الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

125 - النجاشي ، واسمه أصحمة :

وهو الذي هاجر إليه المسلمون ، وأسلم وله الأفعال الحميدة ، والإعانة للمسلمين ، وهو الذي أمهر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجته أم حبيبة ، وتوفي في رجب هذه السنة .

أخبرنا ابن الحصين ، قال: أخبرنا ابن المذهب ، قال: أخبرنا أحمد بن جعفر ، قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال: حدثني أبي ، قال: أخبرنا يحيى ، عن مالك ، قال: حدثني الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة ، قال:

نعى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم النجاشي اليوم الذي مات فيه ، فخرج إلى المصلى ، فصف أصحابه خلفه وكبر عليه أربعا .

وروى أبو داود من حديث عائشة رضي الله عنها ، قالت:

لما مات النجاشي كنا نتحدث أنه لا يزال يرى على قبره نور


126 - أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم :

كان تزوجها عتبة بن أبي لهب قبل النوبة فلما نزلت: تبت يدا أبي لهب ، قال أبوه: رأسي من رأسك حرام إن لم تطلق ابنته ، ففارقها ولم يكن دخل بها . فلم تزل بمكة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهاجرت ، فلما توفيت رقية خلف عليها عثمان بن عفان في ربيع الأول سنة ثلاث من الهجرة ، وأدخلت عليه في جمادى الآخرة ، فماتت عنده في شعبان هذه السنة ، فغسلتها أسماء بنت عميس ، وصفية بنت عبد المطلب ، وأم عطية ، ونزل في حفرتها أبو طلحة .

أخبرنا محمد بن عبد الباقي ، قال: أخبرنا الحسن بن علي الجوهري ، قال:

أخبرنا أبو عمرو بن حيويه . قال: أخبرنا أبو الحسن بن معروف ، قال: أخبرنا الحسين بن الفهم ، قال: أخبرنا محمد بن سعد ، قال: أخبرنا محمد بن عمر ، قال: حدثني فليح ، عن هلال بن أسامة ، عن أنس بن مالك ، قال: [ ص: 376 ]

رأيت النبي صلى الله عليه وسلم جالسا على قبرها ، ورأيت عينيه تدمعان ، فقال: "فيكم أحد لم يقارف الليلة" ؟ فقال أبو طلحة: أنا يا رسول الله ، قال: "انزل"

127 - سهيل بن بيضاء:

قال المصنف: هي أمه ، واسمها دعد بنت جحدم ، وأبوه وهب بن ربيعة بن هلال ، ويكنى أبا موسى .

شهد بدرا وأحدا والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتوفي بعد رجوع رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك وهو ابن أربعين سنة ، وصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد .

وكان أسن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر وسهيل بن بيضاء

128 - عبد الله بن عبد نهم بن عفيف ، ذو النجادين:

أخبرنا أبو بكر بن أبي طاهر ، قال: أخبرنا الحسن بن معروف ، قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفهم ، قال: أخبرنا محمد بن سعد ، قال: حدثنا محمد بن عمر ، عن أشياخه ، قال: كان ذو النجادين يتيما لا مال له ، مات أبوه ولم يورثه شيئا ، فكفله عمه حتى أيسر ، وكان له إبل وغنم ورقيق ، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة جعلت نفسه تتوق إلى الإسلام ولا يقدر عليه لأجل عمه حتى مضت السنون والمشاهد ، فقال لعمه: يا عم ، إني انتظرت إسلامك فلم أرك تريد محمدا ، فأذن لي في الإسلام ، فقال: والله لئن اتبعت محمدا لا أترك بيدك شيئا كنت أعطيتكه [إلا نزعته منك] حتى ثوبيك ، فقال: فأنا والله متبع محمدا وتارك عبادة الحجر والوثن ، وهذا ما بيدي فخذه . فأخذ كل ما أعطاه حتى جرده من إزاره ، فأتى أمه فقطعت له نجادا لها باثنين ، فأتزر بواحدة ، وارتدى الآخر ، ثم أقبل إلى المدينة ، وكان بروقان - وهو جبل من جبال مزينة - فاضطجع في المسجد في السحر ، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح ، وكان يتصفح وجوه الناس إذا انصرف من الصبح ، فنظر إليه فأنكره ، فقال: "من أنت؟" فانتسب له ، وكان اسمه عبد [ ص: 377 ] العزى ، فقال: "أنت عبد الله ذو النجادين" ، ثم قال: "انزل مني قريبا" . فكان في أضيافه ، ويعلمه القرآن حتى قرأ قرآنا كثيرا ، وكان رجلا صيتا ، فكان يقوم في المسجد فيرفع صوته بالقراءة ، فقال عمر: يا رسول الله ، ألا تسمع هذا الأعرابي يرفع صوته بالقرآن ، قد منع الناس القراءة؟! فقال: "دعه يا عمر؛ فإنه خرج مهاجرا إلى الله وإلى رسوله" .

ثم خرجوا إلى تبوك ، قال ذو النجادين: يا رسول الله ادع الله لي بالشهادة ابغني لحا سمرة ، فربطها رسول الله صلى الله عليه وسلم على عضده ، وقال: "اللهم إني أحرم دمه على الكفار" ، قال: يا رسول الله ، ليس هذا أردت ، قال: "إنك إذا خرجت غازيا في سبيل الله فأخذتك الحمى فقتلتك فأنت شهيد ، أو وقصتك دابتك فأنت شهيد ولا تبالي بأية كان" .

فلما نزلوا بتبوك أقاموا بها أياما ، فتوفي عبد الله ، وكان بلال بن الحارث يقول:

حضرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع بلال المؤذن شعلة من نار عند القبر واقفا بها ، وإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في القبر ، وإذا أبو بكر وعمر يدليانه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: "أدنيا إلي أخاكما" ، فلما هيأه لشقه في اللحد ، قال: "اللهم قد أمسيت عنه راضيا فارض عنه" ، فقال ابن مسعود: يا ليتني صاحب هذا القبر .


129 - عبد الله بن أبي بن مالك بن الحارث بن عبيد ، وهو ابن سلول:

وسلول امرأة من خزاعة ، وهي أم أبي بن مالك . كان عبد الله سيد الخزرج في جاهليتهم ، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وقد جمعوا له خرزا ليتوجوه ، فحسد ابن أبي رسول الله صلى الله عليه وسلم ونافق ، فاتضع شرفه وهو ابن خالة أبي عامر الراهب .

وكان لعبد الله من الولد: عبد الله ، فأسلم وشهد بدرا ، وكان معه خال أبيه وتثقل عليه صحبة المنافقين مرض عبد الله بن أبي عشرين يوما بعد أن رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك ، ومات في ذي القعدة ، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فشهده وصلى عليه ووقف على قبره وعزى ابنه عبد الله عليه . [ ص: 378 ]

130 - معاوية بن معاوية الليثي ، ويقال: المزني:

أخبرنا ابن أبي طاهر ، عن الجوهري ، قال: أخبرنا أبو عمرو بن حيويه ، قال:

أخبرنا الحسن بن معروف ، قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفهم ، قال: حدثنا محمد بن سعد ، قال: أخبرنا يزيد بن هارون ، قال: أخبرنا العلاء أبو محمد الثقفي ، قال:

سمعت أنس بن مالك ، قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبوك ، فطلعت الشمس بضياء وشعاع ونور لم [نرها طلعت به فيما مضى ، فأتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال: "يا جبريل ما لي أرى الشمس اليوم طلعت بضياء ونور وشعاع لم] أرها طلعت به فيما مضى؟" ، قال: ذاك أن معاوية بن معاوية الليثي مات بالمدينة اليوم فبعث الله سبعين ألف ملك يصلون عليه ، قال: "وفيم ذاك؟" قال: كان يكثر قراءة: قل هو الله أحد بالليل والنهار وفي ممشاه أو قائما أو قاعدا ، فهل لك يا رسول الله أن أقبض لك الأرض حتى تصلي عليه؟ قال: "نعم" . قال: فصلى عليه ثم رجع . [ ص: 379 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية