الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[رؤية عبد الله بن زيد الأذان في منامه]

وفيها رأى عبد الله بن زيد الأذان فعلمه بلالا . [ ص: 78 ]

أخبرنا هبة الله بن محمد قال: أخبرنا الحسن بن علي قال: أخبرنا أبو بكر بن مالك قال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثني أبي قال: أخبرنا يعقوب قال: أخبرنا أبي ، عن ابن إسحاق قال: ذكر محمد بن مسلم الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن عبد الله بن زيد بن عبد ربه قال: لما أجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يضرب بالناقوس لجمع الناس للصلاة - وهو له كاره لموافقة النصارى - طاف بي من الليل طائف وأنا نائم: رجل عليه ثوبان أخضران وفي يده ناقوس يحمله .

قال: فقلت له: يا عبد الله ، أتبيع الناقوس؟ قال: وما تصنع به؟ قلت: ندعو به إلى الصلاة . قال: أفلا أدلك على خير من ذلك؟ فقلت: بلى . قال: تقول: الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله ، حي على الصلاة حي على الصلاة ، حي على الفلاح حي على الفلاح ، الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله . قال: ثم استأخر غير بعيد ، قال: ثم تقول إذا قمت للصلاة: الله أكبر الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمدا رسول [الله] ، حي على الصلاة ، حي على الفلاح ، قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة ، الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله .

قال: فلما أصبحت أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بما رأيت ، فقال: "إن هذه لرؤيا حق إن شاء الله" ثم أمر بالتأذين ، فكان بلال يؤذن بذلك ويدعو رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة ، فجاءه ذات غداة إلى الفجر ، فقيل له إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نائم ، فصرخ بلال بأعلى صوته: الصلاة خير من النوم .
قال سعيد بن المسيب : فأدخلت هذه الكلمة في التأذين [إلى صلاة الفجر] ، فكان بلال يؤذن بذلك . [ ص: 79 ]

أخبرنا محمد بن عبد الباقي البزار قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن حيويه قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: أخبرنا الحارث بن أبي أسامة قال: أخبرنا محمد بن سعد قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا سليمان القاري ، عن سليمان بن سحيم ، عن نافع بن جبير .

قال محمد بن عمر : وأخبرنا عبد الحميد بن جعفر ، عن يزيد بن رومان ، عن عروة بن الزبير .

قال: وأخبرنا هشام بن سعيد ، عن زيد بن أسلم . قال: وأخبرنا معمر بن راشد ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب . قالوا: كان الناس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم - قبل أن يؤمر بالأذان - ينادي منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصلاة جامعة . فيجتمع الناس ، فلما صرفت القبلة إلى الكعبة أمر بالأذان ، وكأن رسول الله صلي الله عليه وسلم قد أهمه أمر الأذان ، وأنهم ذكروا أشياء يجمعون بها الناس للصلاة ، فقال بعضهم: البوق . وقال بعضهم: الناقوس ، فبينما هم على ذلك بات عبد الله بن زيد الخزرجي فأري في النوم [أن] رجلا عليه ثوبان أخضران وفي يده ناقوس .

قال: فقلت: أتبيع الناقوس؟ فقال: ماذا تريد به؟ فقلت: أريد أن أبتاعه لكي أضرب به للصلاة لجماعة الناس . قال: أحدثكم بخير لكم من ذلك ، تقول: الله أكبر الله أكبر - فذكر الأذان .

فأتى عبد الله رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره ، فقال له: "قم مع بلال فألق عليه ما قيل لك فليؤذن بذلك" ففعل ، وجاء عمر فقال: لقد رأيت مثل الذي رأى . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فلله الحمد"
.

قال مؤلف الكتاب: فعلى هذه الرواية يكون الأذان قد وقع في السنة الثانية من [ ص: 80 ] الهجرة ، لأنه ذكر ذلك بعد أن صرفت القبلة . وقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى إلى بيت المقدس ستة عشر شهرا .

التالي السابق


الخدمات العلمية