ويدل على التفاوت ما روي أن أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس  لما زوج أخته فاطمة  من سالم  مولاه عاتبته قريش في ذلك ، وقالوا : أنكحت عقيلة من عقائل قريش لمولى ؟! فقال : والله لقد أنكحته إياها . 
وإني لأعلم أنه خير منها ، فكان قوله ذلك أشد عليهم من فعله فقالوا : وكيف وهي أختك ، وهو مولاك ؟! فقال : سمعت رسول الله : صلى الله عليه وسلم : يقول : من أراد أن ينظر إلى رجل يحب الله بكل قلبه فلينظر إلى سالم   فهذا يدل على أن من الناس من لا يحب الله بكل قلبه ، فيحبه ويحب أيضا غيره ، فلا جرم يكون نعيمه بلقاء الله عند القدوم عليه على قدر حبه ، وعذابه بفراق الدنيا عند الموت على قدر حبه لها . 
وأما السبب الثاني للكراهة ، فهو أن يكون العبد في ابتداء مقام المحبة وليس يكره الموت  وإنما يكره عجلته قبل أن يستعد للقاء الله فذلك ، لا يدل على ضعف الحب ، وهو كالمحب الذي وصله الخبر بقدوم حبيبه عليه ، فأحب أن يتأخر قدومه ساعة ليهيئ له داره ويعد له أسبابه ، فيلقاه كما يهواه فارغ القلب عن الشواغل خفيف الظهر عن العوائق فالكراهة بهذا السبب لا تنافي كمال الحب أصلا وعلامته الدؤوب في العمل واستغراق الهم في الاستعداد . 
     	
		
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					