وهي على بريد من المدينة على طريق الشام في ربيع الأول .
قالوا: كانت لقاح رسول الله صلى الله عليه وسلم - [وهي] عشرون لقحة - ترعى بالغابة [وكان فيها] فأغار عليها أبو ذر عيينة بن حصن ليلة الأربعاء في أربعين [فارسا] فاستاقوها وقتلوا راعيها ، وجاء الصريخ فنادى: " [الفزع الفزع ، فنودي:] يا خيل الله اركبي" ، فكان أول ما نودي بها ، وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم . فخرج غداة الأربعاء في [ ص: 252 ] الحديد مقنعا ، [فوقف ، فكان أول من أقبل إليه وعليه الدرع والمغفر ، شاهرا سيفه ، فعقد له رسول الله صلى الله عليه وسلم لواء في رمحه ، وقال: "امض حتى تلحقك الخيول ، إنا على أثرك" ] ، واستخلف [رسول الله صلى الله عليه وسلم على المقداد بن عمرو ، المدينة ] وخلف عبد الله بن أم مكتوم ، في ثلاثمائة [من قومه] يحرسون سعد بن عبادة المدينة .
قال المقداد: فخرجت فأدركت أخريات العدو وقد قتل أبو قتادة مسعدة ، فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فرسه وسلاحه ، وقتل عكاشة [بن محصن أثار بن عمرو بن أثار] ، وقتل المقداد [بن عمرو: حبيب بن عيينة بن حصن ، وقرفة بن مالك بن حذيفة بن بدر] .
وقتل من المسلمين محرز بن نضلة ، قتله مسعدة . وأدرك القوم وهو على رجليه ، فجعل يراميهم بالنبل ، ويقول : سلمة بن الأكوع
خذها وانا ابن الأكوع اليوم يوم الرضع"
حتى انتهى بهم إلى ذي قرد ناحية خيبر [مما يلي المستناخ] .قال سلمة: فلحقنا رسول الله صلى الله عليه وسلم [والناس] والخيول عشاء ، فقلت: يا رسول الله ، إن القوم عطاش فلو بعثتني في مائة رجل استنقذت ما في أيديهم من السرح وأخذت بأعناق القوم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ملكت فأسجح" ، [ثم قال: "إنهم الآن [ ص: 253 ] ليقرون في غطفان" . وذهب الصريخ إلى بني عمرو بن عوف ، فجاءت الأمداد ، فلم تزل الخيل تأتي والرجال على أقدامهم وعلى الإبل حتى انتهوا] إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي قرد ، فاستنقذوا عشر لقائح ، وأفلت القوم بما بقي وهي عشر ، وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي قرد صلاة الخوف ، وأقام به يوما وليلة [يتحسس الخبر ، وقسم في كل مائة من أصحابه جزورا ينحرونها - وكانوا خمسمائة ، ويقال سبعمائة - وبعث إليه بأحمال تمر وبعشر جزائر ، فوافت رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي قرد ، سعد بن عبادة والثبت عندنا] أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر على هذه السرية سعد بن زيد الأشهلي ، ولكن الناس نسبوها إلى المقداد [لقول حسان بن ثابت:
غداة فوارس المقداد
فعاتبه سعد بن زيد ، فقال: اضطرني الروي إلى المقداد] .
ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة يوم الاثنين ، وقد غاب خمس ليال