السبب الرابع أن : أو ليجرب نفسه في القدرة على الصبر ، فقد ورد في يقصد العبد بترك التداوي استبقاء المرض لينال ثواب المرض بحسن الصبر على بلاء الله تعالى ، ما يكثر ذكره ، فقد قال عليه السلام : ثواب المرض . نحن معاشر الأنبياء أشد الناس بلاء ثم الأمثل فالأمثل ، يبتلى العبد على قدر إيمانه ، فإن كان صلب الإيمان شدد عليه البلاء ، وإن كان في إيمانه ضعف خفف عنه البلاء
. إن الله تعالى يجرب عبده بالبلاء كما يجرب أحدكم ذهبه بالنار ، فمنهم من يخرج كالذهب الإبريز لا يزبد ، ومنهم دون ذلك ، ومنهم من يخرج أسود محترقا
وفي حديث من طريق أهل البيت إن الله تعالى إذا أحب عبدا ابتلاه ، فإن صبر اجتباه فإن ، رضي اصطفاه .
وقال صلى الله عليه وسلم : تحبون أن تكونوا كالحمر الضالة لا تمرضون ولا تسقمون .
قال رضي الله عنه تجد المؤمن أصح شيء قلبا وأمرضه جسما ، وتجد المنافق أصح شيء جسما وأمرضه قلبا فلما عظم الثناء على المرض والبلاء أحب قوم المرض واغتنموه لينالوا ثواب الصبر عليه فكان ، منهم من له علة يخفيها ولا يذكرها للطبيب ويقاسي العلة ويرضى بحكم الله تعالى ويعلم أن الحق أغلب على قلبه من أن يشغله المرض عنه ، وإنما يمنع المرض جوارحه وعلموا أن صلاتهم قعودا مثلا مع الصبر على قضاء الله تعالى أفضل من الصلاة قياما مع العافية والصحة ففي الخبر : إن الله تعالى يقول لملائكته : اكتبوا لعبدي الصالح ما كان يعمله فإنه في وثاقي إن أطلقته أبدلته لحما خيرا من لحمه ودما خيرا من دمه وإن توفيته توفيته إلى رحمتي . ابن مسعود
وقال صلى الله عليه وسلم : أفضل الأعمال ما أكرهت عليه النفوس .
فقيل : معناه ما دخل عليه من الأمراض والمصائب وإليه الإشارة بقوله تعالى : وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وكان سهل يقول وقصر عن الفرائض أفضل من التداوي لأجل الطاعات وكانت به علة عظيمة ، فلم يكن يتداوى منها وكان ، يداوي الناس منها وكان إذا رأى العبد يصلي من قعود ولا يستطيع أعمال البر من الأمراض فيتداوى للقيام إلى الصلاة والنهوض إلى الطاعات يعجب من ذلك ويقول : صلاته من قعود مع الرضا بحاله أفضل من التداوي للقوة والصلاة قائما . ترك التداوي وإن ضعف عن الطاعات ،
وسئل عن شرب الدواء ، فقال : كل من دخل في شيء من الدواء فإنما هو سعة من الله تعالى لأهل الضعف ، ومن لم يدخل في شيء فهو أفضل ؛ لأنه إن أخذ شيئا من الدواء ولو كان هو الماء البارد يسأل عنه لم أخذه ومن ، لم يأخذ فلا سؤال عليه وكان مذهبه ومذهب البصريين تضعيف النفس بالجوع وكسر الشهوات لعلمهم بأن ذرة من أعمال القلوب مثل الصبر والرضا والتوكل أفضل من أمثال الجبال من أعمال الجوارح والمرض لا يمنع من أعمال القلوب إلا إذا كان ألمه غالبا مدهشا .
وقال سهل رحمه الله علل الأجسام رحمة الله وعلل القلوب عقوبة .