ولسوء الخاتمة ، أسباب تتقدم على الموت ، مثل البدعة ، والنفاق والكبر ، وجملة من الصفات المذمومة ولذلك اشتد خوف الصحابة من النفاق حتى قال الحسن لو أعلم أني بريء من النفاق كان أحب إلي مما طلعت عليه الشمس وما عنوا به النفاق الذي هو ضد أصل الإيمان بل المراد به ما يجتمع مع أصل الإيمان فيكون مسلما منافقا ، وله علامات كثيرة ، قال صلى الله عليه وسلم : أربع من كن فيه : فهو منافق خالص ، وإن صلى وصام ، وزعم أنه مسلم ، وإن كانت فيه خصلة منهم ففيه شعبة من النفاق حتى يدعها : من إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا ائتمن خان ، وإذا خاصم فجر .
وفي لفظ آخر : وإذا عاهد غدر .
وقد فسر الصحابة والتابعون النفاق بتفاسير لا يخلو عن شيء منه إلا صديق ، إذ قال الحسن إن من النفاق اختلاف السر والعلانية واختلاف اللسان والقلب واختلاف المدخل والمخرج ومن الذي يخلو عن هذه المعاني .
بل صارت هذه الأمور مألوفة بين الناس معتادة ونسي كونها منكرا بالكلية بل جرى ذلك على قرب عهد بزمان النبوة فكيف الظن بزماننا حتى قال حذيفة رضي الله تعالى عنه: إن كان الرجل ليتكلم بالكلمة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيصير بها منافقا إني لأسمعها من أحدكم في اليوم عشر مرات وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنكم لتعملون أعمالا هي أدق في أعينكم من الشعر كنا نعدها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكبائر وقال بعضهم : علامة النفاق أن تكره من الناس ما تأتي مثله وأن تحب على شيء من الجور وأن تبغض على شيء من الحق .
وقيل : من النفاق أنه إذا مدح بشيء ليس فيه أعجبه ذلك .
وقال رجل لابن عمر رحمه الله إنا ندخل على هؤلاء الأمراء فنصدقهم فيما يقولون فإذا خرجنا تكلمنا فيهم فقال كنا نعد هذا نفاقا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وروي أنه سمع رجلا يذم الحجاج ويقع فيه فقال أرأيت لو كان الحجاج حاضرا أكنت تتكلم بما تكلمت به ؟ قال : لا .
قال كنا نعد هذا نفاقا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأشد من ذلك ما روي أن نفرا قعدوا على باب حذيفة ينتظرونه فكانوا يتكلمون في شيء من شأنه فلما خرج عليهم سكتوا حياء منه ، فقال : تكلموا فيما كنتم تقولون فسكتوا فقال كنا نعد هذا نفاقا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا حذيفة كان قد خص بعلم المنافقين وأسباب النفاق وكان يقول : إنه يأتي على القلب ساعة يمتلئ بالإيمان حتى لا يكون للنفاق فيه مغرز إبرة ، ويأتي عليه ساعة يمتلئ بالنفاق حتى لا يكون للإيمان فيه مغرز إبرة .


