أن تسمع الحكايات التي فيها عجائب صنع الله تعالى في وصول الرزق إلى صاحبه وفيها عجائب قهر الله تعالى في إهلاك أموال التجار والأغنياء ، وقتلهم جوعا ، كما روي عن وينفع حسن الظن بمجيء الرزق من فضل الله تعالى بواسطة الأسباب الخفية حذيفة المرعشي وقد كان خدم فقيل له : ما أعجب ما رأيت منه ؟ فقال بقينا : في طريق مكة أياما لم نجد طعاما ثم دخلنا الكوفة ، فأوينا إلى مسجد خراب ، فنظر إلي إبراهيم بن أدهم إبراهيم وقال : يا أرى بك الجوع ، فقلت : هو ما رأى الشيخ ، فقال علي : بدواة وقرطاس ، فجئت به إليه فكتب بسم الله الرحمن الرحيم أنت المقصود إليه بكل حال ، والمشار إليه بكل معنى وكتب شعرا . حذيفة ،
أنا حامد ، أنا شاكر ، أنا ذاكر أنا جائع ، أنا ضائع : أنا عاري هي ستة ، وأنا الضمين لنصفها فكن الضمين لنصفها يا باري مدحي لغيرك لهب نار خضتها : فأجر عبيدك من دخول النار ، ثم دفع إلي الرقعة فقال : اخرج ولا تعلق قلبك بغير الله تعالى ، وادفع الرقعة إلى أول من يلقاك : فخرجت ، فأول من لقيني كان رجلا على بغلة فناولته الرقعة ، فأخذها فلما وقف عليها بكى وقال : ما فعل صاحب هذه الرقعة ؟ فقلت : هو في المسجد الفلاني فدفع ، إلي صرة فيها ستمائة دينار ثم لقيت رجلا آخر فسألته عن راكب البغلة .
فقال هذا نصراني ، فجئت إلى إبراهيم وأخبرته بالقصة ، فقال : لا تمسها : فإنه يجيء الساعة ، فلما كان بعد ساعة دخل النصراني وأكب على رأس إبراهيم يقبله وأسلم .
وقال أبو يعقوب الأقطع البصري جعت مرة بالحرم عشرة أيام ، فوجدت ضعفا فحدثتني نفسي بالخروج فخرجت إلى الوادي لعلي أجد شيئا يسكن ضعفي فرأيت سلجمة مطروحة فأخذتها فوجدت في قلبي منها وحشة ، وكأن قائلا يقول لي : جعت عشرة أيام ، وآخره يكون حظك سلجمة متغيرة ، فرميت بها ، ودخلت المسجد وقعدت ، فإذا أنا برجل أعجمي قد أقبل حتى جلس بين يدي ووضع قمطرة وقال : هذه لك ، فقلت : كيف خصصتني بها ، قال : اعلم أنا كنا في البحر منذ عشرة أيام وأشرفت السفينة على الغرق فنذرت إن خلصني الله تعالى أن أتصدق بهذه على أول من يقع عليه بصري من المجاورين وأنت أول من لقيته ، فقلت افتحها ففتحتها ، فإذا فيها سميد مصري ولوز مقشور وسكر كعاب ، فقبضت قبضة من ذا وقبضة من ذا وقلت رد الباقي إلى أصحابك هدية مني إليكم ، وقد قبلتها ثم قلت في نفسي : رزقك يسير إليك من عشرة أيام ، وأنت تطلبه من الوادي .
وقال ممشاد الدينوري : كان علي دين فاشتغل قلبي بسببه فرأيت في النوم كأن قائلا يقول : يا بخيل ، أخذت علينا هذا المقدار من الدين خذ عليك الأخذ وعلينا العطاء فما حاسبت بعد ذلك بقالا ولا قصابا ولا غيرهما .
وحكي عن بنان الحمال قال : كنت في طريق مكة أجيء من مصر ومعي زاد فجاءتني امرأة وقالت لي يا بنان : أنت حمال تحمل على ظهرك الزاد ، وتتوهم أنه لا يرزقك قال فرميت بزادي ثم أتى علي ثلاث لم آكل فوجدت خلخالا في الطريق ، فقلت في نفسي : أحمله حتى يجيء صاحبه فربما يعطيني شيئا ، فأرده عليه ، فإذا أنا بتلك المرأة فقالت لي : أنت تاجر تقول عسى يجيء صاحبه ، فآخذ منه شيئا ثم رمت لي شيئا من الدراهم وقالت أنفقها فاكتفيت ، بها إلى قريب مكة .
وحكي أن بنانا احتاج إلى جارية تخدمه فانبسط إلى إخوانه فجمعوا له ثمنها وقالوا : هو ذا يجيئ النفير فنشتري ما يوافق فلما ورد النفير اجتمع رأيهم على واحدة وقالوا : إنها تصلح له ، فقالوا لصاحبها : بكم هذه ؟ فقال : إنها ليست للبيع فألحوا عليه فقال : إنها لبنان الحمال ، أهدتها إليه امرأة من سمرقند ، فحملت إلى بنان وذكرت له القصة .