[ ص: 100 ] فصل
وأما بمصر والأبدال بالشام والنقباء بالعراق" ونحو هذا الكلام، فهذا الكلام على الإطلاق باطل قطعا، فإن هذه الأمصار كانت في أول الإسلام ديار كفر، لم يكن بها أحد من أولياء الله، ولما صارت دار إسلام صار فيها من أولياء الله المتقين بحسب ما في أهلها من الإيمان والتقوى، ولا يختص إقليم من هذه الأقاليم بالأبدال. ومن قال إن الأبدال لا يكونون إلا قول القائل: "إن النجباء بالشام فقد أخطأ، فإن خيار هذه الأمة من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار كانوا بالمدينة النبوية، ولما فتحت الأمصار كان في كل مصر من خيار المسلمين من لا يحصيه إلا الله.
وقد جاء في الشام وأهله أحاديث معروفة لم يجئ مثلها في فضائل العراق وغيره من الأمصار، مثل قوله في الحديث الصحيح: الشام" . [ ص: 101 ] "إن ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها على
وقوله: . وفي القرآن أربع آيات تدل على حصول البركة في "اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في يمننا" الشام . ومثل قوله لعبد الله بن حوالة لما قال: بالشام، وجندا باليمن، وجندا بالعراق"، فقال عبد الله بن حوالة: يا رسول الله! اختر لي، فقال: "عليك بالشام، فإنها خيرة الله من أرضه، يجتبي إليها خيرته من عباده، فمن أبى فليلحق بيمنه، وليسق من غدره، فإن الله قد تكفل لي بالشام وأهله". رواه "إنكم ستجندون أجنادا مجندة: جندا وغيره . أبو داود
وفي "صحيح وغيره عنه أنه مسلم" . قال قال:"لا يزال أهل الغرب ظاهرين لا يضرهم من خالفهم حتى تقوم الساعة" أهل الغرب هم أهل الإمام أحمد: الشام. وهذا الذي قاله [ ص: 102 ] هو معروف عند السلف، كانوا يسمون أهل أحمد الشام وما يغرب عنها أهل الغرب، ويسمون أهل نجد والعراق وما يشرق عن ذلك أهل الشرق. فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان بالمدينة النبوية، فما يغرب عنها فهو غرب، وما يشرق عنها فهو شرق.
وقد جاء في بعض الآثار أن أكثر الأبدال بالشام .
فأما الحديث المأثور "لا تسبوا أهل الشام فإن فيهم الأبدال، أربعين رجلا، كلما مات رجل أبدل الله مكانه رجلا"، فهذا يروى عن بإسناد منقطع، وهو في "المسند" وغيره، وهو من رواية بعض الشيوخ الشاميين عن علي بن أبي طالب وهو لم يسمعه منهم، وإنما بلغه عن علي، بلاغا، فلم يضبط له لفظه. علي