الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال الآمدي : "الخامس : أنه لو كان جوهرا كالجواهر لما كان مفيدا لوجود غيره من الجواهر فإنه لا أولوية لبعض الجواهر بالعلية دون بعض ، ويلزم من ذلك أن لا يكون شيء من الجواهر معلولا ، أو [أن] يكون كل جوهر معلولا للآخر ، والكل محال . فإن قيل : الجواهر ، وإن تماثلت في الجوهرية، ألا أنها متمايزة بأمور موجبة لتعين كل واحد منها عن الآخر ، وعند ذلك فلا مانع من اختصاص بعضها بأمور وأحكام لا وجود لها في البعض الآخر ، ويكون ذلك باعتبار ما به التعين ، لا باعتبار ما به الاشتراك ، فنقول ، والكلام في اختصاص كل واحد بما به التعين كالكلام في الأول ، فهو تسلسل ممتنع، فلم يبق إلا أن يكون اختصاص كل واحد من المتماثلات بما اختص به لمخصص من خارج، وذلك على الله محال" . [ ص: 166 ]

قلت : ولقائل أن يقول : قوله : لو كان جوهرا كالجواهر: إن عنى به أنه لو كان جوهرا مماثلا للجواهر فيما يجب ويجوز ويمتنع، لم ينفعه هذا لوجوه :

أحدها: أن هذا لا يقوله عاقل يتصور ما يقول ، لما فيه من الجمع بين النقيضين كما تقدم .

الثاني: أنه إذا كان يقتضي هذا أنه يماثل كل جوهر فيما يجب ويجوز ويمتنع لم يلزم انتفاء مشابهته له من بعض الوجوه ، فإن نفي التماثل في مجموع هذه الأمور ، يكون بانتفاء التماثل في واحد من أفرادها، فإذا قدر أنه خالف غيره في فرد من أفراد هذه الأمور لم يكن مثله في مجموعها، ولكن ذلك لا ينفي مماثلته في فرد آخر. وحينئذ فلا يكون قول القائل : هو جوهر لا كالجواهر صحيحا ، ولا يكون النزاع معه في اللفظ، بل لا بد أن ينفي عنه مماثلة المخلوقات في كل ما هو من خصائصها .

الثالث : أنه على هذا التقدير يكون مشابها لها من وجه ، مخالفا من وجه، وليس في كلامه ما يبطل ذلك، بل قد صرح في غير هذا الموضع بأن هذا هو الحق .

فقال في مسألة حدوث الأجسام لما ذكر حجة القائلين [ ص: 167 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية