الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الوجه الخامس : أنا لا نسلم الحصر فيما ذكروه من الأقسام بتقدير انقسام الجسم ، بل من الممكن أن يقال : قام كل جزء من أجزاء هذه الصفات بجزء من أجزاء الموصوف، وكل جزء منه متصف بجزء من الصفة .

وهذا التقسيم غير ما ذكره من الأقسام ، ليس فيه اتصاف كل جزء بجميع الصفة ، ولا المتصف بجميعها بعض الجملة ، ولا كل جزء مختصا بجميع صفته ، ولا قيام واحد بمتعدد .

فإن قال : الصفة لا تنقسم ومحلها ينقسم .

قيل : هذه مكابرة للحس والعقل ، بل انقسامها بانقسام محلها. يبين هذا أن من أعظم عمد مثبتي الجوهر الفرد قولهم : إن الحركة قائمة بالجسم ، والزمان مقدار الحركة ، والزمان فيه الآن الذي لا ينقسم ، فلا ينقسم قدره من الحركة ، فلا ينقسم الجزء الذي يحلها ، فإنما استدلوا على وجود الجزء الذي لا ينقسم [إلا] بوجود جزء من الحركة لا ينقسم ، فعلم أن انقسام الحال عندهم كانقسام محله، مع أن هذا معلوم بالحس والعقل . [ ص: 193 ]

وكذلك المتفلسفة القائلون بأن النفس الناطقة ليست جسما : عمدتهم أنه يقوم بها ما لا ينقسم ، وما لا ينقسم إلا بما لا ينقسم ، فقد اتفقت الطوائف على أن الصفة إذا لم تنقسم كان محلها لا ينقسم .

التالي السابق


الخدمات العلمية