الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

قال مؤلف الكتاب: قتل من المسلمين يوم أحد حمزة قتله وحشي ، وعبد الله بن جحش قتله أبو الحكم بن الأخنس ، ومصعب بن عمير قتله ابن قميئة ، وشماس بن عثمان قتله أبي بن خلف ، وعبد الله وعبد الرحمن ابنا الهبيب ، ووهب بن قابوس ، وابن أخيه الحارث بن عقبة .

وقتل من الأنصار سبعون ، وقتل من المشركين ثلاثة وعشرون منهم .

ولما أراد المسلمون دفن قتلاهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " احفروا وأعمقوا وقدموا أكثرهم قرآنا " . [ ص: 171 ]

قال المؤلف للكتاب: واختلف الناس ، هل صلى على شهداء أحد أم لا على قولين .

وممن دفن في قبر واحد ، عبد الله بن عمرو ، وعمرو بن الجموح ، وسعد بن الربيع ، وخارجة بن زيد ، والنعمان بن مالك ، وعبدة بن الحسحاس ، وكان الناس قد حملوا قتلاهم إلى المدينة فدفنوهم في نواحيها ، فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ردوا القتلى إلى مضاجعهم" ، فأدرك المنادي رجلا لم يكن دفن ، وهو شماس بن عثمان المخزومي .

أخبرنا أبو غلاب محمد بن الحسن الماوردي ، قال: أخبرنا المطهر بن عبد الواحد المرابي ، قال: أخبرنا جعفر ، قال: أخبرنا أبو جعفر أحمد بن محمد المرزباني ، قال: حدثنا إبراهيم بن يحيى بن الحكم الحروري ، قال: أخبرنا لوين ، قال: أخبرنا شريك ، عن الأسود بن قيس ، عن نبيح ، عن جابر بن عبد الله قال:

قتل أبي وخالي يوم أحد فحملتهما أمي على بعير فأتت بهما المدينة ، فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ردوا القتلى إلى مصارعهم" .

قال ابن إسحاق : ولما أمر رسول الله بدفن القتلى ، قال: " انظروا عمرو بن الجموح ، وعبد الله بن عمرو بن حرام . فإنهما كانا متصافيين في الدنيا فاجعلوهما في قبر واحد ، فلما احتفر معاوية القناة أخرجا وهما ينثيان كأنما دفنا بالأمس .

ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعا إلى المدينة ، فلقيته حمنة بنت جحش [فنعي لها أخوها عبد الله بن جحش] فاسترجعت واستغفرت له ثم نعي لها خالها حمزة بن عبد المطلب ، فاسترجعت واستغفرت له ، ثم نعي لها زوجها مصعب بن عمير ، فصاحت وولولت ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن زوج المرأة منها لبمكان" ، لما رأى من تثبتها عند أخيها وخالها ، وصياحها على زوجها .

أخبرنا المحمدان: ابن ناصر ، وابن عبد الباقي ، قالا: أخبرنا أحمد بن أحمد ، قال: حدثنا محمد بن هارون ، قال: أخبرنا محمد بن حميد ، قال: أخبرنا [ ص: 172 ] عبد الرحمن بن معين ، قال: حدثنا الفضل بن فضالة ، عن ليث ، عن أنس ، قال:

لما كان يوم أحد حاص أهل المدينة حيصة وقالوا: قتل محمد حتى كبرت الصوارخ في نواحي المدينة ، فخرجت امرأة من الأنصار ، فاستقبلت بأخيها وأبيها وزوجها ، لا أدري بأيهم استقبلت أولا ، فلما مرت على آخرهم قالت: من هذا؟ قالوا: أخوك وأبوك وزوجك وابنك ، قالت: فما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون: أمامك ، حتى ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذت بناحية ثوبه ، ثم قالت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أبالي إذ سلمت من عطب .

قال مؤلف الكتاب: ولما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله ناول سيفه فاطمة ، فقال: "اغسلي عن هذا دمه يا بنية" .

التالي السابق


الخدمات العلمية