الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 176 ]

قال: ومما قلنا فيه بالاستحسان للسنة فيمن غصب أرضا وزرعها، فالزرع لرب الأرض، وعلى صاحب الأرض النفقة لصاحب الزرع، لحديث رافع بن خديج عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من زرع في أرض قوم فالزرع لرب الأرض وله نفقته" . وقد كان القياس أن يكون الزرع لزارعه .

قال: ومما قلنا فيه بذلك للإجماع جواز سلم الدراهم والدنانير في الموزونات، وكان القياس أن لا يجوز ذلك لوجود الصفة المضمومة إلى الجنس، وهي الوزن، إلا أنهم استحسنوا فيه للإجماع .

قلت: ومن ذلك أن نفقة الصغير وأجرة مرضعه على أبيه دون أمه بالنص والإجماع. والقياس- عند من يجعل النفقة على كل [ ص: 177 ] وارث بفرض أو تعصيب، أو على كل ذي رحم محرم، أو على عمودي النسب مطلقا- أن يكون على الأبوين.

وكذلك يقولون: جواز إجارة الظئر ثابت بالنص والإجماع على خلاف القياس، بل وقد يقولون بجواز الإجارة، بل وجواز القرض والقراض وغير ذلك على خلاف القياس للإجماع. [ ص: 178 ]

لكن إذا أبدوا معنى يقتضي التخصيص مثل الحاجة، قيل: هذا يقول به جميع الأمة، بل جميع علماء السنة، مثل إباحة الميتة للمضطر للضرورة، وصلاة المريض قاعدا للحاجة، ونحو ذلك. وإنما يتنازعون إذا لم يظهر في إحدى الصورتين معنى يوجب الفرق.

التالي السابق


الخدمات العلمية