ذكر الحوادث في سنة اثنتي عشرة من النبوة 
 [الإسراء والمعراج]  
فمن ذلك: المعراج . 
قال  الواقدي:  كان المسرى في ليلة السبت لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان في  [ ص: 26 ] السنة الثانية عشرة من النبوة ، قبل الهجرة بثمانية عشر شهرا . 
وروي عن أشياخ أخر قالوا: أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة سبعة عشر من ربيع الأول ، قبل الهجرة بسنة .  
وقال مؤلف الكتاب: ويقال إنه كان ليلة سبع وعشرين من رجب . 
أخبرنا هبة الله بن محمد  قال: أخبرنا الحسن بن علي التميمي  قال: أخبرنا أحمد بن جعفر  قال: أخبرنا  عبد الله بن أحمد بن حنبل  قال: حدثني أبي قال: حدثنا عفان  قال: أخبرنا همام بن يحيى  قال: سمعت  قتادة  يحدث عن  أنس بن مالك   : أن مالك بن صعصعة  حدثه: أن نبي الله صلى الله عليه وسلم حدثهم عن ليلة أسري به ، قال: "بينما أنا في الحطيم - وربما قال  قتادة   : في الحجر - مضطجع إذ أتاني آت فجعل يقول لصاحبه: الأوسط بين الثلاثة . قال: فأتاني فقد - وسمعت قتادة يقول: فشق - ما بين هذه [إلى هذه" ] . 
قال قتادة: فقلت للجارود  وهو إلى جنبي: ما يعني؟ قال: من ثغرة نحره إلى شعرته . [وقد سمعته يقول: من قصته] إلى شعرته .  [ ص: 27 ] 
قال: "فاستخرج قلبي" قال: "فأتيت بطست من [ذهب مملوءة إيمانا] وحكمة ، فغسل قلبي ثم حشي ثم أعيد ، ثم أتيت بدابة دون [البغل] وفوق الحمار ، أبيض" . 
قال: فقال للجارود   : أهو البراق يا أبا حمزة؟ قال: نعم يقع خطوه عند أقصى طرفه . 
قال: "فحملت عليه ، فانطلق بي جبريل  عليه السلام حتى أتى بي إلى السماء الدنيا ، فاستفتح ، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل   . قيل: ومن معك؟ قال: محمد . قيل: أوقد أرسل إليه؟ قال: نعم . فقيل: مرحبا به ، ونعم المجيء جاء" . 
قال: "ففتح لنا ، فلما خلصت فإذا فيها آدم عليه السلام . فقال: هذا أبوك آدم فسلم عليه ، فسلمت عليه ، فرد السلام وقال: مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح . ثم صعد حتى أتى السماء الثانية ، فاستفتح ، فقيل له: من هذا؟ قال: جبريل   . قيل: ومن معك؟ قال: محمد . قيل: أوقد أرسل إليه؟ قال: نعم . قيل: مرحبا به ، ونعم المجيء جاء ، قال: ففتح . 
قال: "فلما خلصت فإذا يحيى  وعيسى  وهما ابنا الخالة ، فقال: هذا يحيى  وعيسى  فسلم عليهما . قال: فسلمت عليهما فردا السلام ، ثم قالا: مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح . ثم صعد حتى أتى السماء الثالثة ، فاستفتح ، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل   . قيل: ومن معك؟ قال: محمد . قيل: أوقد أرسل إليه؟ قال: نعم . قيل: مرحبا به ، ونعم المجيء جاء" . 
قال: "ففتح ، فلما خلصت ، إذا يوسف . قال: هذا يوسف فسلم عليه . فسلمت عليه فرد السلام ، ثم قال: مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح ، ثم صعد حتى أتى السماء الرابعة فاستفتح . فقيل: من هذا؟ قال: جبريل   . قيل: ومن معك؟ قال: محمد . قيل: أوقد أرسل إليه؟ قال: نعم . قيل: مرحبا به ، ونعم المجيء جاء" .  [ ص: 28 ] 
قال: "ففتح ، فلما خلصت إذا إدريس ، قال: هذا إدريس ، فسلم عليه . فسلمت عليه فرد السلام ثم قال: مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح" . 
قال: "ثم صعد حتى أتى السماء الخامسة ، فاستفتح ، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل   . قيل: ومن معك؟ قال: محمد . قيل: أوقد [أرسل إليه؟ قال: نعم . قيل] مرحبا به ، ونعم المجيء جاء" . 
قال: " ففتح ، فلما خلصت فإذا هارون . [قال: هذا هارون فسلم عليه" ] قال: "فسلمت عليه فرد السلام ، وقال: مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح" . 
قال: "ثم صعد حتى أتى إلى السماء السادسة ، فاستفتح . قيل: من هذا؟ قال: جبريل   . قيل: ومن معك؟ قال: محمد قيل: أوقد أرسل إليه؟ قال: نعم . قيل: مرحبا به ، ونعم المجيء جاء" . 
قال: "ففتح ، فلما خلصت ، فإذا أنا بموسى . قال: هذا موسى فسلم عليه . 
فسلمت عليه ، فرد السلام ، ثم قال: مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح" . 
قال: "فلما تجاوزت بكى ، فقيل له: ما يبكيك؟ قال: أبكي [لأن] غلاما بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمتي" . 
قال: "ثم صعد حتى أتى إلى السماء السابعة ، فاستفتح . فقيل: من هذا؟ قال: جبريل   . قيل: ومن معك؟ قال: محمد . قيل: أوقد أرسل إليه؟ قال: نعم . قال: مرحبا به ، ونعم المجيء جاء" . 
قال: "ففتح ، فلما خلصت فإذا إبراهيم . فقال: هذا [أبوك] إبراهيم فسلم عليه" . قال: "فسلمت عليه ، فرد السلام ، ثم قال: مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح" .  [ ص: 29 ] 
قال: "ثم رفعت إلى سدرة المنتهى ، فإذا نبقها مثل قلال هجر ، وإذا ورقها مثل آذان الفيلة . فقال: هذه سدرة المنتهى" . 
قال: "وإذا أربعة أنهار: نهران باطنان ، ونهران ظاهران . فقلت: ما هذا يا جبريل؟  قال: أما الباطنان: فنهران في الجنة ، وأما الظاهران: فالنيل والفرات" . 
قال: "ثم رفع إلى البيت المعمور"  . 
قال  قتادة   : وحدثنا الحسن ،  عن  أبي هريرة ،  عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه رأى البيت المعمور يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ، لا يعودون منه  . 
ثم رجع إلى حديث  أنس ،  قال: 
 "ثم أتيت بإناء من خمر ، وإناء من لبن ، وإناء من عسل" قال: "فأخذت اللبن . 
قال: هذه الفطرة أنت عليها وأمتك" . 
قال:  "ثم فرضت علي الصلاة خمسين صلاة كل يوم وليلة"   . 
قال: "فرجعت ، فمررت على موسى ، فقال: بم أمرت؟ قلت: أمرت بخمسين صلاة كل يوم وليلة . فقال: إن أمتك لا تستطيع خمسين صلاة كل يوم ، وإني قد خبرت الناس قبلك [وعالجت بني إسرائيل] أشد المعالجة فارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك" . 
قال: " [فرجعت] ، فوضع عني عشرا ، فرجعت إلى موسى فقال: بم أمرت؟ 
قلت: أمرت بأربعين صلاة كل يوم . قال: إن أمتك لا تستطيع أربعين صلاة كل يوم ، فإني جربت الناس قبلك ، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة ، فارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك" .  [ ص: 30 ] 
قال: "فرجعت ، فوضع عني عشرا أخر ، فرجعت إلى موسى ، فقال: بم أمرت؟ 
قلت: بثلاثين صلاة كل يوم . قال: إن أمتك لا تستطيع لثلاثين صلاة كل يوم ، وإني قد جربت الناس قبلك ، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة ، فارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك" . 
قال: "فرجعت ، فوضع عني عشرا أخر ، فرجعت إلى موسى ، فقال: بم أمرت؟ 
قلت: أمرت بعشرين صلاة كل يوم . فقال: إن أمتك لا تستطيع لعشرين صلاة كل يوم ، وإني قد خبرت الناس قبلك ، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة ، فارجع إلى ربك فسله التخفيف" . 
قال: "فرجعت ، فأمرت بعشر صلوات كل يوم ، فرجعت إلى موسى فقال: بم أمرت؟ قلت: بعشر صلوات كل يوم . فقال: إن أمتك لا تستطيع لعشر صلوات كل يوم ، وإني قد خبرت الناس قبلك ، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة ، فارجع إلى ربك عز وجل فسله التخفيف لأمتك" . 
قال: "فرجعت ، فأمرت بخمس صلوات كل يوم ، فرجعت إلى موسى ، فقال: إن أمتك لا تستطيع لخمس صلوات كل يوم ، وإني قد خبرت الناس قبلك ، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة ، فارجع إلى ربك فسله التخفيف لأمتك" . 
قال: "قلت: قد سألت ربي حتى استحييت ، ولكني أرضى وأسلم . فلما نفذت نادى مناد: قد أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي"  . أخرجاه في الصحيحين . 
وبالإسناد قال أحمد:  وأخبرنا محمد بن جعفر  قال: أخبرنا عوف ،  عن  زرارة بن أوفى ،  عن  ابن عباس  قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  [ ص: 31 ]  "لما كان ليلة أسري بي ، وأصبحت بمكة  فظعت بأمري وعرفت أن الناس مكذبي"   . 
قال: فقعد معتزلا حزينا ، فمر به أبو جهل فجاء حتى جلس إليه ، فقال له كالمستهزئ: هل كان من شيء؟ 
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعم" . 
قال: وما هو؟ 
قال: "إني أسري بي الليلة" . 
قال: إلى أين؟ . 
قال: "إلى بيت المقدس   " . 
قال: ثم أصبحت بين ظهرانينا؟! قال: "نعم" . 
قال: فلم ير أن يكذبه مخافة أن يجحده الحديث إن دعي قومه إليه . 
قال: أرأيت إن دعوت قومك ، أتحدثهم ما حدثتني ؟ 
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم . 
فقال: يا معشر بني كعب بن لؤي . 
حتى انتفضت إليه المجالس ، وجاءوا حتى جلسوا إليهما . 
قال: حدث قومك بما حدثتني . 
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني أسري بي الليلة" . 
قالوا: إلى أين؟ 
 [ ص: 32 ] 
قال: "إلى بيت المقدس   " . 
قالوا: ثم أصبحت بين ظهرانينا؟! قال: "نعم" . 
قال: فمن بين مصفق ، وواضع يده على رأسه متعجبا للكذب زعم . 
قالوا: أوتستطيع أن تنعت لنا المسجد - وفي القوم من قد سافر إلى ذلك البلد ورأى المسجد . 
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " [فذهبت أنعت] فما زلت أنعت حتى التبس علي بعض النعت" . 
قال: "فجيء بالمسجد وأنا أنظر إليه حتى وضع دون دار عقيل - أو عقال - فنعته وأنا أنظر إليه" . قال: وكان مع هذا نعت لم أحفظه ، فقال قوم: أما النعت فوالله لقد أصاب . 
				
						
						
