الفن الثاني في التعرض لأسباب الادخار فمن : الأولى أن يأخذ قدر حاجته في الوقت ، فيأكل إن كان جائعا ويلبس إن كان عاريا ، ويشتري مسكنا مختصرا إن كان محتاجا ويفرق الباقي في الحال ولا يأخذه ولا يدخره إلا بالقدر الذي يدرك به من يستحقه ، ويحتاج إليه فيدخره على هذه النية فهذا هو الوفي بموجب التوكل ؛ تحقيقا ، وهي الدرجة العليا الحالة الثانية المقابلة لهذه المخرجة له عن حدود التوكل أن يدخر لسنة فما فوقها ، فهذا ليس من المتوكلين أصلا وقد قيل : لا يدخر من الحيوانات إلا ثلاثة الفأرة : والنملة وابن آدم الحالة الثالثة : أن يدخر لأربعين يوما فما دونها ، فهذا هل يوجب حرمانه من المقام المحمود الموعود في الآخرة للمتوكلين ؟ اختلفوا فيه فذهب سهل إلى أنه يخرج عن حد التوكل . حصل له مال بإرث أو كسب أو سؤال أو سبب من الأسباب فله في الادخار ثلاثة أحوال
وذهب الخواص إلى أنه لا يخرج بأربعين يوما ، ويخرج بما يزيد على الأربعين .
وقال أبو طالب المكي لا يخرج عن حد التوكل بالزيادة على الأربعين أيضا وهذا اختلاف لا معنى له بعد تجويز أصل الادخار ، نعم يجوز أن يظن ظان أن أصل الادخار يناقض التوكل ، فأما التقدير بعد ذلك فلا مدرك له .