فأما الذي جحد ما وصف الرب تعمقا وتكلفا قد [ ص: 718 ] استهوته الشياطين في الأرض حيران، فصار يستدل بزعمه على جحد ما وصف الرب وسمى من نفسه بأن قال لابد إن كان له كذا من أن يكون له كذا، فعمي عن البين بالخفي بجحد ما سمى الرب من نفسه بصمت الرب عما لم يسم منها، فلم يزل يملي له الشيطان، حتى جحد قول الله عز وجل : وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة [القيامة 22-23] فقال: لا يراه أحد يوم القيامة، فجحد والله أفضل كرامة الله التي أكرم بها أولياءه يوم القيامة من النظر إلى وجهه، ونظر الله إياهم في مقعد صدق عند مليك مقتدر قد قضى أنهم لا يموتون؛ فهم بالنظر إليه ينضرون.
إلى أن قال: وإنما جحد رؤيته يوم القيامة إقامة للحجة [ ص: 719 ] الضالة المضلة؛ لأنه قد عرف إذا تجلى لهم يوم القيامة رأوا منه ما كانوا به قبل ذلك مؤمنين، وكان له جاحدا، وقال المسلمون: يا رسول الله، هل نرى ربنا يوم القيامة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل تضارون من رؤية الشمس ليس دونها سحاب؟ قالوا: لا، قال: فهل تضارون رؤية القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب؟ قالوا: لا، قال: فإنكم ترون ربكم يومئذ كذلك، وقال وقال رسول الله: لا تمتلئ النار حتى يضع رب العزة فيها قدمه، فتقول: قط قط، وينزوي بعضها إلى بعض. لثابت بن قيس بن [ ص: 720 ] شماس: وقال فيما بلغنا: لقد ضحك الله مما فعلت بضيفك البارحة، في أشباه لهذا مما لم نحصه. إن الله ليضحك من أزلكم وقنوطكم وسرعة إجابتكم، فقال له رجل من العرب: إن ربنا ليضحك؟ قال: [ ص: 721 ] نعم، قال: لا نعدم من رب يضحك خيرا
وقال الله تعالى : وهو السميع البصير [الشورى 11] [ ص: 722 ] واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا [الطور 48] .
وقال: ولتصنع على عيني [طه 39] .
وقال : ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي [ص 75] .
وقال : والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون [الزمر 67] فوالله ما دلهم على عظم ما وصف به نفسه وما تحيط به قبضته إلا صغر نظيرها منهم عندهم إن ذلك الذي ألقي في روعهم وخلق على معرفته قلوبهم، لا هذا ولا هذا، لا نجحد ما وصف ولا نتكلف معرفة ما لم يصف. فما وصف الله من نفسه وسماه على لسان رسوله سميناه كما سماه ولم نتكلف منه صفة ما سواه،