الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر

116 - جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم :

أسلم قبل دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم ، وهاجر إلى الحبشة الهجرة الثانية ومعه زوجته أسماء بنت عميس ، فولدت له هناك عبد الله ، ومحمدا ، وعونا ، ولم يزل بالحبشة حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بخيبر ، فالتزمه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبل بين عينيه ، وقال: "ما أدري بأيهما أفرح ، بقدوم جعفر أم بفتح خيبر" . وقال له: "أشبهت خلقي وخلقي" . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر زيدا يوم مؤتة ، وقال: "إن قتل فجعفر" ، فقتل زيد؛ فتقدم جعفر فقاتل حتى قتل ، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس وأمهل آل جعفر ثلاثا ، ثم قال: "لا تبكوا على أخي بعد اليوم" وقال: "إن له جناحين يطير بهما حيث شاء من الجنة" . [ ص: 347 ]

117 - [الحويرث بن عبد الله بن خلف بن مالك بن عبد الله ، وهو الملقب بأبي اللحم:

وكان قد أبى أكل ما ذبح على الأصنام ، وقتل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين]

118 - زيد بن حارثة بن شراحيل بن عبد العزى بن امرئ القيس ، يقال له الحب :

وأمه سعدى بنت ثعلبة بن عامر ، زارت قومها وزيد معها ، فأغارت خيل لبني القين في الجاهلية ، فمروا على أبيات بني معن ، فاحتملوا زيدا وهو يومئذ غلام يفعة ، فوافوا به سوق عكاظ ، فعرض للبيع ، فاشتراه حكيم بن حرام لعمته خديجة بأربع مائة درهم ، فلما تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهبته له ، وكان أبو حارثة حين فقد قال:


بكيت على زيد ولم أدر ما فعل أحي فيرجى أم أتى دونه الأجل     فو الله ما أدري وإن كنت سائلا
أغالك سهل الأرض أم غالك الجبل     فيا ليت شعري هل لك الدهر رجعة
فحسبي من الدنيا رجوعك لي بجل     تذكرنيه الشمس عند طلوعها
وتعرض ذكراه إذا قارب الطفل     وإن هبت الأرياح هيجن ذكره
فيا طول ما حزني عليه ويا وجل     سأعمل نص العيش في الأرض جاهدا
ولا أسأم التطواف أو تسأم الإبل     حياتي أو تأتي علي منيتي
وكل امرئ فان وإن غره الأمل     وأوصي به قيسا وعمرا كليهما
وأوصي يزيدا ثم من بعدهم جبل

يعني جبلة بن حارثة أخا زيد ، ويزيد أخو زيد لأمه ، فحج ناس من كلب ، فرأوا زيدا فعرفوا زيدا وعرفوه ، فقال: بلغوا أهلي عني هذه الأبيات ، فإني أعلم أنهم قد جزعوا علي ، فقال:


أحن إلى قومي وإن كنت نائيا     فإني قطين البيت عند المشاعر
فكفوا عن الوجد الذي قد شجاكم     ولا تعملوا في الأرض نص الأباعر
فإني بحمد الله في خير أسرة     كرام معد كابرا بعد كابر

فانطلقوا فأعلموا أباه ، فخرج حارثة وكعب ابنا شراحيل بفدائه ، فقدما به مكة فسألا [ ص: 348 ] عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقيل: هو في المسجد ، فدخلا إليه فقالا: يا ابن هاشم ، يا ابن سيد قومه ، أنتم أهل حرم الله وجيرانه ، تفكون العاني وتطعمون الأسير ، جئناك في ابننا عندك ، فامنن علينا وأحسن إلينا في فدائه؛ فإنا سنرفع لك في الفداء ، قال: "من هو؟" ، قالوا: زيد بن حارثة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فهلا غير ذلك؟" قالوا: ما هو ، قال: "دعوه فخيروه؛ فإن اختاركم فهو لكم بغير فداء ، وإن اختارني؛ فو الله ما أنا بالذي أختار على من اختارني أحدا" ، قالوا: قد زدتنا على النصفة وأحسنت ، فدعاه فقال: "هل تعرف هؤلاء؟" قال: نعم ، هذا أبي وهذا عمي ، قال: "فأنا من قد علمت ورأيت محبتي لك ، فاخترني أو اخترهما" ، فقال زيد: ما أنا بالذي أختار عليك أحدا ، أنت مني بمكان الأب والعم ، قالا: ويحك يا زيد ، أتختار العبودية على الحرية ، وعلى أبيك وعمك وأهل بيتك ، قال: نعم؛ قد رأيت من هذا الرجل شيئا ما أنا بالذي أختار عليه أحدا أبدا .

فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك أخرجه إلى الحجر ، فقال: "يا من حضر اشهدوا أن زيدا ابني أرثه ويرثني" ، فلما رأى ذلك أبوه وعمه طابت أنفسهما وانصرفا ، فدعي زيد بن محمد حتى جاء الإسلام ، وزوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش ، فلما طلقها تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فتكلم الناس في ذلك ، وقالوا: تزوج امرأة ابنه ، فأنزلت: ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين الآية ، وقال: "ادعوهم لآبائهم" ، فدعي يومئذ زيد بن حارثة . قال مؤلف الكتاب: أخبرنا بهذا كله أبو بكر بن أبي طاهر ، [قال: أخبرنا الحسن بن علي الجوهري ، قال: أخبرنا أبو عمر بن حيويه ، قال: أخبرنا أبو الحسين بن معروف] ، قال: أخبرنا الحسن بن الفهم ، قال: حدثنا محمد بن سعد .

[وقال محمد بن سعد ] : وأخبرنا الواقدي ، قال: أخبرنا محمد بن الحسن بن أسامة بن زيد ، عن أبيه ، قال: [ ص: 349 ]

كان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين زيد عشر سنين ، رسول الله صلى الله عليه وسلم أكبر منه ، وكان زيد رجلا قصيرا آدم شديد الأدمة ، في أنفه فطس ، وكان يكنى أبا أسامة .

وقال الزهري: أول من أسلم زيد .

قال أهل السير: وشهد بدرا وأحدا ، والخندق والحديبية وخيبر ، واستخلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة حين خرج إلى المريسيع ، وخرج أميرا في سبع سرايا ، ولم يسم أحد في القرآن من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم باسمه غيره ، وكان له من الولد زيد - هلك صغيرا - ورقية ، أمهما أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ، وأسامة أمه أم أيمن حاضنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وقتل في غزاة مؤتة في جمادى الأولى سنة ثمان وهو ابن خمس وخمسين سنة

119 - زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم :

كانت أكبر بناته وأول من تزوج منهن ، تزوجها ابن خالتها أبو العاص بن الربيع ، فولدت له عليا ، وأمامة . وأسلمت زينب وهاجرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأبى أبو العاص أن يسلم ، ثم أسر في بعض المشاهد فدخل عليها فاستجار بها فأجارته ، ثم بعث بفدائه ثم أسلم ، فردها إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بنكاح جديد ، وفي رواية: بنكاحها الأول .

توفيت زينب في أول هذه السنة ، فغسلتها أم أيمن ، وسودة ، و أم سلمة

120 - [سراقة بن عمرو بن عطية :

شهد بدرا وأحدا والخندق والحديبية وخيبر وعمرة القضية ، وقتل يوم مؤتة

121 - شهربراز :

قتل أردشير بن شيرويه وملك مكانه أربعين يوما ثم قتل] . [ ص: 350 ]

122 - عبد الله بن رواحة بن ثعلبة ، أبو محمد :

شهد العقبة مع السبعين ، وهو أحد النقباء الاثني عشر ، وشهد بدرا وأحدا والخندق والحديبية وخيبر وعمرة القضية . واستعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة حين خرج إلى غزاة بدر الموعد .

ولما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة في عمرة القضية كان آخذا بزمام ناقته عند الكعبة ، وهو يقول:


خلوا بني الكفار عن سبيله     اليوم نضربكم على تأويله

وسبقت الأبيات:

أخبرنا ابن ناصر ، [أخبرنا ثابت بن بندار ، أخبرنا أبو الحسين محمد بن عبد الواحد ، أخبرنا أبو سعيد السيرافي ، قال: حدثني محمد بن منصور بن مزيد النحوي ، حدثني الزبير بن بكار ، قال: حدثني خالد بن وضاح ، عن أبي الحصيب] عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، أنه كان يقول كثيرا: ما سمعت بأحد أجرأ ولا أسرع شعرا من عبد الله بن رواحة ، يوم يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم له: قل شعرا ، أسمعنيه الساعة . ثم أنده بصره ، فانبعث ابن رواحة مكانه يقول:


إني تفرست فيك الخير أعرفه     والله يعلم أن ما خانني البصر
أنت النبي ومن يحرم شفاعته     يوم الحساب فقد أزرى به القدر
يثبت الله ما أتاك من حسن     تثبيت موسى ونصرا كالذي نصروا

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وأنت فثبتك الله يا ابن رواحة" . قال هشام: فثبته الله أحسن الثبات .

قتل شهيدا وفتحت له الجنة ودخلها .
[ ص: 351 ]

استشهد ابن رواحة بمؤتة ، وكان ذلك في سنة ثمان .

قال مؤلف الكتاب: وقد ذكرنا بعض أخباره في الحوادث

123 - [عبادة بن قيس بن عبسة ، عم أبي الدرداء :

شهد بدرا وأحدا والخندق والحديبية وخيبر ، وقتل يوم مؤتة وله أربعون سنة

124 - عبد الله بن زمعة بن الأسود بن المطلب:

كان قديم الإسلام بمكة ، وهاجر إلى الحبشة الهجرة الثانية ، وقتل يوم الطائف شهيدا] . [ ص: 352 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية