ومنها : كما قال بعضهم : كابدت الليل عشرين سنة ثم تنعمت به عشرين سنة . أن يتنعم بالطاعة ولا يستثقلها ويسقط عنه تعبها
وقال الجنيد علامة المحب دوام النشاط والدؤوب بشهوة تفتر بدنه ولا تفتر قلبه وقال بعضهم : العمل على المحبة لا يدخله الفتور .
وقال بعض العلماء والله : ما اشتفى محب لله من طاعته ولو حل بعظيم الوسائل .
فكل هذا وأمثاله موجود في المشاهدات ؛ فإن العاشق لا يستثقل السعي في هوى معشوقه ويستلذ خدمته بقلبه ، وإن كان شاقا على بدنه ، ومهما عجز بدنه كان أحب الأشياء إليه أن تعاوده القدرة وأن يفارقه العجز حتى يشغل به ، فهكذا يكون حب الله تعالى ، فإن كل حب صار غالبا قهر لا محالة ما هو دونه ، فمن كان محبوبه أحب إليه من الكسل ترك الكسل في خدمته ، وإن كان أحب إليه من المال ترك المال في حبه .
وقيل لبعض المحبين ، وقد كان بذل نفسه وماله حتى لم يبق له شيء ما كان سبب حالك هذه في المحبة ؟ فقال : سمعت يوما محبا ، وقد خلا بمحبوبه ، وهو يقول : أنا والله أحبك بقلبي كله وأنت معرض عني بوجهك كله ، فقال له المحبوب : إن كنت تحبني فأيش تنفق علي ؟! قال : يا سيدي أملكك ما أملك ، ثم أنفق عليك روحي حتى تهلك ، فقلت : هذا خلق لخلق وعبد لعبد ، فكيف بعبيد لمعبود فكل هذا بسببه .