الشطر الأول من الكتاب في الفقر
وفيه بيان حقيقة الفقر ، وبيان فضيلة الفقر مطلقا ، وبيان خصوص فضيلة الفقراء ، وبيان فضيلة الفقير على ، الغني وبيان أدب الفقير في فقره ، وبيان أدبه في قبوله العطاء ، وبيان تحريم السؤال بغير ضرورة ، وبيان مقدار الغنى المحرم للسؤال ، وبيان أحوال السائلين والله الموفق بلطفه وكرمه .
بيان حقيقة الفقر واختلاف .أحوال الفقير وأساميه
اعلم أن أما فقد ما لا حاجة إليه فلا يسمى فقرا . الفقر عبارة عن فقد ما هو محتاج إليه
وإن كان المحتاج إليه موجودا مقدورا عليه لم يكن المحتاج فقيرا وإذا فهمت هذا لم تشك في أن كل موجود سوى الله تعالى فهو فقير ؛ لأنه محتاج إلى دوام الوجود في ثاني الحال ، ودوام وجود مستفاد من فضل الله تعالى ، وجوده فإن كان في الوجود موجود ليس وجوده مستفادا له من غيره فهو الغني المطلق ، ولا يتصور أن يكون مثل هذا الموجود إلا واحدا فليس في الوجود إلا غني واحد وكل من عداه فإنهم محتاجون إليه ليمدوا وجودهم بالدوام وإلى هذا الحصر الإشارة بقوله تعالى : والله الغني وأنتم الفقراء هذا معنى الفقر مطلقا .