ولنرجع إلى الغرض ، فإن هذه تلويحات تشير إلى أمور هي أعلى من علوم المعاملة فنقول: ظهر أن وهذه المقاومة من خاصة الآدميين لما وكل بهم من الكرام الكاتبين ولا يكتبان شيئا عن الصبيان والمجانين إذ قد ذكرنا أن الحسنة في الإقبال على الاستفادة منهما ، والسيئة في الإعراض عنهما ، وما للصبيان والمجانين سبيل إلى الاستفادة فلا يتصور منهما إقبال وإعراض وهما لا يكتبان إلا الإقبال والإعراض من القادرين على الإقبال والإعراض ، ولعمري إنه قد تظهر مبادئ إشراق نور الهداية عند سن التمييز وتنمو على التدريج إلى سن البلوغ كما يبدو نور الصبح إلى أن يطلع قرص الشمس ولكنها هداية قاصرة لا ترشد إلى مضار الآخرة بل إلى مضار الدنيا ، فلذلك يضرب على ترك الصلوات ناجزا ولا يعاقب على تركها في الآخرة ولا يكتب عليه من الصحائف ما ينشر في الآخرة بل على القيم العدل والولي البر الشفيق . الصبر عبارة عن ثبات باعث الدين في مقاومة باعث الهوى ،
إن كان من الأبرار ، وكان على سمت الكرام الكاتبين البررة الأخيار أن يكتب على الصبي سيئته وحسنته على صحيفة قلبه ، فيكتبه عليه بالحفظ ثم ينشره عليه بالتعريف ثم يعذبه عليه بالضرب فكل ولي هذا سمته في حق الصبي فقد ورث أخلاق الملائكة واستعملها في حق الصبي فينال بها درجة القرب من رب العالمين كما نالته الملائكة ، فيكون مع النبيين والمقربين والصديقين وإليه الإشارة بقوله صلى الله عليه وسلم : كهاتين في الجنة ، وأشار إلى إصبعيه اليتيم الكريمتين صلى الله عليه وسلم . أنا وكافل