اعلم رحمك الله أن وتتجاوز ما قد حد لك فإن من [ ص: 723 ] قوام الدين معرفة المعروف وإنكار المنكر، فما بسطت عليه المعرفة وسكنت إليه الأفئدة وذكر أصله في الكتاب والسنة وتوارث علمه الأمة فلا تخافن في ذكره وصفته من ربك ما وصف من نفسه عيبا، ولا تكلفن لما وصف لك من ذلك قدرا وما أنكرته نفسك ولم تجد ذكره في كتاب ربك ولا في الحديث عن نبيك من ذكر صفة ربك، فلا تتكلفن علمه بعقلك وتصفه بلسانك، اصمت عنه كما صمت الرب عنه من نفسه، فإن تكلفك معرفة ما لم يصف من نفسه مثل إنكارك ما وصف منها، فكما أعظمت ما جحد الجاحدون مما وصف من نفسه، فكذلك أعظم تكلف ما وصف الواصفون مما لم يصف منها، فقد والله عز المسلمون الذين يعرفون المعروف وبمعرفتهم يعرف وينكرون المنكر وبإنكارهم ينكر، يسمعون ما وصف الله به نفسه من هذا في كتابه وما يبلغهم مثله عن نبيه، فما مرض من ذكر هذا وتسميته من الرب قلب مسلم ولا يكلف صفة قدره [ ص: 724 ] ولا تسمية غيره من الرب مؤمن، وما ذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سماه من صفة ربه فهو بمنزلة ما سمى ووصف الرب تعالى من نفسه والراسخون في العلم الواقفون حيث انتهى علمهم الواصفون لربهم بما وصف من نفسه التاركون لما ترك من ذكرها، لا ينكرون صفة ما سمى منها جحدا، ولا يتكلفون صفة ما لم يسم تعمقا؛ لأن الحق ترك ما ترك وتسمية ما سمى العصمة في الدين أن تنتهي حيث انتهى بك ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا [النساء 115] وهب الله لنا ولكم حكما وألحقنا بالصالحين.