الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                5865 5866 5867 5868 ص: ومما يدل أيضا على صحة ما ذكرنا : أن يونس حدثنا ، قال : ثنا سفيان ، [ ، عن ابن جريج ، عن عطاء] ، عن جابر قال : قال رسول الله -عليه السلام - : " لا تعمروا ولا ترقبوا ، فمن أعمر شيئا أو أرقبه فهو للوارث إذا مات " .

                                                حدثنا روح بن الفرج ، قال : ثنا عمرو بن خالد ، قال : ثنا زهير بن معاوية ، قال : ثنا أبو الزبير ، عن جابر قال : قال رسول الله -عليه السلام - : " أمسكوا عليكم أموالكم لا تفسدوها ، فإنه من أعمر فهي له حيا وميتا ولعقبه " .

                                                [ ص: 382 ] حدثنا يزيد بن سنان ، قال : ثنا وهب بن جرير قال : ثنا هشام ، [ ، عن أبي الزبير] ، عن جابر قال : قال رسول الله -عليه السلام - : " من أعمر عمرى حياته فهي له في حياته ولورثته بعد موته " .

                                                حدثنا فهد ، قال : ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : ثنا ابن أبي زائدة ، عن أبيه ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن حميد ، عن جابر قال : " نحل رجل منا أمه نحلى لها حياتها ، فلما ماتت قال : أنا أحق بنحلي ، فقضى النبي -عليه السلام - أنها ميراث " .

                                                قال ابن أبي شيبة : : ( حميد ) هذا رجل من كندة . .

                                                فقد كشفت لنا هذه الآثار مراد رسول الله -عليه السلام - في الآثار التي قبلها ، وأنها على ما وصفنا من التأويل الذي ذكرنا .

                                                التالي السابق


                                                ش: أي : ومن الذي يدل على صحة ما ذكرنا من أن العمرى جائزة ، وأنها لا تكون عمرى حتى تجعل له ولعقبه ; حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - .

                                                أخرجه من أربع طرق :

                                                الأول : رجاله كلهم رجال الصحيح .

                                                وأخرجه النسائي : عن محمد بن عبد الله بن يزيد ، عن سفيان ، عن ابن جريج عن عطاء ، عن جابر . . إلى آخره نحوه .

                                                قوله : "لا تعمروا " من الإعمار ، "ولا ترقبوا " من الإرقاب ، والاسم : الرقبى وهي فعلى -بالضم - من المراقبة ، وهي أن يقول الرجل لآخر : قد وهبت لك هذه الدار ، فإن مت قبلي رجعت إلي ، وإن مت قبلك فهي لك .

                                                وقد اختلف العلماء فيها ، فأجازها أبو يوسف والشافعي وأحمد ، وأبطلها القاضي شريح وأبو حنيفة ومحمد -رحمهم الله - .

                                                الثاني : أيضا إسناده صحيح .

                                                [ ص: 383 ] وأخرجه مسلم : عن يحيى بن يحيى ، عن أبي خيثمة زهير بن معاوية ، عن أبي الزبير ، عن جابر نحوه .

                                                الثالث : أيضا صحيح :

                                                وأخرجه النسائي : أنا محمد بن عبد الأعلى ، ثنا خالد ، عن هشام ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، أن رسول الله -عليه السلام - قال : "أمسكوا عليكم أموالكم ولا تعمروها ، فمن أعمر شيئا حياته فهو له حياته وبعد موته " .

                                                الرابع : عن فهد بن سليمان ، عن أبي بكر عبد الله بن أبي شيبة ، عن يحيى بن أبي زكرياء بن أبي زائدة ، عن أبيه ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن حميد الكندي -وليس هو بحميد الطويل ، ولم أر أحدا تكلم فيه .

                                                وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه " .

                                                قوله : "فقد كشفت لنا هذه الآثار " أي الأحاديث المروية فيما مضى .




                                                الخدمات العلمية