واعلم أن فإن لم يكن معلوم ووقف وأمر الخادم بالخروج للطلب لم يصح معه التوكل إلا على ضعف ولكن يقوى بالحال والعلم كتوكل المكتسب وإن لم يسألوا بل قنعوا بما يحمل . الجلوس في رباطات الصوفية مع معلوم بعيد من التوكل
إليهم فهذا أقوى في توكلهم لكنه بعد اشتهار القوم بذلك فقد صار لهم سوقا ، فهو كدخول السوق : ولا يكون داخل السوق متوكلا إلا بشروط كثيرة كما سبق .
فإن قلت : فما الأفضل أن يقعد في بيته ، أو يخرج ويكتسب ؟ فاعلم أنه إن كان يتفرغ بترك الكسب لفكر وذكر وإخلاص واستغراق وقت بالعبادة وكان الكسب يشوش عليه ذلك وهو مع هذا لا تستشرف نفسه إلى الناس في انتظار من يدخل عليه فيحمل إليه شيئا بل يكون قوي القلب في الصبر والاتكال على الله تعالى فالمقصود ، له أولى وإن كان يضطرب قلبه في البيت ، ويستشرف إلى الناس فالكسب أولى ؛ لأن استشراف القلب إلى الناس سؤال بالقلب وتركه أهم من ترك الكسب .