القسم الثاني: ما لا يرتبط هجومه باختياره ، وله اختيار في دفعه ، كما لو أوذي بفعل أو قول ، وجنى عليه في نفسه أو ماله ، فالصبر على ذلك بترك المكافأة تارة يكون واجبا ، وتارة يكون فضيلة ، قال بعض الصحابة رضوان الله عليهم : ما كنا نعد إيمان الرجل إيمانا إذا لم يصبر على الأذى وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=12ولنصبرن على ما آذيتمونا وعلى الله فليتوكل المتوكلون .
nindex.php?page=hadith&LINKID=653153وقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة مالا ، فقال بعض الأعراب من المسلمين : هذه قسمة ما أريد بها وجه الله ، فأخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحمرت وجنتاه ثم قال : يرحم الله أخي موسى لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر وقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=48ودع أذاهم وتوكل على الله ، وقال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=10واصبر على ما يقولون واهجرهم هجرا جميلا وقال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=97ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=98فسبح بحمد ربك الآية ، وقال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=186ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور أي : تصبروا عن المكافأة ولذلك مدح الله تعالى العافين عن حقوقهم في القصاص وغيره ، فقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=126وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين .
nindex.php?page=hadith&LINKID=697655وقال صلى الله عليه وسلم : صل من قطعك ، وأعط من حرمك ، واعف عمن ظلمك ورأيت في الإنجيل ، قال
عيسى ابن مريم عليه السلام : لقد قيل لكم من قبل : إن السن بالسن ، والأنف بالأنف ، وأنا أقول لكم : لا تقاوموا بالشر بل من ضرب خدك الأيمن فحول إليه الخد الأيسر ، ومن أخذ رداءك فأعطه إزارك ، ومن سخرك لتسير معه ميلا فسر معه ميلين . وكل ذلك أمر بالصبر على الأذى ،
nindex.php?page=treesubj&link=19581_19583فالصبر على أذى الناس من أعلى مراتب الصبر لأنه يتعاون فيه باعث الدين وباعث الشهوة والغضب جميعا .
الْقِسْمُ الثَّانِي: مَا لَا يَرْتَبِطُ هُجُومُهُ بِاخْتِيَارِهِ ، وَلَهُ اخْتِيَارٌ فِي دَفْعِهِ ، كَمَا لَوْ أُوذِيَ بِفِعْلٍ أَوْ قَوْلٍ ، وَجَنَى عَلَيْهِ فِي نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ ، فَالصَّبْرُ عَلَى ذَلِكَ بِتَرْكِ الْمُكَافَأَةِ تَارَةً يَكُونُ وَاجِبًا ، وَتَارَةً يَكُونُ فَضِيلَةً ، قَالَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ : مَا كُنَّا نَعُدُّ إِيمَانَ الرَّجُلِ إِيمَانًا إِذَا لَمْ يَصْبِرْ عَلَى الْأَذَى وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=12وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ .
nindex.php?page=hadith&LINKID=653153وَقَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّةً مَالًا ، فَقَالَ بَعْضُ الْأَعْرَابِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ : هَذِهِ قِسْمَةٌ مَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ ، فَأُخْبِرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاحْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ ثُمَّ قَالَ : يَرْحَمُ اللَّهُ أَخِي مُوسَى لَقَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ وَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=48وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ، وَقَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=10وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلا وَقَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=97وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=98فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ الْآيَةَ ، وَقَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=186وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنَ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنَ عَزْمِ الأُمُورِ أَيْ : تَصْبِرُوا عَنِ الْمُكَافَأَةِ وَلِذَلِكَ مَدَحَ اللَّهُ تَعَالَى الْعَافِينَ عَنْ حُقُوقِهِمْ فِي الْقَصَاصِ وَغَيْرِهِ ، فَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=126وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ .
nindex.php?page=hadith&LINKID=697655وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : صِلْ مَنْ قَطَعَكَ ، وَأَعْطِ مَنْ حَرَمَكَ ، وَاعْفُ عَمَّنْ ظَلَمَكَ وَرَأَيْتُ فِي الْإِنْجِيلِ ، قَالَ
عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ : لَقَدْ قِيلَ لَكُمْ مِنْ قَبْلُ : إِنَّ السِّنَّ بِالسِّنِّ ، وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ ، وَأَنَا أَقُولُ لَكُمْ : لَا تُقَاوِمُوا بِالشَّرِّ بَلْ مِنْ ضَرَبَ خَدَّكَ الْأَيْمَنَ فَحَوِّلْ إِلَيْهِ الْخَدَّ الْأَيْسَرَ ، وَمَنْ أَخَذَ رِدَاءَكَ فَأَعْطِهِ إِزَارَكَ ، وَمَنْ سَخَّرَكَ لِتَسِيرَ مَعَهُ مِيلًا فَسِرْ مَعَهُ مِيلَيْنِ . وَكُلُّ ذَلِكَ أَمْرٌ بِالصَّبْرِ عَلَى الْأَذَى ،
nindex.php?page=treesubj&link=19581_19583فَالصَّبْرُ عَلَى أَذَى النَّاسِ مِنْ أَعْلَى مَرَاتِبِ الصَّبْرِ لِأَنَّهُ يَتَعَاوَنُ فِيهِ بَاعِثُ الدِّينِ وَبَاعِثُ الشَّهْوَةِ وَالْغَضَبِ جَمِيعًا .