فإذا لم ينفرد الرجل الذكر، وهو أخوهن ويسقطهن فأن لا ينفرد من هو أبعد منه ويسقطهن بطريق الأولى. والأخوات مع البنات كالأخوات مع إخوتهن،
ولهذا لم توجد قط أخت تسقط مع عم، وابن عم، ومن هو أبعد منها. بل لابد أن ترث إما بفرض، وإما بتعصيب حصل بغيرها.
وحينئذ فإذا كن مع البنات وجب أن يرثن بأحد هذين، وقد تعذر به الفرض فتعين التعصيب، كما لو كان معها أخوها. يبين ذلك أن جنس أهل الفرائض يقدمون على العصبات، سواء كانوا أهل فرض محض، أو كانوا مع ذلك لهم تعصيب بأنفسهم أو بغيرهم.
والأخوات من جنس أهل الفرائض، ممن يرثن في حال بفرض، وفي حال يكن عصبة، وهم مقدمون على من لا [ ص: 331 ] يرث إلا بالتعصيب المحض كالعم وابن العم، فدل ذلك على أن الأخوات أولى من هؤلاء.
ولا يجوز أن يستدل بهذا الحديث على حرمانهن مع البنات، كما لا يجوز أن يستدل به على حرمانهن مع إخوتهن، [بل] ولا على حرمان بنات الابن مع أخيهن ومع ابن أخيهن إذا استكمل البنات الثلثين، بل تعصب من في درجته ومن هو أعلى منه عند الجمهور، ولكن ومن وافقه ابن مسعود يقولون: إنه لا يعصب إلا من يرث دونه، لا يعصب من يسقط بدونه، ودلالة الحديث في هذه المواضع من جنس واحد. [كأبي ثور]
فإما أن يقال: هؤلاء كلهم من جنس أهل الفرائض فإنهن ممن يفرض لهن، ليست بمنزلة العمة والخالة ونحوهما ممن ليس له فرض مقدر.
وإما أن يقال: هو مخصوص. وهذا الحديث قد [ ص: 332 ] روي بألفاظ، فمن جمل ألفاظه : وهذا لفظ يتناول كل من كان من أهل الفرائض في الجملة، وإن عرض له حال يكون فيها عصبة بغيره، إذا لم يكن محجوبات بغيرهن، كما يحجب بنات الابن بالابن، وما بقي من بعده فلأولى رجل ذكر، ليس المراد به أنه ما بقي بعد الفرائض المقدرة لا يعطاه إلا رجل، ولو قدر أن اللفظ يتناول هذا فقد خص منه صور كثيرة بالنص والإجماع، فهذه الصورة أولى. "اقسموا المال بين أهل الفرائض على كتاب الله، فما بقي فلأولى رجل ذكر".