لَوْلَاكَ مَا طَابَتِ الْجِنَانُ وَلَا طَابَ نَعِيمٌ بِجَنَّةِ الْخُلْدِ قَوْمٌ أَرَادُوكَ لِلْجِنَانِ فَنَا
لُوهَا وَقَلْبِي سِوَاكَ لَمْ يُرِدِ
يَا حَبِيبَ الْقُلُوبِ أَنْتَ حَبِيبِي لَمْ تَزَلْ أَنْتَ مُنْيَتِي وَسُرُورِي
أَنْتَ أُنْسِي وَمُنْيَتِي وَسُرُورِي قَدْ أَبَى الْقَلْبُ أَنْ يُحِبَّ سِوَاكَا
يَا عَزِيزِي وَمُنْيَتِي وَاشْتِيَاقِي طَالَ شَوْقِي مَتَى يَكُونُ لِقَاكَا
لَيْسَ سُؤْلِي مِنَ الْجِنَانِ نَعِيمًا غَيْرَ أَنِّي أُرِيدُهَا لِأَرَاكَا
حَسْبُ الْمُحَبِّ مِنَ الْمُحِبِّ بِعِلْمِهِ أَنَّ الْحَبِيبَ بِبَابِهِ مَطْرُوحُ
وَالْقَلْبُ مِنْهُ إِنْ تَنَفَّسَ فِي الدُّجَى بِسِهَامِ لَوْعَاتِ الْهَوَى مَجْرُوحُ
وَلَوْ قَالَ لِي مُتْ مُتُّ سَمْعًا وَطَاعَةً وَقُلْتُ لِدَاعِي الْمَوْتِ أَهْلًا وَمَرْحَبَا
إِنَّ الْمَلِيكَ قَدِ اصْطَفَى خُدَّامَا مُتَوَدِّدِينَ مُوَاصِلِينَ كِرَامَا رُزِقُوا الْمَحَبَّةَ وَالْخُشُوعَ لِرَبِّهِمْ
فَتَرَى دُمُوعَهُمُ تَسِيحُ سِجَامَا يُحْيُونَ لَيْلَهُمُ بِطُولِ صَلَاتِهِمْ
لَا يَسْأَمُونَ إِذَا الْخَلِيُّ نَامَا قَوْمٌ إِذَا رَقَدَ الْعُيُونُ رَأَيْتَهُمْ
صَفْوًا لِشِدَّةِ خَوْفِهِمْ إِقْدَامَا وَتَخَالُهُمْ مِنْ طُولِ سُجُودِهِمْ
يَخْشَوْنَ مِنْ نَارِ الْإِلَهِ ضِرَامَا شُغِفُوا بِحُبِّ اللَّهِ طُولَ حَيَاتِهِمْ
فَتَجَنَّبُوا لِوِدَادِهِ الْآثَامَا
مَنْ لَمْ يَبِتْ وَالْحُبُّ حَشْوُ فُؤَادِهِ لَمْ يَدْرِ كَيْفَ تَفَتُّتُ الْأَكْبَادِ
يَا مُؤْنِسَ الْأَبْرَارِ فِي خَلَوَاتِهِمْ يَا خَيْرَ مَنْ حَلَّتْ بِهِ النُّزَّالْ
مَنْ ذَاقَ حُبَّكَ لَا يَزَالُ مُتَيَّمًا فَرِحَ الْفُؤَادِ مُتَيَّمًا بِالْبَالْ
مَنْ ذَاقَ حُبَّكَ لَا يُرَى مُتَبَسِّمًا فِي طُولِ حُزْنٍ فِي الْحَشَا إِشْعَالْ
أُحِبُّكَ حُبَّيْنِ حُبَّ الْوِدَادِ وَحَبًّا لِأَنَّكَ أَهْلٌ لِذَاكَا
فَأَمَّا الَّذِي هُوَ حُبُّ الْوِدَادِ فَحُبٌّ شُغِلْتُ بِهِ عَنْ سِوَاكَا
وَأَمَّا الَّذِي أَنْتَ أَهْلٌ لَهُ فَكَشْفُكَ لِلْحُجْبِ حَتَّى أَرَاكَا
فَمَا الْحَمْدُ فِي ذَا وَلَا ذَاكَ لِي وَلَكِنْ لَكَ الْحَمْدُ فِي ذَا وَذَاكَا
أَمُوتُ بِدَائِي لَا أُصِيبُ مُدَاوِيَا وَلَا فَرَجًا مِمَّا أَرَى مِنْ بَلَائِيَا
إِذَا كَانَ دَاءُ الْعَبْدِ حُبَّ مَلِيكِهِ فَمَنْ دُونَهُ يَرْجُو طَبِيبًا مُدَاوِيَا
مَعَ اللَّهِ يَمْضِي دَهْرَهُ مُتَلَذِّذًا مُطِيعًا تَرَاهُ كَانَ أَوْ كَانَ عَاصِيَا
يَقُولُونَ يَحْيَى جُنَّ مِنْ بَعْدِ صِحَّةٍ وَمَا بِي جُنُونٌ، بِي خَلِيلِيَ مَا بِيَا
كُلُّ مَحْبُوبٍ سِوَى اللَّهِ سَرَفْ وَهُمُومٌ وَغُمُومٌ وَأَسَفْ
كُلُّ مَحْبُوبٍ فَعَنْهُ خَلَفْ مَا خَلَا الرَّحْمَنَ مَا مِنْهُ خَلَفْ
إِنَّ لِلْحُبِّ دَلَالَاتٍ إِذَا ظَهَرَتْ مِنْ صَاحِبِ الْحُبِّ عُرِفَ
صَاحِبُ الْحُبِّ حَزِينٌ قَلْبُهُ دَائِمُ الْغُصَّةِ مَحْزُونٌ دَنِفْ
[ ص: 689 ] أَشْعَثُ الرَّأْسِ خَمْصٌ بَطْنُهُ أَصْفَرُ الْوَجْهِ وَالطَّرْفُ ذَرِفَ
دَائِمُ التَّذْكِيرِ مِنْ حُبِّ الَّذِي حُبُّهُ غَايَةُ غَايَاتِ الشَّرَفْ
فَإِذَا أَمْعَنَ فِي الْحُبِّ لَهُ وَعُلَاهُ الشَّوْقُ مِنْ دَاءٍ كَنَفْ
بَاشَرَ الْمِحْرَابَ يَشْكُو بَثَّهُ وَأَمَامَ اللَّهِ مَوْلَاهُ وَقَفْ
قَائِمًا قُدَّامَهُ مُنْتَصِبًا لَهِجًا يَتْلُو بِآيَاتِ الصُّحُفْ
رَاكِعًا طَوْرًا وَطَوْرًا سَاجِدًا بَاكِيًا وَالدَّمْعُ فِي الْأَرْضِ يَكُفّْ
أَوْرَدَ الْقَلْبَ عَلَى الْحُبِّ الَّذِي فِيهِ حُبُّ اللَّهِ حَقًّا فَعَرَفْ
ثُمَّ جَالَتْ كَفُّهُ فِي شَجَرٍ يُنْبِتُ الْحُبَّ فَسَمَّى وَاقْتَطَفْ
إِنَّ ذَا الْحُبَّ لِمَنْ يَعْنِي لَهُ لَا لِدَارٍ ذَاتِ لَهْوٍ وَطَرَفْ
لَا وَلَا الْفِرْدَوْسُ لَا يَأْلَفُهَا لَا وَلَا الْحَوْرَاءُ مِنْ فَوْقِ غُرَفْ
وَكَانَ فُؤَادِي خَالِيًا قَبْلَ حُبِّكُمْ وَكَانَ بِذِكْرِ الْخَلْقِ يَلْهُو وَيَمْرَحُ
فَلَمَّا دَعَا قَلْبِي هَوَاكَ أَجَابَهُ فَلَسْتُ أَرَاهُ عَنْ فَنَائِكَ يَبْرَحُ
رُمِيتُ بِبَيْنٍ مِنْكَ إِنْ كُنْتُ كَاذِبًا وَإِنْ كُنْتُ فِي الدُّنْيَا بِغَيْرِكَ أَفْرَحُ
فَإِنْ شِئْتَ وَاصِلْنِي وَإِنْ شِئْتَ لَمْ تَصِلْ فَلَسْتُ أَرَى قَلْبِي لِغَيْرِكَ يَصْلُحُ
يَا مَنْ فُؤَادِي عَلَيْهِ مَوْقُوفُ وَكُلُّ هَمِّي إِلَيْهِ مَصْرُوفُ
يَا حَسْرَتِي حَسْرَةً أَمُوتُ بِهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ إِلَيْكَ مَعْرُوفُ
وَلَوْ قِيلَ طَا فِي النَّاسِ أَعْلَمُ أَنَّهُ رِضًا لَكَ أَوْ مُدْنٍ لَنَا مِنْ وِصَالِكَا
لَقَدَّمْتُ رِجْلِي نَحْوَهَا فَوَطِئْتُهَا سُرُورًا لِأَنِّي قَدْ خَطَرْتُ بِبَالِكَا
إِنَّ سُلْطَانَ حُبِّهِ قَالَ لَا أَقْبَلُ الرِّشَا
فَسَلُوهُ فَدَيْتُهُ لِمْ بِقَتْلِي تَحَرَّشَا
إِذَا صَفَتِ الْمَوَدَّةُ بَيْنَ قَوْمٍ وَدَامَ وَلَاؤُهُمْ سَمَحَ الثَّنَاءُ
سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحُسَيْنِ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْأُرْجَانِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ nindex.php?page=showalam&ids=15574بُنْدَارَ بْنَ الْحُسَيْنِ يَقُولُ: رُئِيَ مَجْنُونُ بَنِي عَامِرٍ فِي الْمَنَامِ، فَقِيلَ لَهُ: مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ؟ فَقَالَ: غَفَرَ لِي وَجَعَلَنِي حُجَّةً عَلَى الْمُحِبِّينَ. سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيَّ يَقُولُ: قِيلَ لِلنَّصْرَبَاذِيِّ: لَيْسَ لَكَ مِنَ الْمَحَبَّةِ شَيْءٌ. فَقَالَ: صَدَقُوا، وَلَكِنَّ لِي حَسَرَاتِهِمْ فَهُوَ دَاءٌ أَحْتَرِقُ فِيهِ. وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: قَالَ النَّصْرَبَاذِيُّ: الْمَحَبَّةُ فِي مُجَانَبَةِ السُّلُوِّ عَلَى كُلِّ حَالٍ، ثُمَّ أَنْشَدَوَمَنْ كَانَ فِي طَوْرِ الْهَوَى ذَاقَ سَلْوَةً فَإِنِّيَ مِنْ لَيْلَى لَهَا غَيْرُ ذَائِقِ
وَأَكْثَرُ شَيْءٍ تَلْقَهُ مِنْ وِصَالِهَا أَمَانِيَ لَمْ تَصْدُقْ كَلَمْحَةِ بَارِقِ
غَرَسْتُ لِأَهْلِ الْحُبِّ غُصْنًا مِنَ الْهَوَى وَلَمْ يَكُ يَدْرِي مَا الْهَوَى أَحَدٌ قَبْلِي
فَأَوْرَقَ أَغْصَانًا وَأَيْنَعَ ضَوْءُهُ وَأَعْقَبَ لِي مُرًّا مِنَ الثَّمَرِ الْمَحْلِي
فَكُلُّ جَمِيعِ الْعَاشِقِينَ هَوَاهُمُ إِذَا نَسَبُوهُ كَانَ مِنْ ذَلِكَ الْأَصْلِ
إِذَا مَا بَدَا لِي تَعَاظَمْتُهُ فَأَصْدَرَ فِي حَالِ مَنْ لَمْ يُرِدْ
فَأَسْكَرَ الْقَوْمَ دَوْرُ كَاسٍ وَكَانَ سُكْرِي مِنَ الْمُدِيرِ
وَكَانَ الْأُسْتَاذُ أَبُو عَلِيٍّ يُنْشِدُ كَثِيرًا:لِي سَكْرَتَانِ وَلِلنَّدْمَانِ وَاحِدَةٌ شَيْءٌ خُصِصْتُ بِهِ مِنْ بَيْنِهِمْ وَحْدِي
بَكَتْ عَيْنِي غَدَاةَ الْبَيْنِ دَمْعًا وَأُخْرَى بِالْبُكَا بَخِلَتْ عَلَيْنَا
فَعَاقَبْتُ الَّتِي بَخِلَتْ بِدَمْعٍ بِأَنْ أَغْمَضْتُهَا يَوْمَ الْتَقَيْنَا
الْخَوْفُ أَوْلَى بِالْمُسِيءِ إِذَا نَالَهُ وَالْحَزَنْ
وَالْحُبُّ يَحْمِلُ بِالتَّقِيِّ وَبِالنَّقِيِّ مِنَ الدَّرَنْ
مَا يَرْجِعُ الطَّرْفُ عَنْهُ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ حَتَّى يَعُودَ إِلَيْهِ الطَّرْفُ مُشْتَاقَا
يَا مَنْ شَكَا شَوْقَهُ مِنْ طُولِ فُرْقَتِهِ اصْبِرْ لَعَلَّكَ تَلْقَى مَنْ تُحِبُّ غَدَا
وَأَبْرَحُ مَا يَكُونُ الشَّوْقُ يَوْمًا إِذَا دَنَتِ الْخِيَامُ مِنَ الْخِيَامِ
وَقِيلَ: إِنَّ الْمُشْتَاقِينَ يَحْتَسُونَ حَلَاوَةَ الْمَوْتِ عِنْدَ وُرُودِهِ لِمَا قَدْ كُشِفَتْ لَهُمْ مِنْ رُوحِ الْوُصُولِ أَحْلَى مِنَ الشَّهْدِ. سَمِعْتُ ابْنَ الْحُسَيْنِ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَلِيٍّ يَقُولُ: سَمِعْتُ جَعْفَرًا يَقُولُ: سَمِعْتُ nindex.php?page=showalam&ids=14021الْجُنَيْدَ يَقُولُ: سَمِعْتُ السَّرِيَّ يَقُولُ: الشَّوْقُ أَجَلُّ مَقَامِ الْعَارِفِ إِذَا تَحَقَّقَ فِيهِ، وَإِذَا تَحَقَّقَ فِي الشَّوْقِ لَهَا عَنْ كُلِّ شَيْءٍ يَشْغَلُهُ عَمَّنْ يَشْتَاقُ إِلَيْهِ. وَقِيلَ: أَوْحَى اللَّهُ إِلَى دَاوُدَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-: قُلْ لِشُبَّانِ بَنِي إِسْرَائِيلَ: لِمَ تَشْغَلُونَ أَنْفُسَكُمْ بِغَيْرِي وَأَنَا مُشْتَاقٌ إِلَيْكُمْ؟ مَا هَذَا الْجَفَاءُ؟! سَمِعْتُ الْأُسْتَاذَ أَبَا عَلِيٍّ يَقُولُ: بَكَى شُعَيْبٌ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- حَتَّى عَمِيَ، فَرَدَّ اللَّهُ بَصَرَهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ بَكَى حَتَّى عَمِيَ فَرَدَّ اللَّهُ بَصَرَهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ بَكَى حَتَّى عَمِيَ فَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ بَصَرَهُ، ثُمَّ بَكَى حَتَّى عَمِيَ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: إِنْ كَانَ هَذَا الْبُكَاءُ لِأَجْلِ الْجَنَّةِ فَقَدْ أَبَحْتُهَا لَكَ، وَإِنْ كَانَ لِأَجْلِ النَّارِ فَقَدْ أَعَذْتُكَ مِنْهَا. فَقَالَ: لَا، بَلْ شَوْقًا إِلَيْكَ. فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: لِأَجْلِ ذَلِكَ أَخَدَمْتُكَ نَبِيِّي وَكَلِيمِي عَشْرَ سِنِينَ. وَقِيلَ: مَنِ اشْتَاقَ إِلَى اللَّهِ اشْتَاقَ إِلَيْهِ كُلُّ شَيْءٍ. وَفِي الْخَبَرِ: nindex.php?page=hadith&LINKID=666102اشْتَاقَتْ إِلَى ثَلَاثَةٍ؛ nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ nindex.php?page=showalam&ids=56وَعَمَّارٍ وَسَلْمَانَ. وَسَمِعْتُ الْأُسْتَاذَ أَبَا عَلِيٍّ يَقُولُ: قَالَ لَنَا بَعْضُ الْمَشَايِخِ: أَنَا أَدْخُلُ السُّوقَ وَالْأَشْيَاءَ تَشْتَاقُ إِلَيَّ وَأَنَا عَنْ جَمِيعِهَا حُرٌّ .لَيْسَ فِي الْقَلْبِ وَالْعَيَانِ جَمِيعًا مَوْضِعٌ فَارِغٌ لِغَيْرِ الْحَبِيبِ وَهْوَ سَقْمِي وَصِحَّتِي وَشِفَائِي
وَبِهِ الْعَيْشُ مَا حَيِيتُ يَطِيبُ
إِذَا سَكَنَ الْغَدِيرُ عَلَى صَفَاءٍ فَيُشْبِهُ أَنْ يُحَرِّكَهُ النَّسِيمُ بَدَتْ فِيهِ السَّمَاءُ بِلَا مِرَاءٍ
كَذَاكَ الشَّمْسُ تَبْدُو وَالنُّجُومُ كَذَاكَ قُلُوبُ أَرْبَابِ التَّجَلِّي
يُرَى فِي صَفْوِهَا اللَّهُ الْعَظِيمُ
لولاك ما طابت الجنان ولا طاب نعيم بجنة الخلد قوم أرادوك للجنان فنا
لوها وقلبي سواك لم يرد
يا حبيب القلوب أنت حبيبي لم تزل أنت منيتي وسروري
أنت أنسي ومنيتي وسروري قد أبى القلب أن يحب سواكا
يا عزيزي ومنيتي واشتياقي طال شوقي متى يكون لقاكا
ليس سؤلي من الجنان نعيما غير أني أريدها لأراكا
حسب المحب من المحب بعلمه أن الحبيب ببابه مطروح
والقلب منه إن تنفس في الدجى بسهام لوعات الهوى مجروح
ولو قال لي مت مت سمعا وطاعة وقلت لداعي الموت أهلا ومرحبا
إن المليك قد اصطفى خداما متوددين مواصلين كراما رزقوا المحبة والخشوع لربهم
فترى دموعهم تسيح سجاما يحيون ليلهم بطول صلاتهم
لا يسأمون إذا الخلي ناما قوم إذا رقد العيون رأيتهم
صفوا لشدة خوفهم إقداما وتخالهم من طول سجودهم
يخشون من نار الإله ضراما شغفوا بحب الله طول حياتهم
فتجنبوا لوداده الآثاما
من لم يبت والحب حشو فؤاده لم يدر كيف تفتت الأكباد
يا مؤنس الأبرار في خلواتهم يا خير من حلت به النزال
من ذاق حبك لا يزال متيما فرح الفؤاد متيما بالبال
من ذاق حبك لا يرى متبسما في طول حزن في الحشا إشعال
أحبك حبين حب الوداد وحبا لأنك أهل لذاكا
فأما الذي هو حب الوداد فحب شغلت به عن سواكا
وأما الذي أنت أهل له فكشفك للحجب حتى أراكا
فما الحمد في ذا ولا ذاك لي ولكن لك الحمد في ذا وذاكا
أموت بدائي لا أصيب مداويا ولا فرجا مما أرى من بلائيا
إذا كان داء العبد حب مليكه فمن دونه يرجو طبيبا مداويا
مع الله يمضي دهره متلذذا مطيعا تراه كان أو كان عاصيا
يقولون يحيى جن من بعد صحة وما بي جنون، بي خليلي ما بيا
كل محبوب سوى الله سرف وهموم وغموم وأسف
كل محبوب فعنه خلف ما خلا الرحمن ما منه خلف
إن للحب دلالات إذا ظهرت من صاحب الحب عرف
صاحب الحب حزين قلبه دائم الغصة محزون دنف
[ ص: 689 ] أشعث الرأس خمص بطنه أصفر الوجه والطرف ذرف
دائم التذكير من حب الذي حبه غاية غايات الشرف
فإذا أمعن في الحب له وعلاه الشوق من داء كنف
باشر المحراب يشكو بثه وأمام الله مولاه وقف
قائما قدامه منتصبا لهجا يتلو بآيات الصحف
راكعا طورا وطورا ساجدا باكيا والدمع في الأرض يكف
أورد القلب على الحب الذي فيه حب الله حقا فعرف
ثم جالت كفه في شجر ينبت الحب فسمى واقتطف
إن ذا الحب لمن يعني له لا لدار ذات لهو وطرف
لا ولا الفردوس لا يألفها لا ولا الحوراء من فوق غرف
وكان فؤادي خاليا قبل حبكم وكان بذكر الخلق يلهو ويمرح
فلما دعا قلبي هواك أجابه فلست أراه عن فنائك يبرح
رميت ببين منك إن كنت كاذبا وإن كنت في الدنيا بغيرك أفرح
فإن شئت واصلني وإن شئت لم تصل فلست أرى قلبي لغيرك يصلح
يا من فؤادي عليه موقوف وكل همي إليه مصروف
يا حسرتي حسرة أموت بها إن لم يكن إليك معروف
ولو قيل طا في الناس أعلم أنه رضا لك أو مدن لنا من وصالكا
لقدمت رجلي نحوها فوطئتها سرورا لأني قد خطرت ببالكا
إن سلطان حبه قال لا أقبل الرشا
فسلوه فديته لم بقتلي تحرشا
إذا صفت المودة بين قوم ودام ولاؤهم سمح الثناء
سمعت محمد بن الحسين يقول: سمعت أبا سعيد الأرجاني يقول: سمعت nindex.php?page=showalam&ids=15574بندار بن الحسين يقول: رئي مجنون بني عامر في المنام، فقيل له: ما فعل الله بك؟ فقال: غفر لي وجعلني حجة على المحبين. سمعت أبا عبد الرحمن السلمي يقول: قيل للنصرباذي: ليس لك من المحبة شيء. فقال: صدقوا، ولكن لي حسراتهم فهو داء أحترق فيه. وسمعته يقول: قال النصرباذي: المحبة في مجانبة السلو على كل حال، ثم أنشدومن كان في طور الهوى ذاق سلوة فإني من ليلى لها غير ذائق
وأكثر شيء تلقه من وصالها أماني لم تصدق كلمحة بارق
غرست لأهل الحب غصنا من الهوى ولم يك يدري ما الهوى أحد قبلي
فأورق أغصانا وأينع ضوءه وأعقب لي مرا من الثمر المحلي
فكل جميع العاشقين هواهم إذا نسبوه كان من ذلك الأصل
إذا ما بدا لي تعاظمته فأصدر في حال من لم يرد
فأسكر القوم دور كاس وكان سكري من المدير
وكان الأستاذ أبو علي ينشد كثيرا:لي سكرتان وللندمان واحدة شيء خصصت به من بينهم وحدي
بكت عيني غداة البين دمعا وأخرى بالبكا بخلت علينا
فعاقبت التي بخلت بدمع بأن أغمضتها يوم التقينا
الخوف أولى بالمسيء إذا ناله والحزن
والحب يحمل بالتقي وبالنقي من الدرن
ما يرجع الطرف عنه عند رؤيته حتى يعود إليه الطرف مشتاقا
يا من شكا شوقه من طول فرقته اصبر لعلك تلقى من تحب غدا
وأبرح ما يكون الشوق يوما إذا دنت الخيام من الخيام
وقيل: إن المشتاقين يحتسون حلاوة الموت عند وروده لما قد كشفت لهم من روح الوصول أحلى من الشهد. سمعت ابن الحسين يقول: سمعت عبد الله بن علي يقول: سمعت جعفرا يقول: سمعت nindex.php?page=showalam&ids=14021الجنيد يقول: سمعت السري يقول: الشوق أجل مقام العارف إذا تحقق فيه، وإذا تحقق في الشوق لها عن كل شيء يشغله عمن يشتاق إليه. وقيل: أوحى الله إلى داود -عليه السلام-: قل لشبان بني إسرائيل: لم تشغلون أنفسكم بغيري وأنا مشتاق إليكم؟ ما هذا الجفاء؟! سمعت الأستاذ أبا علي يقول: بكى شعيب -عليه السلام- حتى عمي، فرد الله بصره عليه، ثم بكى حتى عمي فرد الله بصره عليه، ثم بكى حتى عمي فرد الله عليه بصره، ثم بكى حتى عمي فأوحى الله إليه: إن كان هذا البكاء لأجل الجنة فقد أبحتها لك، وإن كان لأجل النار فقد أعذتك منها. فقال: لا، بل شوقا إليك. فأوحى الله إليه: لأجل ذلك أخدمتك نبيي وكليمي عشر سنين. وقيل: من اشتاق إلى الله اشتاق إليه كل شيء. وفي الخبر: nindex.php?page=hadith&LINKID=666102اشتاقت إلى ثلاثة؛ nindex.php?page=showalam&ids=8علي nindex.php?page=showalam&ids=56وعمار وسلمان. وسمعت الأستاذ أبا علي يقول: قال لنا بعض المشايخ: أنا أدخل السوق والأشياء تشتاق إلي وأنا عن جميعها حر .ليس في القلب والعيان جميعا موضع فارغ لغير الحبيب وهو سقمي وصحتي وشفائي
وبه العيش ما حييت يطيب
إذا سكن الغدير على صفاء فيشبه أن يحركه النسيم بدت فيه السماء بلا مراء
كذاك الشمس تبدو والنجوم كذاك قلوب أرباب التجلي
يرى في صفوها الله العظيم