وكل ثواب موعود على رتبة فإنه يتوزع على تلك الرتبة ، وتلك الرتبة لها بداية ونهاية ، ويسمى أصحاب النهايات السابقين وأصحاب البدايات أصحاب اليمين ثم أصحاب اليمين أيضا على درجات ، وكذلك السابقون ، وأعالي درجات أصحاب اليمين تلاصق أسافل درجات السابقين فلا معنى للتقدير في مثل هذا ، بل التحقيق أن وأما عدم آمال البقاء فيبعد اشتراطه ، ولو في نفس ، فإن ذلك كالممتنع وجوده أما الناس فمتفاوتون في طول الأمل وقصره وأقل درجات الأمل يوم وليلة فما دونه من الساعات وأقصاه ما يتصور أن يكون عمر الإنسان ، وبينهما درجات لا حصر لها ، فمن لم يؤمل أكثر من شهر أقرب إلى المقصود ممن يؤمل سنة وتقييده بأربعين ، لأجل ميعاد التوكل بترك الادخار لا يتم إلا بقصر الأمل موسى عليه السلام بعيد فإن تلك الواقعة ما قصد بها بيان مقدار ما رخص الأمل فيه ، ولكن استحقاق موسى لنيل الموعود كان لا يتم إلا بعد أربعين يوما لسر جرت به وبأمثاله سنة الله تعالى في تدريج الأمور كما قال عليه السلام إن الله خمر طينة آدم بيده أربعين صباحا لأن استحقاق تلك الطينة التخمر كان موقوفا على مدة مبلغها ما ذكر .