5809 5810 5811 ص: وكان من الحجة لهم في ذلك "أن رسول الله -عليه السلام - جعل العائد في هبته كالعائد في قيئه ، ولم يبين لنأمل من العائد في قيئه ، فقد يجوز أن يكون أراد الرجل العائد في قيئه فيكون قد جعل العائد في هبته كالعائد فيما هو حرام عليه ، فثبت بذلك ما قال أهل المقالة الأولى .
[ ص: 314 ] وقد يجوز أن يكون أراد الكلب العائد في قيئه ، والكلب غير متعبد بتحريم ولا تحليل فيكون العائد في هبته عائدا في قذر كالقذر الذي يعود فيه الكلب فلا يثبت بذلك منع الواهب من الرجوع في الهبة .
فنظرنا : هل نجد من الآثار ما يدل على مراد رسول الله -عليه السلام - في الحديث الأول ما هو ؟
فإذا فهد قد حدثنا ، قال : ثنا يحيى بن عبد الحميد ، قال : ثنا عبد الله بن المبارك ، عن خالد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي -عليه السلام - قال : " ليس لنا مثل السوء ; الراجع في هبته كالكلب يرجع في قيئه " .
حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : ثنا معلى بن أسد ، قال : ثنا وهيب ، عن عبد الله بن طاوس ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، عن النبي -عليه السلام - قال : " العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود فيه " .
فدل هذا الحديث أن رسول الله -عليه السلام - إنما أراد بما قد ذكرناه في الحديث الأول تنزيه أمته عن أمثال الكلاب لا أنه أبطل أن يكون لهم الرجوع في هباتهم .


