المريسيع] [غزوة
وفي هذه السنة كانت غزوة المريسيع في شعبان ، وذلك بني المصطلق كانوا ينزلون على بئر لهم يقال لها: المريسيع ، وكان سيدهم الحارث بن أبي ضرار ، فسار في قومه ، ومن قدر عليه فدعاهم إلى حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجابوه ، وتهيأوا للمسير معه ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبعث ليعلم علم ذلك ، فأتاهم ولقي بريدة بن الحصيب الحارث بن أبي ضرار وكلمه ورجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخبره ، فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إليهم فأسرعوا الخروج ومعهم ثلاثون فرسا ، وخرج معهم جماعة من المنافقين ، واستخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم [على المدينة ] ، وخرج يوم الاثنين لليلتين خلتا من شعبان ، وبلغ زيد بن حارثة الحارث بن أبي ضرار ومن معه مسير رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنه قد قتل عينه [ ص: 219 ] الذي كان يأتيه بخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فسيء بذلك فخاف وتفرق من معه من العرب ، وانتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المريسيع ، فضرب عليه قبته ومعه و عائشة ، فتهيئوا للقتال ، وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه ، ودفع راية المهاجرين إلى أم سلمة وراية الأنصار إلى أبي بكر الصديق فتراموا بالنبل ساعة ، ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه ، فحملوا حملة رجل واحد ، فقتل من العدو عشرة وأسر الباقون ، وسبى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجال والنساء والذرية والنعم والشاء ، فكانت الإبل ألفي بعير ، والشاء خمسة آلاف ، والسبي مائتي أهل بيت ، ولم يقتل من المسلمين سوى رجل واحد . سعد بن عبادة ، أن
وقد روى أنه كان حدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أغار عليهم وهم غارون ونعمهم يسقى على الماء . ابن عمر
قال مؤلف الكتاب: والأول أصح .
ولما رجع المسلمون بالسبي قدم أهاليهم فافتدوهم ، وجعلت في سهم جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار وابن عم له ، فكاتباها ، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتابتها ، فأدى عنها وتزوجها وسماها ثابت بن قيس برة ، وقيل: إنه جعل صداقها عتق أربعين من قومها .
وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا نضلة الطائي بشيرا إلى المدينة بفتح المريسيع .
أنبأنا أبو بكر بن عبد الباقي ، قال: أنبأنا أبو محمد الجوهري ، قال: أخبرنا ، قال: أخبرنا ابن حيويه أحمد بن معروف ، قال: حدثنا الحسين بن الفهم ، قال: أخبرنا محمد بن سعد ، قال: أخبرنا محمد بن عمر ، قال: أخبرنا عبد الله بن يزيد بن قسيط ، عن أبيه ، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان ، قالت: أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في عائشة بني المصطلق ، فأخرج الخمس منه ، ثم قسمه بين الناس ، فأعطى الفرس سهمين والرجل سهما ، فوقعت في سهم جويرية بنت الحارث وكاتبها ثابت بن قيس ، على تسع أواق ، وكانت امرأة حلوة لا يكاد أحد [ ص: 220 ] يراها إلا أخذت بنفسه ، فبينا النبي صلى الله عليه وسلم عندي إذ دخلت عليه ثابت بن قيس جويرية ، فسألته في كتابتها فو الله ما هو إلا أن رأيتها ، فكرهت دخولها على النبي صلى الله عليه وسلم وعرفت أنه سيرى منها مثل الذي رأيت ، فقالت: يا رسول الله ، أنا سيد قومه ، وقد أصابني من الأمر ما قد علمت ، فوقعت في سهم جويرية بنت الحارث فكاتبني على تسع أواق؛ فأعني في فكاكي ، فقال: "أو خير من ذلك؟!" قالت: ما هو يا رسول الله؟ قال: "أودي عنك كتابتك وأتزوجك" قالت: نعم يا رسول الله . قال: "قد فعلت" وخرج الخبر إلى الناس فقالوا: أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم يسترقون! فأعتقوا ما كان في أيديهم من نساء ثابت بن قيس ، المصطلق ، فبلغ عتقهم إلى مائة بيت بتزويجه إياها ، فلا أعلم امرأة أعظم بركة على قومها منها عن