وروي أن زرارة بن أبي أوفى صلى بالناس الغداة فلما قرأ فإذا نقر في الناقور خر مغشيا عليه فحمل ميتا .
ودخل يزيد الرقاشي على عمر بن عبد العزيز فقال عظني يا يزيد ، فقال : يا أمير المؤمنين ، اعلم أنك لست أول خليفة يموت فبكى ، ثم قال : زدني قال : يا أمير المؤمنين ليس بينك وبين آدم أب إلا ميت فبكى ، ثم قال : زدني يا يزيد ، فقال : يا أمير المؤمنين ليس بينك وبين الجنة والنار منزل فخر مغشيا عليه .
وقال ميمون بن مهران لما نزلت هذه الآية وإن جهنم لموعدهم أجمعين صاح سلمان الفارسي ووضع يده على رأسه وخرج هاربا ثلاثة أيام لا يقدرون عليه .
ورأى داود الطائي امرأة تبكي على رأس قبر ولدها وهي تقول : يا ابناه ، ليت شعري أي خديك بدأ به الدود أولا ، فصعق داود وسقط مكانه .
وقيل : مرض سفيان الثوري فعرض دليله على طبيب ذمي فقال هذا رجل قطع الخوف كبده ثم جاء وجس عروقه ثم قال : ما علمت أن في الملة الحنيفية مثله .
وقال أحمد بن حنبل رحمة الله عليه سألت الله عز وجل أن يفتح علي بابا من الخوف ففتح فخفت على عقلي فقلت : يا رب على قدر ما أطيق فسكن قلبي .
وقال عبد الله بن عمرو بن العاص ابكوا ، فإن لم تبكوا فتباكوا ، فوالذي نفسي بيده لو يعلم العلم أحدكم لصرخ حتى ينقطع صوته وصلى حتى ينكسر صلبه وكأنه أشار إلى معنى قوله صلى الله عليه وسلم : لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا .
وقال العنبري اجتمع أصحاب الحديث على باب الفضيل بن عياض فاطلع عليهم من كوة وهو يبكي ولحيته ترجف فقال : عليكم بالقرآن عليكم بالصلاة ، ويحكم ليس هذا زمان حديث إنما هذا زمان بكاء وتضرع واستكانة ودعاء كدعاء الغريق ، إنما هذا زمان : احفظ لسانك وأخف مكانك ، وعالج قلبك ، وخذ ما تعرف ودع ما تنكر .
ورئي الفضيل يوما وهو يمشي فقيل له : إلى أين ؟ قال : لا أدري ، وكان يمشي والها من الخوف .
وقال : ذر بن عمر لأبيه عمر بن ذر ما بال المتكلمين يتكلمون فلا يبكي أحد ، فإذا تكلمت أنت سمعت البكاء من كل جانب ، فقال : يا بني ليست النائحة الثكلى كالنائحة المستأجرة .


