وروي عن عطاء أنه قال : دخلت على رضي الله عنها فقلت أخبرينا بأعجب ما رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبكت وقالت : وأي شأنه لم يكن عجبا أتاني ليلة فدخل معي في فراشي أو قالت : في لحافي حتى مس جلدي جلده ثم قال : يا عائشة ذريني أتعبد لربي فقالت ، قلت إني أحب : قربك لكني أوثر هواك فأذنت له فقام إلى قربة ماء فتوضأ فلم يكثر صب الماء ثم قام يصلي فبكى حتى سالت دموعه على صدره ثم ركع فبكى ثم سجد فبكى ثم رفع رأسه فبكى ، فلم يزل كذلك يبكي حتى جاء بلال فآذنه بالصلاة : فقلت : يا رسول الله ما يبكيك وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ قال : أفلا أكون عبدا شكورا ولم لا أفعل ذلك وقد أنزل الله تعالى علي : ابنة أبي بكر إن في خلق السماوات والأرض الآية .
وهذا يدل على أن البكاء ينبغي أن لا ينقطع أبدا ، وإلى هذا السر يشير ما روي أنه مر بعض الأنبياء بحجر صغير يخرج منه ماء كثير فتعجب منه فأنطقه الله تعالى فقال : منذ سمعت قوله تعالى وقودها الناس والحجارة فأنا أبكي من خوفه : فسأله أن يجيره من النار فأجاره ثم رآه بعد مدة على مثل ذلك فقال : لم تبكي الآن فقال ذاك : بكاء الخوف ، وهذا وقلب العبد كالحجارة أو أشد قسوة ولا تزول قسوته إلا بالبكاء في حال الخوف والشكر جميعا وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : بكاء الشكر والسرور ينادى يوم القيامة ليقم الحمادون فتقوم زمرة فينصب لهم لواء فيدخلون الجنة قيل : ومن الحمادون ؟ قال : الذين يشكرون الله تعالى على كل حال .
وفي لفظ آخر : الذين يشكرون الله على السراء والضراء وقال صلى الله عليه وسلم : الحمد رداء الرحمن .
وأوحى الله تعالى إلى أيوب عليه السلام إني رضيت بالشكر مكافأة من أوليائي في كلام طويل وأوحى الله تعالى إليه أيضا في صفة الصابرين أن دارهم دار السلام إذا دخلوها ألهمتهم الشكر ، وهو خير الكلام ، وعند الشكر أستزيدهم ، وبالنظر إلي أزيدهم ولما نزل في الكنوز ما نزل رضي الله عنه أي : المال نتخذ ؟ فقال عليه السلام : ليتخذ أحدكم لسانا ذاكرا أو قلبا ، شاكرا عمر . قال
فأمر باقتناء القلب الشاكر بدلا عن المال وقال الشكر نصف الإيمان . ابن مسعود