الوجه الثاني : أن يقال : القول في وحدة الصفة وتعددها وانقسامها وعدم انقسامها كالقول في الموصوف، وسواء في ذلك الصفات المشروطة بالحياة كالقدرة والحس -بل والحياة نفسها- أو التي لا تشترط بالحياة، كالطعم واللون والريح ، فإن طعم التفاحة مثلا شائع فيها كلها ، فإذا بعضت تبعض، ولا يقال: إنها قام طعم واحد بجملة التفاحة ، بل إن قيل : إن التفاحة أجزاء كثيرة ، قيل : قام بها طعوم كثيرة ، وإن قيل : هي شيء واحد. قيل : قام بها طعم واحد . فإن  [ ص: 189 ] قيل: فهذا هو التقدير الأول ، وهو اتصاف كل جزء من هذه الأجزاء بجميع هذه الصفات. قيل : ليس كذلك . 
أما أولا : فلمنع التجزي . وأما ثانيا: فلأنه لم يقم بكل جزء إلا جزء من الصفة القائمة بالجميع ، لم تقم جميع الصفة بكل جزء، وحينئذ فيبطل التلازم المذكور ، وهو كون كل جزء إلها ، فإن الإله سبحانه هو المتصف بأنه بكل شيء عليم  ، وهو على كل شيء قدير ، أما إذا قدر موصوف قام به جزء من هذه القدرة لا تنقسم هي ولا محلها، لم يلزم أن يكون ذلك الجزء قادرا ، فضلا عن أن يكون ربا إذ القادر لا يجب أن يكون من قام به جزء من القدرة ، ولا الحي من قام به جزء من الحياة ، ولا العالم من قام به جزء من العلم . 
فإن قيل : كيف يعقل انقسام القدرة والحياة والعلم؟ 
قيل : كما يعقل انقسام محل هذه الصفات ، فإن الإنسان تقوم حياته بجميع بدنه، وكذلك الحس والقدرة تقوم ببدنه وغيرهما من صفاته، فكما أن بدنه ينقسم، فالقائم ببدنه ينقسم . 
فإن قيل: إذا انقسم لم يبق قدرة ولا علما ولا حياة .  [ ص: 190 ] 
قيل : وكذلك المحل لا يبقي يدا ولا عضوا، لا قادرا ولا حيا ولا عالما ولا حساسا ، فإن الجزء المنفرد ، بتقدير وجوده، هو أحقر من أن يقال إنه يد أو عضو أو بدن، حي عالم قادر ، فكيف يقال فيه إنه إله . 
				
						
						
