وقال قاسم الجوعي الزهد في الدنيا هو الزهد في الجوف ، فبقدر ما تملك من بطنك كذلك تملك من الزهد وهذا إشارة إلى الزهد في شهوة واحدة ولعمري هي أغلب الشهوات على الأكثر وهي المهيجة لأكثر الشهوات ، وقال الفضيل الزهد في الدنيا هو القناعة وهذا إشارة إلى المال خاصة ، وقال الثوري الزهد هو قصر الأمل وهو جامع لجميع الشهوات ، فإن من يميل إلى الشهوات يحدث نفسه بالبقاء ، فيطول أمله ومن قصر أمله فكأنه رغب عن الشهوات كلها وقال أويس إذا خرج الزاهد يطلب ذهب الزهد عنه وما قصد بهذا حد الزهد ولكن جعل التوكل شرطا في الزهد .
وقال أيضا الزهد هو ترك الطلب للمضمون وهو إشارة إلى الرزق وقال أهل الحديث حب الدنيا هو العمل بالرأي والمعقول ، والزهد إنما هو اتباع العلم ولزوم السنة وهذا إن أريد به الرأي الفاسد والمعقول الذي يطلب به الجاه في الدنيا فهو صحيح ، ولكنه إشارة إلى بعض أسباب الجاه خاصة أو إلى بعض ما هو من فضول الشهوات . فإن من العلوم ما لا فائدة فيه في الآخرة وقد طولوها حتى ينقضي عمر الإنسان في الاشتغال بواحد منها ، أويس وقال الحسن الزاهد الذي إذا رأى أحدا قال : هذا أفضل مني فذهب إلى أن الزهد هو التواضع وهذا إشارة إلى نفي الجاه والعجب وهو بعض أقسام الزهد وقال بعضهم : الزهد هو طلب الحلال وأين هذا ممن يقول : الزهد هو ترك الطلب كما قال فشرط الزاهد أن يكون الفضول أول مرغوب عنه عنده ولا شك في أنه أراد به ترك طلب الحلال وقد كان يوسف بن أسباط يقول : من صبر على الأذى وترك الشهوات وأكل الخبز من الحلال فقد أخذ بأصل الزهد . أويس
وفي الزهد أقاويل وراء ما نقلناه فلم نر في نقلها فائدة .