ : ‏مصدر من قرب يقرب ؛ أي : يتقربون إلى الله تعالى بإراقة دمائهم في الجهاد ، وكان قربان الأمم السالفة ذبح البقر والغنم والإبل‏ .

                                                          ( س ) ‏ومنه الحديث : الصلاة قربان كل تقي أي : أن الأتقياء من الناس يتقربون بها إلى الله ؛ أي : يطلبون القرب منه بها‏ .

                                                          ومنه حديث الجمعة : من راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة أي : كأنما أهدى ذلك إلى الله تعالى ، كما يهدى القربان إلى بيت الله الحرام‏ .

                                                          [ ص: 33 ] ( هـ ) ‏وفي حديث ابن عمر : " إن كنا لنلتقي في اليوم مرارا يسأل بعضنا بعضا ، وإن نقرب بذلك إلا أن نحمد الله تعالى " قال الأزهري‏ : أي ما نطلب بذلك إلا حمد الله تعالى‏ .

                                                          قال الخطابي‏ : ‏نقرب أي : نطلب‏ ، ‏ والأصل فيه : طلب الماء‏ .

                                                          * ومنه " ليلة القرب " وهي الليلة التي يصبحون منها على الماء ، ثم اتسع فيه فقيل‏ : ‏فلان يقرب حاجته‏ ؛ أي : يطلبها ، وإن الأولى هي المخففة من الثقيلة ، والثانية نافية‏ .

                                                          ومنه الحديث : قال له رجل : ما لي هارب ولا قارب القارب‏ : ‏الذي يطلب الماء‏ ، ‏ أراد ليس لي شيء‏ .

                                                          * ومنه حديث علي : " وما كنت إلا كقارب ورد ، وطالب وجد‏ "

                                                          * وفيه : إذا تقارب الزمان وفي رواية : اقترب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب أراد اقتراب الساعة‏ . ‏وقيل‏ : ‏اعتدال الليل والنهار ، وتكون الرؤيا فيه صحيحة لاعتدال الزمان‏ ، ‏ واقترب‏ : ‏افتعل ، من القرب ، ‏ وتقارب : ‏تفاعل منه‏ ، ويقال للشيء إذا ولى وأدبر‏ : تقارب‏ .

                                                          ( هـ ) ومنه حديث المهدي : يتقارب الزمان حتى تكون السنة كالشهر أراد‏ : ‏يطيب الزمان حتى لا يستطال ، وأيام السرور والعافية قصيرة‏ .

                                                          وقيل‏ : ‏هو كناية عن قصر الأعمار وقلة البركة .

                                                          ( هـ ) وفيه : سددوا وقاربوا أي : اقتصدوا في الأمور كلها ، واتركوا الغلو فيها والتقصير‏ ، ‏يقال : ‏قارب فلان في أموره إذا اقتصد‏ ، ‏وقد تكرر في الحديث .

                                                          ( هـ ) وفي حديث ابن مسعود : أنه سلم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة فلم يرد عليه ، قال : فأخذني ما قرب وما بعد يقال للرجل إذا أقلقه الشيء وأزعجه‏ : ‏أخذه ما قرب وما بعد ، وما قدم وما حدث ، كأنه يفكر ويهتم في بعيد أموره وقريبها‏ ، ‏يعني : أيها كان سببا في الامتناع من رد السلام‏ .

                                                          * وفي حديث أبي هريرة : " لأقربن بكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم " أي : لآتينكم بما يشبهها ويقرب منها‏ .

                                                          [ ص: 34 ] * ومنه حديثه الآخر : " إني لأقربكم شبها بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم " .

                                                          * وفيه : " من غير المطربة والمقربة فعليه لعنة الله " المقربة‏ : ‏طريق صغير ينفذ إلى طريق كبير ، وجمعها‏ : ‏المقارب‏ . ‏وقيل‏ : ‏هو من القرب ، وهو السير بالليل‏ . ‏وقيل : السير إلى الماء‏ .

                                                          ( هـ ) ومنه الحديث : ثلاث لعينات : رجل عور طريق المقربة‏

                                                          ( هـ ) وفي حديث عمر : " ما هذه الإبل المقربة " هكذا روي بكسر الراء‏ ، ‏وقيل‏ : ‏هي بالفتح وهي التي حزمت للركوب‏ ، ‏وقيل : هي التي عليها رحال مقربة بالأدم ، وهو من مراكب الملوك ، وأصله من القراب‏ .

                                                          ( هـ ) وفي كتابه لوائل بن حجر : " لكل عشرة من السرايا ما يحمل القراب من التمر " هو شبه الجراب يطرح فيه الراكب سيفه بغمده وسوطه ، وقد يطرح فيه زاده من تمر وغيره‏ .

                                                          قال الخطابي‏ : ‏الرواية بالباء هكذا ، ولا موضع لها هاهنا ، وأراه " القراف " جمع قرف ، وهي أوعية من جلود يحمل فيها الزاد للسفر ، وتجمع على‏ ‏قروف أيضا .

                                                          ( هـ ) ‏وفيه : إن لقيتني بقراب الأرض خطيئة أي : بما يقارب ملأها ، وهو مصدر‏ ‏قارب يقارب‏ .

                                                          ‏ ( ‏س‏ ) ‏وفيه : اتقوا قراب المؤمن ؛ فإنه ينظر بنور الله وروي " قرابة المؤمن " يعني : فراسته وظنه الذي هو قريب من العلم والتحقيق ، لصدق حدسه وإصابته ، يقال : ما هو بعالم ، ولا قراب عالم ، ولا قرابة عالم ، ولا قريب عالم .

                                                          ( هـ ) وفي حديث المولد : " فخرج عبد الله أبو النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم متقربا متخصرا بالبطحاء " أي واضعا يده على قربه‏ ؛ ‏أي : خاصرته‏ .

                                                          وقيل‏ : ‏هو الموضع الرقيق أسفل من السرة‏ .

                                                          [ ص: 35 ] وقيل‏ : ‏متقربا ؛ أي : مسرعا عجلا ، ويجمع على أقراب‏ .

                                                          ومنه قصيد كعب بن زهير‏ :


                                                          يمشي القراد عليها ثم يزلقه عنها لبان وأقراب زهاليل‏



                                                          * وفي حديث الهجرة : " أتيت فرسي فركبتها فرفعتها تقرب بي " قرب تقريبا إذا عدا عدوا دون الإسراع ، وله تقريبان ، أدنى وأعلى‏ .

                                                          ‏ ( ‏س‏ ) ‏وفي حديث الدجال : فجلسوا في أقرب السفينة هي سفن صغار تكون مع السفن الكبار البحرية كالجنائب لها ، واحدها‏ : ‏قارب ، وجمعها‏ : ‏قوارب ، فأما أقرب فغير معروف في جمع قارب ، إلا أن يكون على غير قياس‏ .

                                                          وقيل‏ : ‏أقرب السفينة أدانيها ؛ أي : ما قارب إلى الأرض منها‏ .

                                                          ( س‏ ) ‏وفي حديث عمر : " إلا حامى على قرابته " أي : أقاربه‏ . ‏سموا بالمصدر ، كالصحابة‏ .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية