ذكر الحوادث في السنة العاشرة من النبوة
[وفاة أبي طالب]
منها: أبي طالب ، فإنه توفي للنصف من شوال في هذه السنة ، وهو ابن بضع وثمانين سنة . موت
ولما مرض أبو طالب دخل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرض عليه الإسلام . [ ص: 8 ]
فأخبرنا أبو بكر بن أبي طاهر البزاز ، قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا قال: أخبرنا أبو عمر بن حيويه أحمد بن معروف قال: أخبرنا الحارث بن أبي أسامة قال: أخبرنا محمد بن سعد قال: أخبرنا محمد بن عمر بن واقد قال: حدثني عن معمر بن راشد ، عن الزهري ، عن أبيه قال: سعيد بن المسيب ، عبد الله بن أبي أمية وأبا جهل بن هشام ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"يا عم ، قل: لا إله إلا الله ، كلمة أشهد لك بها عند الله" .
فقال له أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية : يا أبا طالب ، أترغب عن ملة عبد المطلب؟
قال: فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرضها عليه ، ويقول: "يا عم ، قل: لا إله إلا الله ، أشهد لك بها عند الله" .
ويقولان له: يا أبا طالب ، أترغب عن ملة عبد المطلب؟
حتى قال آخر كلمة تكلم بها: أنا على ملة عبد المطلب . ثم مات .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لأستغفرن لك ما لم أنه عنك" .
فاستغفر له رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موته حتى نزلت هذه الآية: ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم . قال لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد عنده محمد بن عمر : وحدثني محمد بن عبد الله بن أخي الزهري ، عن أبيه ، عن [ ص: 9 ] عبد الله بن ثعلبة بن صعير العذري ، قال: قال أبو طالب : يا ابن أخي ، والله لولا رهبة أن تقول قريش: [وهرني] الجزع ، فتكون سبة عليك وعلى بني أبيك لفعلت الذي تقول ، وأقررت عينك لما أرى من شكرك ووجدك ونصيحتك [لي .
ثم إن أبا طالب دعا] بني عبد المطلب فقال: لن تزالوا بخير ما سمعتم من محمد [وما اتبعتم] أمره ، فاتبعوه وأعينوه ترشدوا .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لم تأمرهم بها وتدعها لنفسك؟" .
فقال أبو طالب: أما إنك لو سألتني الكلمة وأنا صحيح لتابعتك على الذي تقول ، ولكني أكره أن أجزع عند الموت ، فترى قريش أني أخذتها جزعا ورددتها في صحتي . قال محمد بن عمر : وحدثني معاوية بن عبد الله بن عبيد الله بن أبي رافع ، عن أبيه ، عن جده ، عن رضي الله عنه قال: علي أبي طالب فبكى ثم قال:
"اذهب فاغسله وكفنه وواره ، غفر الله له ورحمه" .
قال ففعلت . قال ، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغفر له أياما ولا يخرج من بيته ، حتى نزل عليه جبريل عليه السلام بهذه الآية: ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى . [ ص: 10 ]
قال : وأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم فاغتسلت علي . أخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم بموت
قال محمد : وأخبرنا قال: حدثنا الفضل بن دكين سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن ناجية بن كعب ، عن رضي الله عنه قال: علي
قال: "اذهب فواره ولا تحدثن شيئا حتى تأتيني" .
فأتيته ، فقلت له ، فأمرني فاغتسلت ، ثم دعا لي بدعوات ما يسرني ما عوض بهن من شيء . أخبرنا أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: إن عمك الشيخ الضال قد مات . قال: أخبرنا ابن الحصين قال: أخبرنا ابن المذهب أحمد بن جعفر قال: حدثنا قال: حدثني أبي قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد إبراهيم بن أبي العباس قال: أخبرنا الحسن بن يزيد الأصم ، قال: سمعت إسماعيل السدي يذكر عن أبي عبد الرحمن السلمي ، عن قال: علي
أبو طالب أتيت النبي [صلى الله عليه وسلم] فقلت: إن عمك الشيخ قد مات .
قال: "اذهب فواره ، ولا تحدثن شيئا حتى تأتيني" .
قال: فاغتسلت ثم أتيته ، فدعا لي بدعوات [ما يسرني أني لي] بها حمر النعم وسودها . قال: وكان علي رضي الله عنه [إذا غسل الميت] اغتسل . وقال لما توفي : ابن عباس عارض رسول الله صلى الله عليه وسلم جنازة أبي طالب وقال:
"وصلت رحمك ، جزاك الله خيرا يا عم" .