ذكر ما جرى من هؤلاء الملوك حين بعث إليهم
قال مؤلف الكتاب :
أما
nindex.php?page=hadith&LINKID=45807المقوقس فإنه لما وصل إليه nindex.php?page=showalam&ids=195حاطب بن أبي بلتعة أكرمه وأخذ كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكتب في جوابه:
"قد علمت أن نبيا قد بقي ، وقد أكرمت رسولك" ، وأهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع جوار ، منهن مارية أم إبراهيم [ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم] ، وحمارا يقال له: عفير ، وبغلة يقال لها: الدلدل ، ولم يسلم .
فقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم هديته ، وقال: "ضن الخبيث بملكه ولا بقاء لملكه" .
واصطفى مارية لنفسه ، وأما الحمار فنفق في منصرفه من حجة الوداع ، وأما البغلة فبقيت إلى زمن
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية . [ ص: 275 ]
أخبرنا
محمد بن عبد الباقي ، قال: أخبرنا
الجوهري ، قال: أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=13103ابن حيويه ، قال: أخبرنا
أحمد بن معروف ، قال: أخبرنا
الحارث بن أبي أسامة ، قال: حدثنا
محمد بن سعد ، قال: أخبرنا
محمد بن عمر ، قال: أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=16318عبد الحميد بن جعفر ، عن
أبيه ، قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=96190لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية في ذي القعدة سنة ست من الهجرة nindex.php?page=treesubj&link=33976بعث nindex.php?page=showalam&ids=195حاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس القبطي صاحب الإسكندرية ، وكتب إليه معه كتابا يدعوه إلى الإسلام ، فلما قرأ الكتاب قال له خيرا ، وأخذ الكتاب - وكان مختوما - فجعله في حق من عاج وختم عليه ودفعه إلى جارية له ، وكتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم جواب كتابه ولم يسلم وأهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال مؤلف الكتاب : إلا أن هذه الهدية وصلت في سنة سبع ، وسنذكر هذا .
وأما
قيصر وهو هرقل ملك الروم فإنه كان قد ظهر على من كان بأرضه من فارس ، وأخرجهم منها ، وانتزع [له منهم] صليبه الأعظم ، وكانوا قد استلبوه إياه ، فخرج من
حمص يمشي على قدميه شكرا لله حين رد عليه ما رد تبسط له البسط ، وتلقى عليها الرياحين حتى انتهى إلى
إيلياء وقضى فيها صلاته ، وأنه أصبح يوما مهموما يقلب طرفه في السماء ، فقالت له بطارقته:
لقد أصبحت أيها الملك مهموما ، قال: أجل أريت في هذه الليلة أن ملك الختان ظاهر ، قالوا: ما تعلم أمة تختتن إلا يهود ، وهم في سلطانك وتحت يدك ، فابعث إلى من لك عليه سلطان في بلادك ، فمره أن يضرب أعناق من تحت يده من يهود ، واسترح من هذا الهم ، فبينما هم في ذلك من رأيهم أتاه رسول صاحب
بصرى برجل من العرب يقوده ، فقال: أيها الملك إن هذا من العرب يحدث عن أمر يحدث ببلاده عجب ، قال
هرقل لترجمانه: سله ما هذا الحدث الذي كان ببلاده؟ فسأله فقال: خرج من بين أظهرنا رجل يزعم أنه نبي فاتبعه ناس وخالفه آخرون ، وكانت بينهم ملاحم فتركتهم على ذلك ،
[ ص: 276 ] فقال: جردوه ، فجردوه ، فإذا هو مختون ، فقال
هرقل: هذا والله الذي رأيت ، أعطوه ثوبه ، انطلق عنا ، ثم دعى صاحب شرطته ، فقال: قلب لي
الشام ظهرا وبطنا حتى تأتيني برجل من قوم هذا الرجل - يعني النبي صلى الله عليه وسلم .
قال
أبو سفيان: وكنت قد خرجت في تجارة في زمان الهدنة ، فهجم علينا صاحب شرطته ، فقال: أنتم قوم هذا الرجل؟ قلنا: نعم؛ فدعانا .
أخبرنا
هبة الله بن محمد بن عبد الواحد ، قال: أخبرنا
الحسن بن علي التميمي ، قال: أخبرنا
أحمد بن جعفر بن حمدان ، قال: أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=16408عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال:
حدثني
أبي ، قال: حدثنا
يعقوب ، قال: أخبرنا
ابن أخي الزهري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، قال:
أخبرنا
عبيد الله بن عبد الله بن عتبة [بن مسعود] ، أن
nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن عباس أخبره:
nindex.php?page=hadith&LINKID=68389nindex.php?page=treesubj&link=30937أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى قيصر يدعوه إلى الإسلام ، وبعث بكتابه مع nindex.php?page=showalam&ids=202دحية الكلبي ، وأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدفعه إلى عظيم بصرى [ليدفعه] إلى قيصر ، [فدفعه عظيم بصرى] ، وكان قيصر لما كشف الله عز وجل عنه جنود فارس مشى من حمص إلى إيليا ، على الزرابي تبسط له .
قال
[عبد الله] بن عباس: فلما جاء قيصر كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين قرأه:
التمسوا لي من قومه من أسأله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: فأخبرني
أبو سفيان صخر بن حرب أنه كان
بالشام في رجال من
قريش قدموا تجارا وذلك في المدة التي كانت بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين كفار [
قريش ] .
[ ص: 277 ] nindex.php?page=hadith&LINKID=683097فقال أبو سفيان: فأتى رسول قيصر ، فانطلق بي وبأصحابي ، حتى قدمنا إيليا ، فأدلجنا عليه فإذا هو جالس في مجلس ملكه ، عليه التاج ، وإذا حوله عظماء الروم ، فقال لترجمانه: سلهم أيهم أقرب نسبا بهذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟ قال أبو سفيان: فقلت: أنا أقربهم [إليه] نسبا ، قال: ما قرابتك منه؟ [قال] : قلت: هو ابن عمي .
قال أبو سفيان: وليس في الركب يومئذ من بني عبد مناف غيري . [قال:] فقال قيصر: أدنوه [مني] ، ثم أمر بأصحابي فجعلوا خلف ظهري [عند كتفي] ، ثم قال لترجمانه: قل لأصحابه إني سائل هذا عن الرجل الذي يزعم أنه نبي ، فإن كذب فكذبوه .
قال أبو سفيان: فو الله لولا استحيائي يومئذ يأثر أصحابي عني الكذب لكذبته حين سألني ، ولكني استحييت أن يأثروا عني الكذب ، فصدقته عنه ، ثم قال لترجمانه:
قل له كيف نسب هذا الرجل فيكم؟ [قال] قلت: هو فينا ذو نسب ، قال: فهل [قال] هذا القول منكم أحد [قط] قبله؟ قال: قلت: لا ، قال: [فهل كان من آبائه من ملك؟ قال: قلت: لا ، قال:] فأشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم؟ قال: قلت:
بل ضعفاؤهم ، قال: فيزيدون أم ينقصون؟ قال: قلت: [بل] يزيدون ، قال: فهل يرتد أحد سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟ قلت: لا ، قال: فهل يغدر؟ [قال:] قلت:
لا ، ونحن الآن منه في مدة ، ونحن نخاف ذلك . [ ص: 278 ]
قال: قال أبو سفيان: ولم تمكني كلمة أدخل فيها شيئا أنتقصه به غيرها ، لا أخاف أن يأثروا عني . قال: فهل قاتلتموه أو قاتلكم؟ [قال] : قلت: نعم . قال: كيف كانت حربكم وحربه؟ قال: قلت: كانت دولا سجالا ندال عليه المرة ، ويدال علينا الأخرى ، قال: فبم يأمركم؟ قال: قلت: يأمرنا أن نعبد الله وحده ولا نشرك به شيئا ، وينهانا عما كان يعبد آباؤنا ، ويأمرنا بالصلاة والصدق ، والعفاف والوفاء بالعهد ، وأداء الأمانة .
قال: فقال لترجمانه حين قلت له ذلك: قل له إني سألتك عن نسبه فيكم فزعمت أنه فيكم ذو نسب ، وكذلك الرسل تبعث في نسب قومها ، وسألتك هل قال هذا القول أحد منكم قط قبله فزعمت أن لا . فقلت: لو كان أحد منكم قال هذا القول قبله قلت: رجل يأتم بقول قيل قبله ، وسألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ فزعمت أن لا ، فقد عرفت أنه لم يكن ليذر الكذب على الناس ، ويكذب على الله تعالى ، وسألتك هل كان من آبائه من ملك؟ فزعمت أن لا ، فقلت: لو كان من آبائه ملك قلت:
رجل يطلب ملك آبائه ، وسألتك أشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم؟ فزعمت أن ضعفاءهم اتبعوه وهم أتباع الرسل ، وسألتك: هل يزيدون أم ينقصون؟ فزعمت أنهم يزيدون ، وكذلك الإيمان حين يخالط بشاشة القلوب لا يسخطه أحد ، وسألتك هل يغدر؟ فزعمت أن لا ، وكذلك الرسل ، وسألتك هل قاتلتموه وقاتلكم؟ فزعمت أن قد فعل ، وأن حربكم وحربه يكون دولا يدال عليكم المرة وتدالون عليه الأخرى ، وكذلك الرسل تبتلى ويكون لها العاقبة ، وسألتك بماذا يأمركم؟
فزعمت أنه يأمركم أن تعبدوا الله عز وجل وحده لا تشركوا به شيئا وينهاكم عما كان يعبد آباؤكم ، ويأمركم بالصدق والصلاة ، والعفاف ، والوفاء بالعهد ، وأداء الأمانة ، وهذه صفة نبي قد كنت أعلم أنه خارج ، ولكن لم أظن أنه منكم ، فإن يكن ما قلت فيه حقا فيوشك أن يملك موضع قدمي هاتين ، والله لو أرجو أن أخلص إليه لتجشمت لقيه ، ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه .
قال أبو سفيان: ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر به ، فقرئ فإذا فيه:
"بسم الله الرحمن الرحيم . من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم ، [ ص: 279 ] سلام على من اتبع الهدى ، أما بعد . فإني أدعوك بداعية الإسلام ، أسلم تسلم ، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين ، فإن توليت فعليك إثم الأريسيين - يعني الأكارة - nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=64يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله ، فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون . قال أبو سفيان: فلما قضى مقالته علت أصوات الذين حوله من علماء الروم ، وكثر لغطهم فلا أدري ماذا قالوا . وأمر بنا فأخرجنا .
قال
أبو سفيان: فلما خرجت مع أصحابي وخلصت قلت لهم: أمر أمر
ابن أبي كبشة ، هذا ملك بني الأصفر يخافه .
قال
أبو سفيان: فو الله ما زلت ذليلا مستيقنا أن أمره سيظهر ، حتى أدخل الله عز وجل قلبي الإسلام وأنا كاره .
قال مؤلف الكتاب: وروينا عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، قال : حدثني أسقف النصارى: أن
هرقل قدم عليه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجعله بين فخذيه وخاصرته . ثم كتب إلى رجل برومية كان يقرأ من العبرانية ما يقرءونه يخبره بما جاء إليه صاحب رومية: إنه للنبي الذي كنا ننتظر ، لا شك فيه ، فاتبعه وصدقه .
[ ص: 280 ]
فأمر ببطارقة الروم ، فجمعوا له في دسكرة ، فأشرجت أبوابها [عليهم] ، ثم اطلع عليهم من علية له ، وقد خافهم على نفسه ، وقال: يا معشر الروم ، إنه قد أتاني هذا الرجل يدعوني إلى دينه ، وإنه والله للنبي الذي كنا ننتظره ونجده في كتبنا ، فهلموا فلنتبعه فتسلم لنا دنيانا وآخرتنا .
فنخروا نخرة رجل واحد ، ثم ابتدروا أبواب الدسكرة فوجدوها قد أغلقت ، فقال:
ردوهم ، ثم قال: يا معشر الروم ، إنما قلت لكم [ما قلت] لأنظر كيف صلابتكم على دينكم ، وقد رأيت منكم الذي أسر به ، فوقعوا له سجودا؟ وانطلقوا .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق عن بعض أهل العلم ، أن
هرقل قال
لدحية: والله إني لأعلم أن صاحبك نبي مرسل ، وإنه الذي كنا ننتظره ، ولكني أخاف الروم على نفسي ، ولولا ذلك لاتبعته ، فاذهب إلى فلان الأسقف فاذكر له أمر صاحبك ، فهو والله أعظم في الروم مني .
فجاءه
nindex.php?page=showalam&ids=202دحية ، فأخبره ، فقال له: صاحبك والله نبي مرسل نعرفه . ثم دخل فألقى ثيابا سودا كانت عليه ، ولبس ثيابا بيضاء ، ثم خرج ، فقال: قد جاءنا كتاب من
أحمد يدعونا فيه إلى الله عز وجل ، وإني أشهد أن لا إله إلا الله وأن
أحمد عبده ورسوله .
فوثبوا عليه [وثبة رجل واحد] ، فضربوه حتى قتلوه . فرجع
nindex.php?page=showalam&ids=202دحية فأخبر
هرقل ، فقال: قد قلت ذلك ، إنا نخافهم على أنفسنا .
وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق ، عن
خالد بن يسار ، عن رجل من قدماء أهل الروم ، قال: لما أراد
هرقل الخروج من أرض
الشام إلى
القسطنطينية ، لما بلغه من أمر رسول
[ ص: 281 ] الله صلى الله عليه وسلم جمع الروم ، وقال: إني عارض عليكم أمورا ، فانظروا [فيم قد أردتها] قالوا: وما هي؟ قال: تعلمون والله أن هذا الرجل لنبي مرسل نجده في كتبنا ونعرفه بصفته ، فهلم نتبعه . فقالوا: نكون تحت أيدي العرب ، قال: فأعطيه الجزية كل سنة ، اكسروا عني شوكته وأستريح من حربه ، قالوا: نعطي العرب الذل والصغار ، لا والله ، قال: فأعطيه أرض سورية - وهي
فلسطين ، والأردن ، ودمشق ، وحمص ، وما دون الدرب - قالوا: لا نفعل ، قال: أما والله لترون أنكم قد ظفرتم إذا امتنعتم منه في مدينتكم . ثم جلس على بغل له ، [فانطلق] حتى إذا أشرف على الدرب استقبل أرض
الشام ، فقال: السلام عليك أرض سورية ، سلام الوداع ، ثم ركض يطلب
القسطنطينية .
وأما
كسرى فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إليه بكتاب مع
nindex.php?page=showalam&ids=196عبد الله بن حذافة .
أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=12685ابن الحصين ، أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=12886ابن المذهب ، [قال: أخبرنا
أحمد بن جعفر] ، قال: أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=16408عبد الله بن أحمد ، قال: حدثني
أبي ، قال: أخبرنا
سليمان بن داود ، قال:
أخبرنا
إبراهيم بن سعد ، قال حدثني
صالح [بن كيسان] ،
وابن أخي ابن شهاب ، كلاهما عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب ، عن
عبيد الله بن عبد الله ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=654072nindex.php?page=treesubj&link=30936بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=showalam&ids=196عبد الله بن حذافة بكتابه إلى كسرى ، [فدفعه إلى عظيم البحرين ، فدفعه عظيم البحرين إلى كسرى] ، فلما قرأه كسرى خرقه . قال nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب: فحسبت nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب قال: فدعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم [بأن] يمزقوا كل ممزق .
[ ص: 282 ]
أنبأنا
عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي ، قال: أخبرنا
عبد الواحد بن علي بن محمد بن فهير ، قال: أخبرنا
أبو الفرج محمد بن فارس الغوري ، قال: أخبرنا
علي بن أحمد بن أبي قبيس ، قال: حدثنا
أبو بكر القرشي ، قال: أخبرنا
أحمد بن محمد بن أيوب ، قال: أخبرنا
إبراهيم بن سعد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13114محمد بن إسحاق ، قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=104914بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن حذافة بن قيس إلى كسرى بن هرمز ملك فارس ، وكتب:
"بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس ، سلام الله على من اتبع الهدى وآمن بالله ورسوله ، وشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وأدعوك بداعية الله عز وجل ، فإني أنا رسول الله إلى الناس كافة لأنذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين ، فأسلم تسلم ، فإن أبيت ، فإن إثم المجوس عليك" .
فلما قرأ كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم شققه ، وقال: يكتب إلي بهذا الكتاب وهو عبدي . فبلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مزق ملكه" حين بلغه أنه شقق كتابه .
ثم كتب كسرى إلى باذان ، وهو على اليمن ، أن ابعث إلى هذا الرجل الذي بالحجاز رجلين من عندك جلدين ، فليأتياني به ، فبعث باذان قهرمانه ، وهو ابن بابويه - وكان كاتبا حاسبا - وبعث معه برجل من الفرس يقال له: خرخسره ، وكتب معهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمره أن ينصرف معهما إلى كسرى ، وقال لبابويه: ويلك انظر ما الرجل؟ وكلمه وأتني بخبره ، فخرجا حتى قدما الطائف ، فسألا عنه ، فقالوا هو بالمدينة واستبشروا ، وقالوا: قد نصب له كسرى ملك الملوك ، كفيتم الرجل ، فخرجا حتى قدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكلمه بابويه ، وقال له: إن شاهانشاه ملك الملوك كسرى قد كتب إلى الملك باذان يأمره أن يبعث إليك بأمره أن يأتيه بك ، وقد بعثني إليك لتنطلق معي ، فإن [ ص: 283 ] فعلت كتب فيك إلى ملك الملوك بكتاب ينفعك ويكف عنك به ، وإن أبيت فهو من قد علمت ، فهو مهلكك ومهلك قومك ، ومخرب ديارك . وكانا قد دخلا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد حلقا لحاهما وأعفيا شواربهما ، فكره النظر إليهما ، وقال: "ويلكما ، من أمركما بهذا؟" قالا: أمرنا بهذا ربنا - يعنيان كسرى - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لكن ربي أمرني بإعفاء لحيتي وقص شاربي" . ثم قال لهما: "ارجعا حتى تأتياني غدا" . وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر [من السماء] : أن الله قد سلط على كسرى ابنه شيرويه ، فقتله في شهر كذا وكذا من ليلة كذا وكذا من الليل .
فلما أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهما: "إن ربي قد قتل ربكما ليلة كذا وكذا من شهر كذا وكذا بعد ما مضى من الليل ، سلط عليه ابنه شيرويه فقتله ، فقالا: هل تدري ما تقول ، إنا قد نقمنا منك ما هو أيسر من هذا ، أفنكتب بها عنك ، ونخبر الملك . قال:
نعم أخبراه ذلك عني ، وقولا له: إن ديني وسلطاني سيبلغ ما بلغ ملك كسرى ، وينتهي إلى منتهى الخف والحافر ، قولا له: إنك إن أسلمت أعطيتك ما تحت يديك وملكتك على قومك من الأبناء ، ثم أعطى خرخسره منطقة فيها ذهب وفضة كان أهداها له بعض الملوك . فخرجا من عنده حتى قدما على باذان ، فأخبراه الخبر ، فقال: والله ما هذا بكلام ملك وإني لأرى الرجل نبيا كما يقول ، ولتنظرن ما قد قال ، ولئن كان ما قد قال حقا ما فيه كلام إنه لنبي مرسل ، وإن لم يكن فسنرى فيه رأينا . فلم يلبث باذان أن قدم عليه كتاب شيرويه:
"أما بعد ، فإني قد قتلت أبي كسرى ، ولم أقتله إلا غضبا لفارس لما كان استحل من قتل أشرافهم وتجميرهم في ثغورهم ، فإذا جاءك كتابي هذا فخذ لي الطاعة ممن قبلك ، وانظر الرجل الذي كان كسرى كتب إليك فيه فلا تهجه حتى يأتيك أمري فيه .
فلما انتهى كتاب شيرويه إلى باذان ، قال: إن هذا الرجل لرسول الله ، فأسلم الأبناء من فارس من كان منهمباليمن [ ص: 284 ]
قال
القرشي: وأخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=16598علي بن الجعد ، قال: أخبرنا
أبو معشر ، عن
المقبري ، قال:
جاء فيروز الديلمي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن كسرى كتب إلى باذان: بلغني أن في أرضك رجلا نبيا فاربطه وابعثه إلي ، فقال: إن ربي غضب على ربك فقتله ودمه يثخن الساعة ، فخرج من عنده ، فسمع الخبر فأسلم وحسن إسلامه .
قال علماء السير : كان
أبرويز قد جمع من الأموال ما لم يجمعه أحد ، ومن الجواهر والأمتعة والكراع ، وافتتح من بلاد أعدائه ، وبلغت خيله
القسطنطينية وإفريقية ، وكان شديد الفطنة ، قوي الذكاء ، بعث
الإصبهبذ مرة إلى الروم فأخذ خزائن الروم وبعثها إلى
كسرى ، فخاف كسرى أن يتغير عليه الإصبهبذ لما قد نال من الظفر ، فبعث من يقتله ، فجاء إليه الرجل ، فرأى من عقله وتدبيره ، فقال: مثل هذا لا يقتل ، فأخبره بما جاء لأجله ، فبعث إلى قيصر: إني أريد أن ألقاك .
فالتقيا فقال له: إن الخبيث قد هم بقتلي ، وإني أريد إهلاكه ، فاجعل لي من نفسك ما أطمئن إليه ، وأعطيك من بيوت أمواله مثل ما أصبت منك . فأعطاه المواثيق .
فسار قيصر في أربعين ألفا فنزل
بكسرى ، فعلم كسرى كيف جرت الحال ، فدعا قسا نصرانيا ، فقال: إني كاتب معك كتابا لطيفا لتبلغه إلى
الإصبهبذ ولا تطلعن على ذلك أحدا ، فأعطاه ألف دينار ، وقد علم كسرى أن القس يوصل كتابه إلى قيصر؛ لأنه لا يحب هلاك الروم ، وكان في الكتاب: إن الله قد أمكن منهم بتدبيرك فلا عدمت صواب الرأي ، وأنا ممهل قيصر حتى يقرب من المدائن ، ثم أغافصه في يوم كذا ، فأغير على من قبلك فإنه استئصالهم ، فخرج القس بالكتاب فأوصله إلى قيصر ، فقال قيصر:
ما أراد إلا هلاكنا . فانهزم واتبعه كسرى فنجى في شرذمة ، وبلغ من فطنة كسرى أن منجميه قالوا: إنك ستقتل ، فقال: لأقتلن من يقتلني .
فلما بعث ابنه إليه ليقتله قال للرجل: إني أدلك على شيء فيه غناك؛ الصندوق
[ ص: 285 ] الفلاني . فذهب إلى شيرويه فأخبره ، فأخرج الصندوق وفيه حق وفي الحق حب ، وهناك مكتوب: من أخذ منه حبة افتض عشرة أبكار ، فأخذه شيرويه وأعطى الرجل مالا ، ثم أخذ منه حبة ، فكان فيها هلاكه .
فكان كسرى أول ميت أخذ بثأره من حي .
قالوا: كان كسرى يشتي
بالمدائن ، ويصيف ما بينها وبين
همذان ، وكانت له اثنا عشر ألف امرأة وجارية .
وقال بعض العلماء: كان في قصره ثلاثة آلاف امرأة يطؤهن ، وألوف جواري [اتخذهن] للخدمة والغناء ، وثلاثة آلاف رجل يقومون بخدمته ، وثمانية آلاف وخمسمائة دابة لمراكبه ، واثني عشر ألف بغلا لثقله ، وكان له خمسون ألف دابة ، وألف فيل إلا واحدا .
وبعضهم يقول: سبعمائة وستون فيلا ، وبنى بيوت النيران ، وأقام فيها اثني عشر ألف موبذ للزمزمة ، وأحصى ما جبي من خراج بلاده وغير ذلك من المال المرتفع في سنة ثمان عشرة من ملكه ، فكان أربعمائة ألف ألف مثقال وعشرين ألف ألف مثقال من الورق .
ثم حسد الناس على ما في أيديهم من المال وولى جباية الخراج من يظلم ، واحتقر الأشراف ، وأمر بقتل من في السجون وكانوا ستة وثلاثين ألفا ، فتعلل المأمور وذهب الناس من العظماء إلى
بابل وفيه شيرويه ابنه فأقبلوا به فلزموه ودخلوا به
المدائن ليلا ، فأطلق الأشراف ، ودخل دار المملكة ، واجتمع إليه الوجوه فملكوه ، وأرسل إلى أبيه يقرعه بما كان منه .
واسم
شيرويه قباذ بن أبرويز ، فلما ملك وحبس أباه دخل عليه عظماء الفرس ، فقالوا له: إنه لا يستقيم أن يكون لنا ملكان ، فإما أن تقتل كسرى ونحن راجعون لك بالطاعة ، وإما أن نخلعك ونعطيه الطاعة على ما كنا عليه ، فكسرته هذه المعادلة ، وأمر
[ ص: 286 ] بتحويل كسرى من دار المملكة إلى دار رجل يقال له مارسفند ، فحمل كسرى على برذون ، وقنع رأسه ، وسير به إلى تلك الدار ومعه ناس من الجند ، فمروا به على إسكاف [جالس] في حانوت على الطريق ، فعرفه فحذفه بقالب ، فعطف إليه رجل من الجند فضرب عنقه .
وقال شيرويه لرجل : انطلق إلى الملك أبينا فقل له: إنا لم نكن للبلية التي أصبحت فيها ولا أحد من رعيتنا سببا ، ولكن الله قضاها عليك جزاء لسيئ عملك وفتكك بأبيك
هرمز ، وإزالتك الملك عنه ، وسملك عينيه ، وقتلك إياه شر قتلة ، ومنها سوء صنيعك إلى أبنائك ، ولقد حظرت علينا مجالسة الأخيار ، وكل من لنا فيه دعة وغبطة . ومنها إساءتك إلى أهل السجون ، فلقوا الشدائد ، ومنها حبسك النساء لنفسك مكرهات مع ترك العطف عليهن ، ومنها ما انتهكت من رعيتك في أمر الخراج وجمعك الأموال من وجوه المضار ، وعدد عليه من هذا الفن ، ثم قال: فإن كانت لك حجة فاذكرها ، وإلا فتب إلى الله تعالى حتى نأمر فيك بأمرنا .
فمضى الرجل ، فاستأذن عليه الحاجب ، فقال كسرى: إن كان له إذن فليس لشيرويه ملك ، وإن كان لشيرويه ملك فلا إذن لنا معه . فدخل الرجل فبلغ الرسالة ، وكانت بيد أبرويز سفرجلة فتدحرجت وتلوثت بالتراب ، فقال كسرى: الأمر إذا أدبر فاتت الحيلة في إقباله ، وإذا أقبل أعيت الحيلة في إدباره ، فإن هذه السفرجلة سقطت من علو ثم لم تلبث أن تلطخت بالتراب ، وفي ذلك دليل على سلب الملك ، فإنه لا يلبث في أيدي عقبنا حتى يصير إلى من ليس من أهل المملكة .
فلما سمع الرسالة ، قال: بلغ عني شيرويه القصير العمر أنه لا ينبغي [لذي عقل أن يبث من أحد الصغير من الذنب ، ولا اليسير من السيئة] إلا بعد تحقق ذلك عنده ، ثم أخذ يعتذر عن ما نسب إليه .
فعاد بالجواب ، فعاد عظماء الفرس تقول: لا يستقيم لنا ملكان ، فأمر شيرويه بقتل
[ ص: 287 ] كسرى ، فانتدب لقتله رجال كان وترهم كسرى ، فلما دخلوا عليه شتمهم فلم يقدموا على قتله ، فتقدم منهم شاب كان كسرى قد قطع يد أبيه ، فضربه بطبرزين على عاتقه فلم يحك فيه ، ففتش كسرى ، فإذا به قد شد على عضده خرزة لا يحبك السيف في من علقت عليه ، فنحيت عنه ، ثم ضربه أخرى فهلك .
وبلغ شيرويه فخرق جيبه وبكى منتحبا ، وأمر بحمل جثته إلى الناووس ، وشيعها العظماء ، وأمر بقتل قاتل كسرى .
وكان ملك كسرى ثمانيا وثلاثين سنة ، وخلف في بيت المال يوم قتل من الورق أربعمائة ألف بدرة ، سوى الكنوز والذخائر والجواهر وآلات الملوك ، فلما ملك شيرويه لم يتمتع بشيء من اللذات ، بل جزع وبكى وعاش مهموما حزينا ، ثم مات بعد ثمانية أشهر ، ويقال: ستة أشهر .
أنبأنا
محمد بن ناصر ، قال: أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=13132أحمد بن الحسن بن خيرون ، قال: أخبرنا
الحسن بن الحسين بن دوما ، قال: أخبرنا جدي لأبي
إسحاق بن محمد الثعالبي ، قال:
أخبرنا
عبد الله بن إسحاق المدائني ، قال: أخبرنا
قعنب بن المحور قال أخبرنا
بكار ، قال حدثنا
عوف ، عن
غالب بن عجرد ، قال:
وجدنا صرة من حنطة في كنوز كسرى بن هرمز بن زياد ، فإذا كل حبة مثل النواة ، ووجدنا فيها كتابا: هذا ما كانت تنبت الأرض حين كان يعمل فيها بالصلاح زمن
سليمان بن داود عليهما الصلاة والسلام .
وأما النجاشي فقال ابن إسحاق :
nindex.php?page=hadith&LINKID=96189nindex.php?page=treesubj&link=30939بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=showalam&ids=243عمرو بن أمية الضمري إلى nindex.php?page=showalam&ids=888النجاشي في شأن nindex.php?page=showalam&ids=315جعفر بن أبي طالب وأصحابه ، وكتب معه:
"بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى nindex.php?page=showalam&ids=888النجاشي ملك الحبشة ، فإني أحمد إليك الله الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن ، وأشهد أن عيسى ابن [ ص: 288 ] مريم روح الله وكلمته ، ألقاها إلى مريم البتول الطيبة ، فحملت بعيسى ، وإني أدعوك إلى الله وحده لا شريك له ، [والموالاة على طاعته] ، وأن تتبعني وتؤمن بالذي جاءني ، فإني رسول الله ، وقد بعثت إليك ابن عمي جعفرا ومعه نفر من المسلمين ، والسلام على من اتبع الهدى" .
فكتب nindex.php?page=showalam&ids=888النجاشي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم:
بسم الله الرحمن الرحيم ، إلى محمد رسول الله ، من nindex.php?page=showalam&ids=888النجاشي ، سلام عليك يا نبي الله ورحمة الله وبركاته الذي لا إله إلا هو الذي هداني إلى الإسلام .
أما بعد ، فقد بلغني كتابك يا رسول الله فيما ذكرت من أمر عيسى عليه السلام ، فو رب السماء والأرض إن عيسى ما يزيد على ما ذكرت ثفروقا ، إنه كما قلت ، وقد عرفنا ما بعثت به إلينا ، وقد قرينا ابن عمك وأصحابه ، وأشهد إنك رسول الله ، وقد بايعتك وبايعت ابن عمك وأسلمت على يديه لله رب العالمين ، وقد بعثت إليك يا نبي الله ، فإن شئت أن آتيك يا رسول الله فعلت ، وإني أشهد أن ما تقول حق ، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق: وذكر أنه بعث ابنه في ستين من
الحبشة في سفينة حتى إذا توسطوا البحر غرقتهم سفينتهم فهلكوا .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15472الواقدي عن أشياخه : إن أول [رسول] بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=showalam&ids=243عمرو بن أمية إلى
nindex.php?page=showalam&ids=888النجاشي ، وكتب إليه كتابين يدعوه في أحدهما إلى الإسلام ، ويتلو عليه القرآن ، فأخذ كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعه على عينيه ، ونزل عن سريره وجلس على الأرض متواضعا ثم أسلم وشهد شهادة الحق ، وقال: لو كنت أستطيع أن آتيه لأتيته ، وكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بإجابته وتصديقه وإسلامه على يدي
nindex.php?page=showalam&ids=315جعفر بن أبي طالب .
وفي الكتاب الآخر [يأمره] أن يزوجه
أم حبيبة بنت أبي سفيان بن حرب ، وكانت
[ ص: 289 ] قد هاجرت إلى
الحبشة مع زوجها
عبيد الله بن جحش الأسدي ، فتنصر هناك ومات ، وأمره صلى الله عليه وسلم في الكتاب أن يبعث لمن قبله من أصحابه وعلمهم ، ففعل ذلك .
قال مؤلف الكتاب: وهذه الأخبار دالة على أن
nindex.php?page=showalam&ids=888النجاشي هو الذي كانت الهجرة إلى أرضه .
وقد أخبرنا
محمد بن عبيد الله ، قال: أخبرنا
نصر بن الحسن ، قال: أخبرنا
عبد الغفار بن محمد ، قال: أخبرنا
أبو أحمد الجلودي ، قال: أخبرنا
إبراهيم بن محمد بن سفيان ، قال: حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بن الحجاج ، قال: حدثني
يوسف بن حماد ، قال:
أخبرنا
عبد الأعلى ، عن
سعيد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس: nindex.php?page=hadith&LINKID=68391أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى كسرى وقيصر وإلى النجاشي ، وإلى كل جبار يدعوهم إلى الله عز وجل وليس بالنجاشي الذي صلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم .
قال مؤلف الكتاب: فعلى هذا يحتمل أن يكون كتب إلى آخر من ملوك
الحبشة بعد أن كتب إلى ذاك .
وأما
الحارث بن أبي شمر الغساني فروى
nindex.php?page=showalam&ids=15472الواقدي عن أشياخه ، قالوا:
nindex.php?page=hadith&LINKID=68403nindex.php?page=treesubj&link=30944بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم شجاع بن وهب الأسدي إلى الحارث بن أبي شمر الغساني يدعوه إلى الإسلام ، وكتب معه كتابا ، قال شجاع: فأتيت إليه وهو بغوطة دمشق ، وهو مشغول بتهيئة الإنزال والإلطاف لقيصر ، وهو جاء من حمص إلى إيلياء ، فأقمت على بابه يومين أو ثلاثة ، فقلت [لحاجبه] : إني رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم [إليه] ، فقال : لا تصل إليه حيث يخرج يوم كذا وكذا ، وجعل حاجبه - وكان روميا - يسألني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يدعو إليه ، فكنت أحدثه عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يدعو إليه ، فيرق حتى يغلبه البكاء ، ويقول: إني قرأت الإنجيل فأجد صفة هذا النبي بعينه ، فأنا أومن به وأصدقه ، وأخاف من الحارث أن يقتلني ، وكان يكرمني ويحسن ضيافتي . وخرج الحارث يوما ، فجلس ووضع التاج على رأسه ، فأذن لي ، [ ص: 290 ] فدفعت إليه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقرأه ثم رمى به ، وقال: من ينتزع مني ملكي ، أنا سائر إليه ولو كان باليمن جئته . علي بالناس . فلم يزل يعرض حتى قام ، وأمر بالخيول تنعل ، ثم قال: أخبر صاحبك ما ترى .
وكتب إلى قيصر يخبره خبري وما عزم عليه ، فكتب إليه قيصر ألا تسير إليه واله عنه ووافني بإيلياء ، فلما جاءه جواب كتابه دعاني فقال: متى تريد أن تخرج إلى صاحبك؟ فقلت: غدا ، فأمر لي بمائة مثقال ذهب ، ووصلني حاجبه بنفقة وكسوة ، وقال: أقرئ على رسول الله صلى الله عليه وسلم مني السلام ، فقدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخبرته فقال: "باد ملكه" . ومات
الحارث بن أبي شمر عام الفتح .
وأما
هوذة بن علي الحنفي قال مؤلف الكتاب: كان من الملوك العقلاء ، إلا أن التوفيق عزيز ، دخل على كسرى أبرويز ، فقال له: أي أولادك أحب إليك ، قال: الصغير حتى يكبر ، والغائب حتى يقدم ، والمريض حتى يبرأ ، فقال: ما غذاؤك؟ قال: الخبز ، فقال كسرى: هذا عقل الخبز لا عقل اللبن والتمر . وكان من يأكل الخبز عندهم ممدوحا .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=15472الواقدي عن أشياخه ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=68404بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سليط بن عمرو العامري إلى هوذة بن علي الحنفي يدعوه إلى الإسلام ، وكتب معه كتابا فقدم عليه فأنزله وحباه ، وقرأ كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، [وكتب إليه] وقال: ما أحسن ما تدعو إليه وأجمله ، وأنا شاعر قومي وخطيبهم ، والعرب تهاب مكاني ، فاجعل لي بعض الأمر أتبعك ، وأجاز سليط بن عمرو جائزة ، وكساه أثوابا من نسج هجر ، فقدم بذلك كله على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبره عنه بما كان وما قال ، وقرأ كتابه ، وقال: "لو سألني سيابة من الأرض ما فعلت ، باد وباد ما في يديه" . فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح جاءه جبريل عليه السلام ، وأخبره أنه قد مات .
وفي هذه السنة: أهدى
ابن أخي عيينة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ناقة يقال لها "السمراء" ،
[ ص: 291 ] فأثابه ثلاثا ، فسخط وقال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=666250 "لقد هممت أن لا أقبل هدية إلا من قرشي ، أو ثقفي ، أو دوسي" . وفي هذه السنة: أجدبت الأرض فاستسقى رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس في رمضان .
وفيها: سبق رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الإبل ، فسبقت القصواء ، وسبق بالخيل فسبق فرس
أبي بكر .
وفيها: استجار
nindex.php?page=showalam&ids=9920أبو العاص بن الربيع nindex.php?page=showalam&ids=437بزينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجارته .
قال مؤلف الكتاب: وردها إليه على ما أشرنا إليه في ذكر غزوة بدر ، وقد ذكرنا فيما تقدم أنه استجار بها ، فلعله أشير إلى هذه الحالة .
وفيها: جاءت
خولة بنت ثعلبة ، وكان زوجها
أوس بن الصامت ، فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ظاهر منها .
وفيها: تزوج
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه
جميلة بنت ثابت ، فولدت له
عاصما ، وطلقها
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر .
وفيها: وقف
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمواله بثمغ
ذِكْرُ مَا جَرَى مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُلُوكِ حِينَ بَعَثَ إِلَيْهِمْ
قَالَ مُؤَلِّفُ الْكِتَابِ :
أَمَّا
nindex.php?page=hadith&LINKID=45807الْمُقَوْقِسُ فَإِنَّهُ لَمَّا وَصَلَ إِلَيْهِ nindex.php?page=showalam&ids=195حَاطِبُ بْنُ أَبِي بَلْتَعَةَ أَكْرَمَهُ وَأَخَذَ كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَتَبَ فِي جَوَابِهِ:
"قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ نَبِيًّا قَدْ بَقِيَ ، وَقَدْ أَكْرَمْتُ رَسُولَكَ" ، وَأَهْدَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَ جَوَارٍ ، مِنْهُنَّ مَارِيَةُ أُمُّ إِبْرَاهِيمَ [ابْنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] ، وَحِمَارًا يُقَالُ لَهُ: عُفَيْرٌ ، وَبَغْلَةً يُقَالُ لَهَا: الدُّلْدُلُ ، وَلَمْ يُسْلِمْ .
فَقَبِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَدِيَّتَهُ ، وَقَالَ: "ضَنَّ الْخَبِيثُ بِمُلْكِهِ وَلَا بَقَاءَ لِمُلْكِهِ" .
وَاصْطَفَى مَارِيَةَ لِنَفْسِهِ ، وَأَمَّا الْحِمَارُ فَنَفَقَ فِي مُنْصَرَفِهِ مِنْ حِجَّةِ الْوَدَاعِ ، وَأَمَّا الْبَغْلَةُ فَبَقِيَتْ إِلَى زَمَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=33مُعَاوِيَةَ . [ ص: 275 ]
أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
الْجَوْهَرِيُّ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=13103ابْنُ حَيَّوَيْهِ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
أَحْمَدُ بْنُ مَعْرُوفٍ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ ، قَالَ: حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16318عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ ، عَنْ
أَبِيهِ ، قَالَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=96190لَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي ذِي الْقِعْدَةِ سَنَةَ سِتٍّ مِنَ الْهِجْرَةِ nindex.php?page=treesubj&link=33976بَعَثَ nindex.php?page=showalam&ids=195حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى الْمُقَوْقِسِ الْقِبْطِيِّ صَاحِبِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ مَعَهُ كِتَابًا يَدْعُوهُ إِلَى الْإِسْلَامِ ، فَلَمَّا قَرَأَ الْكِتَابَ قَالَ لَهُ خَيْرًا ، وَأَخَذَ الْكِتَابَ - وَكَانَ مَخْتُومًا - فَجَعَلَهُ فِي حُقٍّ مِنْ عَاجٍ وَخَتَمَ عَلَيْهِ وَدَفَعَهُ إِلَى جَارِيَةٍ لَهُ ، وَكَتَبَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَوَابَ كِتَابِهِ وَلَمْ يُسْلِمْ وَأَهْدَى إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
قَالَ مُؤَلِّفُ الْكِتَابِ : إِلَّا أَنَّ هَذِهِ الْهَدِيَّةَ وَصَلَتْ فِي سَنَةِ سَبْعٍ ، وَسَنَذْكُرُ هَذَا .
وَأَمَّا
قَيْصَرُ وَهُوَ هِرَقْلُ مَلِكُ الرُّومِ فَإِنَّهُ كَانَ قَدْ ظَهَرَ عَلَى مَنْ كَانَ بِأَرْضِهِ مِنْ فَارِسَ ، وَأَخْرَجَهُمْ مِنْهَا ، وَانْتَزَعَ [لَهُ مِنْهُمْ] صَلِيبَهُ الْأَعْظَمَ ، وَكَانُوا قَدِ اسْتَلَبُوهُ إِيَّاهُ ، فَخَرَجَ مِنْ
حِمْصَ يَمْشِي عَلَى قَدَمَيْهِ شُكْرًا لِلَّهِ حِينَ رَدَّ عَلَيْهِ مَا رَدَّ تُبْسَطُ لَهُ الْبُسُطُ ، وَتُلْقَى عَلَيْهَا الرَّيَاحِينُ حَتَّى انْتَهَى إِلَى
إِيلِيَاءَ وَقَضَى فِيهَا صَلَاتَهُ ، وَأَنَّهُ أَصْبَحَ يَوْمًا مَهْمُومًا يُقَلِّبُ طَرَفَهُ فِي السَّمَاءِ ، فَقَالَتْ لَهُ بِطَارِقَتِهِ:
لَقَدْ أَصْبَحْتَ أَيُّهَا الْمَلِكُ مَهْمُومًا ، قَالَ: أَجَلْ أُرِيتُ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ أَنَّ مَلِكَ الْخِتَانِ ظَاهِرٌ ، قَالُوا: مَا تَعْلَمُ أُمَّةً تَخْتَتِنُ إِلَّا يَهُودَ ، وَهُمْ فِي سُلْطَانِكَ وَتَحْتَ يَدِكَ ، فَابْعَثْ إِلَى مَنْ لَكَ عَلَيْهِ سُلْطَانٌ فِي بِلَادِكَ ، فَمُرْهُ أَنْ يَضْرِبَ أَعْنَاقَ مَنْ تَحْتَ يَدِهِ مِنْ يَهُودَ ، وَاسْتَرِحْ مِنْ هَذَا الْهَمِّ ، فَبَيْنَمَا هُمْ فِي ذَلِكَ مِنْ رَأْيِهِمْ أَتَاهُ رَسُولُ صَاحِبِ
بُصْرَى بِرَجُلٍ مِنَ الْعَرَبِ يَقُودُهُ ، فَقَالَ: أَيُّهَا الْمَلِكُ إِنَّ هَذَا مِنَ الْعَرَبِ يُحَدِّثُ عَنْ أَمْرٍ يَحْدُثُ بِبِلَادِهِ عَجَبٌ ، قَالَ
هِرَقْلُ لِتُرْجُمَانِهِ: سَلْهُ مَا هَذَا الْحَدَثُ الَّذِي كَانَ بِبِلَادِهِ؟ فَسَأَلَهُ فَقَالَ: خَرَجَ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِنَا رَجُلٌ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ فَاتَّبَعَهُ نَاسٌ وَخَالَفَهُ آخَرُونَ ، وَكَانَتْ بَيْنَهُمْ مَلَاحِمُ فَتَرَكْتُهُمْ عَلَى ذَلِكَ ،
[ ص: 276 ] فَقَالَ: جَرِّدُوهُ ، فَجَرَّدُوهُ ، فَإِذَا هُوَ مَخْتُونٌ ، فَقَالَ
هِرَقْلُ: هَذَا وَاللَّهِ الَّذِي رَأَيْتُ ، أَعْطُوهُ ثَوْبَهُ ، انْطَلِقْ عَنَّا ، ثُمَّ دَعَى صَاحِبَ شُرْطَتِهِ ، فَقَالَ: قَلِّبْ لِي
الشَّامَ ظَهْرًا وَبَطْنًا حَتَّى تَأْتِيَنِي بِرَجُلٍ مِنْ قَوْمِ هَذَا الرَّجُلِ - يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
قَالَ
أَبُو سُفْيَانَ: وَكُنْتُ قَدْ خَرَجْتُ فِي تِجَارَةٍ فِي زَمَانِ الْهُدْنَةِ ، فَهَجَمَ عَلَيْنَا صَاحِبُ شُرْطَتِهِ ، فَقَالَ: أَنْتُمْ قَوْمُ هَذَا الرَّجُلِ؟ قُلْنَا: نَعَمْ؛ فَدَعَانَا .
أَخْبَرَنَا
هِبَةُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ التَّمِيمِيُّ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16408عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، قَالَ:
حَدَّثَنِي
أَبِي ، قَالَ: حَدَّثَنَا
يَعْقُوبُ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
ابْنُ أَخِي الزُّهْرِيِّ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزُّهْرِيِّ ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ [بْنِ مَسْعُودٍ] ، أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=11عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=68389nindex.php?page=treesubj&link=30937أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إِلَى قَيْصَرَ يَدْعُوهُ إِلَى الْإِسْلَامِ ، وَبَعَثَ بِكِتَابِهِ مَعَ nindex.php?page=showalam&ids=202دِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ ، وَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى [لِيَدْفَعَهُ] إِلَى قَيْصَرَ ، [فَدَفَعَهُ عَظِيمُ بُصْرَى] ، وَكَانَ قَيْصَرُ لَمَّا كَشَفَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْهُ جُنُودَ فَارِسَ مَشَى مِنْ حِمْصَ إِلَى إِيلِيَا ، عَلَى الزَّرَابِيِّ تُبْسَطُ لَهُ .
قَالَ
[عَبْدُ اللَّهِ] بْنُ عَبَّاسٍ: فَلَمَّا جَاءَ قَيْصَرَ كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ حِينَ قَرَأَهُ:
الْتَمِسُوا لِي مِنْ قَوْمِهِ مَنْ أَسْأَلُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ: فَأَخْبَرَنِي
أَبُو سُفْيَانَ صَخْرُ بْنُ حَرْبٍ أَنَّهُ كَانَ
بِالشَّامِ فِي رِجَالٍ مِنْ
قُرَيْشٍ قَدِمُوا تُجَّارًا وَذَلِكَ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ كُفَّارِ [
قُرَيْشٍ ] .
[ ص: 277 ] nindex.php?page=hadith&LINKID=683097فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَأَتَى رَسُولُ قَيْصَرَ ، فَانْطَلَقَ بِي وَبِأَصْحَابِي ، حَتَّى قَدِمْنَا إِيلْيَا ، فَأَدْلَجْنَا عَلَيْهِ فَإِذَا هَوُ جَالِسٌ فِي مَجْلِسِ مُلْكِهِ ، عَلَيْهِ التَّاجُ ، وَإِذَا حَوْلَهُ عُظَمَاءُ الرُّومِ ، فَقَالَ لِتُرْجُمَانِهِ: سَلْهُمْ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا بِهَذَا الرَّجُلِ الَّذَيِ يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ؟ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَقُلْتُ: أَنَا أَقْرَبُهُمْ [إِلَيْهِ] نَسَبًا ، قَالَ: مَا قَرَابَتُكَ مِنْهُ؟ [قَالَ] : قُلْتُ: هُوَ ابْنُ عَمِّي .
قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: وَلَيْسَ فِي الرَّكْبِ يَوْمَئِذٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ غَيْرِي . [قَالَ:] فَقَالَ قَيْصَرُ: أَدْنُوهُ [مِنِّي] ، ثُمَّ أَمَرَ بِأَصْحَابِي فَجُعِلُوا خَلْفَ ظَهْرِي [عِنْدَ كَتِفِي] ، ثُمَّ قَالَ لِتُرْجُمَانِهِ: قُلْ لِأَصْحَابِهِ إِنِّي سَائِلٌ هَذَا عَنِ الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ ، فَإِنْ كَذَبَ فَكَذِّبُوهُ .
قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَوَ اللَّهِ لَوْلَا اسْتِحْيَائِي يَوْمَئِذٍ يَأْثِرُ أَصْحَابِي عَنِّي الْكَذِبَ لَكَذَبْتُهُ حِينَ سَأَلَنِي ، وَلَكِنِّي اسْتَحْيَيْتُ أَنْ يَأْثِرُوا عَنِّي الْكَذِبَ ، فَصَدَقْتُهُ عَنْهُ ، ثُمَّ قَالَ لِتُرْجُمَانِهِ:
قُلْ لَهُ كَيْفَ نَسَبُ هَذَا الرَّجُلِ فِيكُمْ؟ [قَالَ] قَلْتُ: هَوُ فِينَا ذُو نَسَبٍ ، قَالَ: فَهَلْ [قَالَ] هَذَا الْقَوْلَ مِنْكُمْ أَحَدٌ [قَطُّ] قَبْلَهُ؟ قَالَ: قَلُتْ: لَا ، قَالَ: [فَهَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ؟ قَالَ: قُلْتُ: لَا ، قَالَ:] فَأَشْرَافُ النَّاسِ اتَّبَعُوهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ؟ قَالَ: قُلْتُ:
بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ ، قَالَ: فَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ؟ قَالَ: قُلْتُ: [بَلْ] يَزِيدُونَ ، قَالَ: فَهَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ؟ قُلْتُ: لَا ، قَالَ: فَهَلْ يَغْدِرُ؟ [قَالَ:] قُلْتُ:
لَا ، وَنَحْنُ الْآنَ مِنْهُ فِي مُدَّةٍ ، وَنَحْنُ نَخَافُ ذَلِكَ . [ ص: 278 ]
قَالَ: قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: وَلَمْ تُمْكِنِّي كَلِمَةٌ أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئًا أَنْتَقِصُهُ بِهِ غَيْرَهَا ، لَا أَخَافُ أَنْ يَأْثِرُوا عَنِّي . قَالَ: فَهَلْ قَاتَلْتُمُوهُ أَوْ قَاتَلَكُمْ؟ [قَالَ] : قُلْتُ: نَعَمْ . قَالَ: كَيْفَ كَانَتْ حَرْبُكُمْ وَحَرْبُهُ؟ قَالَ: قُلْتُ: كَانَتْ دُوَلًا سِجَالًا نُدَالُ عَلَيْهِ الْمَرَّةَ ، وَيُدَالُ عَلَيْنَا الْأُخْرَى ، قَالَ: فَبِمَ يَأْمُرُكُمْ؟ قَالَ: قُلْتُ: يَأْمُرُنَا أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا ، وَيْنَهَانَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا ، وَيَأْمُرُنَا بِالصَّلَاةِ وَالصِّدْقِ ، وَالْعَفَافِ وَالْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ ، وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ .
قَالَ: فَقَالَ لِتُرْجُمَانِهِ حِينَ قُلْتُ لَهُ ذَلِكَ: قُلْ لَهُ إِنِّي سَأَلْتُكَ عَنْ نَسَبِهِ فِيكُمْ فَزَعَمْتَ أَنَّهُ فِيكُمْ ذُو نَسَبٍ ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِي نَسَبِ قَوْمِهَا ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ قَالَ هَذَا الَقْوَلَ أَحَدٌ مِنْكُمْ قَطُّ قَبْلَهُ فَزَعَمْتَ أَنْ لَا . فَقُلْتُ: لَوْ كَانَ أَحَدٌ مِنْكُمْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ قَبْلَهُ قُلْتُ: رَجُلٌ يَأْتَمُّ بِقَوْلٍ قِيلَ قَبْلَهُ ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ؟ فَزَعَمْتَ أَنْ لَا ، فَقَدْ عَرَفْتُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَذَرَ الْكَذِبَ عَلَى النَّاسِ ، وَيَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ؟ فَزَعَمْتَ أَنْ لَا ، فَقُلْتُ: لَوْ كَانَ مَنْ آبَائِهِ مَلِكٌ قُلْتُ:
رَجُلٌ يَطْلُبُ مُلْكَ آبَائِهِ ، وَسَأَلْتُكَ أَشْرَافُ النَّاسِ يَتَّبِعُونَهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ؟ فَزَعَمْتَ أَنَّ ضُعَفَاءَهُمُ اتَّبَعُوهُ وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ ، وَسَأَلْتُكَ: هَلْ يَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ؟ فَزَعَمْتَ أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ ، وَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ حِينَ يُخَالِطُ بَشَاشَةَ الْقُلُوبِ لَا يَسْخَطُهُ أَحَدٌ ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ يَغْدِرُ؟ فَزَعَمْتَ أَنْ لَا ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ ، وَسَأَلْتُكَ هَلْ قَاتَلْتُمُوهُ وَقَاتَلَكُمْ؟ فَزَعَمْتَ أَنْ قَدْ فَعَلَ ، وَأَنَّ حَرْبَكَمُ وَحَرْبَهُ يَكُونُ دُوَلًا يُدَالُ عَلَيْكُمُ الْمَرَّةَ وَتُدَالُونَ عَلَيْهِ الْأُخْرَى ، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْتَلَى وَيَكُونُ لَهَا الْعَاقِبَةُ ، وَسَأَلْتُكَ بِمَاذَا يَأْمُرُكُمْ؟
فَزَعَمْتَ أَنَّهُ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَحْدَهُ لَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَيَنْهَاكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ ، وَيَأْمُرُكُمْ بِالصِّدْقِ وَالصَّلَاةِ ، وَالْعَفَافِ ، وَالْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ ، وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ ، وَهَذِهِ صِفَةُ نَبِيٍّ قَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ ، وَلَكِنْ لَمْ أَظُنَّ أَنَّهُ مِنْكُمْ ، فَإِنْ يَكْنُ مَا قُلْتَ فِيهِ حَقًّا فَيُوشِكُ أَنْ يَمْلِكَ مَوْضِعَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ ، وَاللَّهِ لَوْ أَرْجُو أَنْ أَخْلُصَ إِلَيْهِ لَتَجَشَّمْتُ لُقْيَهُ ، وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ عَنْ قَدَمَيْهِ .
قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ بِهِ ، فَقُرِئَ فَإِذَا فِيهِ:
"بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ . مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ ، [ ص: 279 ] سَلَامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى ، أَمَّا بَعْدُ . فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدَاعِيَةِ الْإِسْلَامِ ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ ، وَأَسْلِمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ ، فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَعَلَيْكَ إِثْمُ الْأَرِيسِيِّينَ - يَعْنِي الْأَكَّارَةَ - nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=64يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهَ ، فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ . قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَلَمَّا قَضَى مَقَالَتَهُ عَلَتْ أَصْوَاتُ الَّذِينَ حَوْلَهُ مِنْ عُلَمَاءِ الرُّومِ ، وَكَثُرَ لَغَطُهُمْ فَلَا أَدْرِي مَاذَا قَالُوا . وَأُمِرَ بِنَا فَأُخْرِجْنَا .
قَالَ
أَبُو سُفْيَانَ: فَلَمَّا خَرَجْتُ مَعَ أَصْحَابِي وَخَلَصْتُ قُلْتُ لَهُمْ: أَمِرَ أَمْرُ
ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ ، هَذَا مَلِكُ بَنِي الْأَصْفَرِ يَخَافُهُ .
قَالَ
أَبُو سُفْيَانَ: فَوَ اللَّهِ مَا زِلْتُ ذَلِيلًا مُسْتَيْقِنًا أَنَّ أَمْرَهُ سَيَظْهَرُ ، حَتَّى أَدْخَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَلْبِيَ الْإِسْلَامَ وَأَنَا كَارِهٌ .
قَالَ مُؤَلِّفُ الْكِتَابِ: وَرُوِّينَا عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزُّهْرِيِّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أُسْقُفُ النَّصَارَى: أَنَّ
هِرَقْلَ قَدِمَ عَلَيْهِ كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَجَعَلَهُ بَيْنَ فَخْذَيْهِ وَخَاصِرَتِهِ . ثُمَّ كَتَبَ إِلَى رَجُلٍ بِرُومِيَّةَ كَانَ يَقْرَأُ مِنَ الْعِبْرَانِيَّةِ مَا يَقْرَءُونَهُ يُخْبِرُهُ بِمَا جَاءَ إِلَيْهِ صَاحِبُ رُومِيَّةَ: إِنَّهُ لِلنَّبِيِّ الَّذِي كُنَّا نَنْتَظِرُ ، لَا شَكَّ فِيهِ ، فَاتَّبَعَهُ وَصَدَّقَهُ .
[ ص: 280 ]
فَأَمَرَ بِبَطَارِقَةِ الرُّومِ ، فَجَمَعُوا لَهُ فِي دَسْكَرَةٍ ، فَأُشْرِجَتْ أَبْوَابُهَا [عَلَيْهِمْ] ، ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَيْهِمْ مِنْ عُلْيَةٍ لَهُ ، وَقَدْ خَافَهُمْ عَلَى نَفْسِهِ ، وَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الرُّومِ ، إِنَّهُ قَدْ أَتَانِي هَذَا الرَّجُلُ يَدْعُونِي إِلَى دِينِهِ ، وَإِنَّهُ وَاللَّهِ لَلنَّبِيُّ الَّذِي كُنَّا نَنْتَظِرُهُ وَنَجِدُهُ فِي كُتُبِنَا ، فَهَلُمُّوا فَلْنَتَّبِعْهُ فَتَسْلَمَ لَنَا دُنْيَانَا وَآخِرَتُنَا .
فَنَخَرُوا نَخْرَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ ، ثُمَّ ابْتَدَرُوا أَبْوَابَ الدَّسْكَرَةِ فَوَجَدُوهَا قَدْ أُغْلِقَتْ ، فَقَالَ:
رُدُّوهُمْ ، ثُمَّ قَالَ: يَا مَعْشَرَ الرُّومِ ، إِنَّمَا قُلْتُ لَكُمْ [مَا قُلْتُ] لِأَنْظُرَ كَيْفَ صَلَابَتُكُمْ عَلَى دِينِكُمْ ، وَقَدْ رَأَيْتُ مِنْكُمُ الَّذِي أُسَرُّ بِهِ ، فَوَقَعُوا لَهُ سُجُودًا؟ وَانْطَلَقُوا .
وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ ، أَنَّ
هِرَقْلَ قَالَ
لِدِحْيَةَ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّ صَاحِبَكَ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ ، وَإِنَّهُ الَّذِي كُنَّا نَنْتَظِرُهُ ، وَلَكِنِّي أَخَافُ الرُّومَ عَلَى نَفْسِي ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَاتَّبَعْتُهُ ، فَاذْهَبْ إِلَى فُلَانٍ الْأُسْقُفِ فَاذْكُرْ لَهُ أَمْرَ صَاحِبِكَ ، فَهُوَ وَاللَّهِ أَعْظَمُ فِي الرُّومِ مِنِّي .
فَجَاءَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=202دِحْيَةُ ، فَأَخْبَرَهُ ، فَقَالَ لَهُ: صَاحِبُكَ وَاللَّهِ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ نَعْرِفُهُ . ثُمَّ دَخَلَ فَأَلْقَى ثِيَابًا سُودًا كَانَتْ عَلَيْهِ ، وَلَبِسَ ثِيَابًا بَيْضَاءَ ، ثُمَّ خَرَجَ ، فَقَالَ: قَدْ جَاءَنَا كِتَابٌ مِنْ
أَحْمَدَ يَدْعُونَا فِيهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَإِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ
أَحْمَدَ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ .
فَوَثَبُوا عَلَيْهِ [وَثْبَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ] ، فَضَرَبُوهُ حَتَّى قَتَلُوهُ . فَرَجَعَ
nindex.php?page=showalam&ids=202دِحْيَةُ فَأَخْبَرَ
هِرَقْلَ ، فَقَالَ: قَدْ قُلْتُ ذَلِكَ ، إِنَّا نَخَافُهُمْ عَلَى أَنْفُسِنَا .
وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابْنُ إِسْحَاقَ ، عَنْ
خَالِدِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ قُدَمَاءِ أَهْلِ الرُّومِ ، قَالَ: لَمَّا أَرَادَ
هِرَقْلُ الْخُرُوجَ مِنْ أَرْضِ
الشَّامِ إِلَى
الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ ، لِمَا بَلَغَهُ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ
[ ص: 281 ] اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ الرُّومَ ، وَقَالَ: إِنِّي عَارِضٌ عَلَيْكُمْ أُمُورًا ، فَانْظُرُوا [فِيمَ قَدْ أَرَدْتُهَا] قَالُوا: وَمَا هِيَ؟ قَالَ: تَعْلَمُونَ وَاللَّهِ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ لَنَبِيٌّ مُرْسَلٌ نَجِدُهُ فِي كُتُبِنَا وَنَعْرِفُهُ بِصِفَتِهِ ، فَهَلُمَّ نَتَّبِعْهُ . فَقَالُوا: نَكُونُ تَحْتَ أَيْدِي الْعَرَبِ ، قَالَ: فَأُعْطِيهِ الْجِزْيَةَ كُلَّ سَنَةٍ ، اكْسِرُوا عَنِّي شَوْكَتَهُ وَأَسْتَرِيحُ مِنْ حَرْبِهِ ، قَالُوا: نُعْطِي الْعَرَبَ الذُّلَّ وَالصَّغَارَ ، لَا وَاللَّهِ ، قَالَ: فَأُعْطِيهِ أَرْضَ سُورِيَّةَ - وَهِيَ
فِلَسْطِينُ ، وَالْأُرْدُنُّ ، وَدِمَشْقُ ، وَحِمْصُ ، وَمَا دُونُ الدَّرْبِ - قَالُوا: لَا نَفْعَلُ ، قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لَتَرَوُنَّ أَنَّكُمْ قَدْ ظَفِرْتُمْ إِذَا امْتَنَعْتُمْ مِنْهُ فِي مَدِينَتِكُمْ . ثُمَّ جَلَسَ عَلَى بَغْلٍ لَهُ ، [فَانْطَلَقَ] حَتَّى إِذَا أَشْرَفَ عَلَى الدَّرْبِ اسْتَقْبَلَ أَرْضَ
الشَّامِ ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكِ أَرْضَ سُورِيَّةَ ، سَلَامَ الْوَدَاعِ ، ثُمَّ رَكَضَ يَطْلُبُ
الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ .
وَأَمَّا
كِسْرَى فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ إِلَيْهِ بِكِتَابٍ مَعَ
nindex.php?page=showalam&ids=196عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ .
أَخْبَرَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=12685ابْنُ الْحُصَيْنِ ، أَخْبَرَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=12886ابْنُ الْمُذْهِبِ ، [قَالَ: أَخْبَرَنَا
أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ] ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16408عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ ، قَالَ: حَدَّثَنِي
أَبِي ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ ، قَالَ حَدَّثَنِي
صَالِحُ [بْنُ كَيْسَانَ] ،
وَابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ ، كِلَاهُمَا عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12300ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ
عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=654072nindex.php?page=treesubj&link=30936بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ nindex.php?page=showalam&ids=196عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حُذَافَةَ بِكِتَابِهِ إِلَى كِسْرَى ، [فَدَفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ الْبَحْرَيْنِ ، فَدَفَعَهُ عَظِيمُ الْبَحْرَيْنِ إِلَى كِسْرَى] ، فَلَمَّا قَرَأَهُ كِسْرَى خَرَّقَهُ . قَالَ nindex.php?page=showalam&ids=12300ابْنُ شِهَابٍ: فَحَسِبْتُ nindex.php?page=showalam&ids=15990ابْنَ الْمُسَيِّبِ قَالَ: فَدَعَا عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [بِأَنْ] يُمَزَّقُوا كُلَّ مُمَزَّقٍ .
[ ص: 282 ]
أَنْبَأَنَا
عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الْمُبَارَكِ الْأَنْمَاطِيُّ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ فُهَيْرٍ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
أَبُو الْفَرَجِ مُحَمَّدُ بْنُ فَارِسٍ الْغُورِيُّ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي قُبَيْسٍ ، قَالَ: حَدَّثَنَا
أَبُو بَكْرٍ الْقُرَشِيُّ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=13114مُحَّمَدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، قَالَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=104914بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حُذَافَةَ بْنِ قَيْسٍ إِلَى كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ مَلِكِ فَارِسَ ، وَكَتَبَ:
"بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى كِسْرَى عَظِيمِ فَارِسَ ، سَلَامُ اللَّهِ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى وَآمَنَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ، وَشَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، وَأَدْعُوكَ بِدَاعِيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَإِنِّي أَنَا رَسُولُ اللَّهِ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً لِأُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيِحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ ، فَأَسْلِمْ تَسْلَمْ ، فَإِنْ أَبَيْتَ ، فَإِنَّ إِثْمَ الْمَجُوسِ عَلَيْكَ" .
فَلَمَّا قَرَأَ كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَقَّقَهُ ، وَقَالَ: يَكْتُبُ إِلَيَّ بِهَذَا الْكِتَابِ وَهُوَ عَبْدِي . فَبَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مُزِّقَ مُلْكُهُ" حِينَ بَلَغَهُ أَنَّهُ شَقَّقَ كِتَابَهُ .
ثُمَّ كَتَبَ كِسْرَى إِلَى بَاذَانَ ، وَهُوَ عَلَى الْيَمَنِ ، أَنِ ابْعَثْ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي بِالْحِجَازِ رَجُلَيْنِ مِنْ عِنْدِكَ جَلْدَيْنِ ، فَلْيَأْتِيَانِي بِهِ ، فَبَعَثَ بَاذَانُ قَهْرَمَانَهُ ، وَهُوَ ابْنُ بَابَوَيْهِ - وَكَانَ كَاتِبًا حَاسِبًا - وَبَعَثَ مَعَهُ بِرَجُلٍ مِنَ الْفُرْسِ يُقَالَ لَهُ: خَرَخْسَرَهْ ، وَكَتَبَ مَعَهُمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُهُ أَنْ يَنْصَرِفَ مَعَهُمَا إِلَى كِسْرَى ، وَقَالَ لِبَابَوَيْهِ: وَيْلَكَ انْظُرْ مَا الرَّجُلُ؟ وَكَلِّمْهُ وَأْتِنِي بِخَبَرِهِ ، فَخَرَجَا حَتَّى قَدِمَا الطَّائِفَ ، فَسَأَلَا عَنْهُ ، فَقَالُوا هُوَ بِالْمَدِينَةِ وَاسْتَبْشَرُوا ، وَقَالُوا: قَدْ نَصَبَ لَهُ كِسْرَى مَلِكُ الْمُلُوكِ ، كَفَيْتُمُ الرَّجُلَ ، فَخَرَجَا حَتَّى قَدِمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَكَلَّمَهُ بَابَوَيْهِ ، وَقَالَ لَهُ: إِنَّ شَاهَانْشَاهْ مَلِكَ الْمُلُوكِ كِسْرَى قَدْ كَتَبَ إِلَى الْمَلِكِ بَاذَانَ يَأْمُرُهُ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْكَ بِأَمْرِهِ أَنْ يَأْتِيَهُ بِكَ ، وَقَدْ بَعَثَنِي إِلَيْكَ لِتَنْطَلِقَ مَعِي ، فَإِنْ [ ص: 283 ] فَعَلْتَ كُتِبَ فِيكَ إِلَى مَلِكِ الْمُلُوكِ بِكِتَابٍ يَنْفَعُكَ وَيَكُفُّ عَنْكَ بِهِ ، وَإِنْ أَبَيْتَ فَهُوَ مَنْ قَدْ عَلِمْتَ ، فَهُوَ مُهْلِكُكَ وَمُهْلِكُ قَوْمِكَ ، وَمُخَرِّبُ دِيَارِكَ . وَكَانَا قَدْ دَخَلَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ حَلَقَا لِحَاهُمَا وَأَعْفَيَا شَوَارِبَهُمَا ، فَكَرِهَ النَّظَرَ إِلَيْهِمَا ، وَقَالَ: "وَيْلَكُمَا ، مَنْ أَمَرَكُمَا بِهَذَا؟" قَالَا: أَمَرَنَا بِهَذَا رَبُّنَا - يَعْنِيَانِ كِسْرَى - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَكِنَّ رَبِّي أَمَرَنِي بِإِعْفَاءِ لِحْيَتِي وَقَصِّ شَارِبِي" . ثُمَّ قَالَ لَهُمَا: "ارْجِعَا حَتَّى تَأْتِيَانِي غَدًا" . وَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَبَرُ [مِنَ السَّمَاءِ] : أَنَّ اللَّهَ قَدْ سَلَّطَ عَلَى كِسْرَى ابْنَهُ شِيرَوَيْهِ ، فَقَتَلَهُ فِي شَهْرِ كَذَا وَكَذَا مِنْ لَيْلَةِ كَذَا وَكَذَا مِنَ اللَّيْلِ .
فَلَمَّا أَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُمَا: "إِنَّ رَبِّي قَدْ قَتَلَ رَبَّكُمَا لَيْلَةَ كَذَا وَكَذَا مِنْ شَهْرِ كَذَا وَكَذَا بَعْدَ مَا مَضَى مِنَ اللَّيْلِ ، سَلَّطَ عَلَيْهِ ابْنَهُ شِيرَوَيْهِ فَقَتَلَهُ ، فَقَالَا: هَلْ تَدْرِي مَا تَقُولُ ، إِنَّا قَدْ نَقَمْنَا مِنْكَ مَا هُوَ أَيْسَرُ مِنْ هَذَا ، أَفَنَكْتُبُ بِهَا عَنْكَ ، وَنُخْبِرُ الْمَلِكَ . قَالَ:
نَعَمْ أَخْبِرَاهُ ذَلِكَ عَنِّي ، وَقُولَا لَهُ: إِنَّ دِينِي وَسُلْطَانِي سَيَبْلُغُ مَا بَلَغَ مُلْكُ كِسْرَى ، وَيَنْتَهِي إِلَى مُنْتَهَى الْخُفِّ وَالْحَافِرِ ، قُولَا لَهُ: إِنَّكَ إِنْ أَسْلَمْتَ أَعْطَيْتُكَ مَا تَحْتَ يَدَيْكَ وَمَلَّكْتُكَ عَلَى قَوْمِكَ مِنَ الْأَبْنَاءِ ، ثُمَّ أَعْطَى خَرْخَسْرَهَ مِنْطَقَةً فِيهَا ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ كَانَ أَهْدَاهَا لَهُ بَعْضُ الْمُلُوكِ . فَخَرَجَا مِنْ عِنْدِهِ حَتَّى قَدِمَا عَلَى بَاذَانَ ، فَأَخْبَرَاهُ الْخَبَرَ ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا هَذَا بِكَلَامِ مَلِكٍ وَإِنِّي لِأَرَى الرَّجُلَ نَبِيًّا كَمَا يَقُولُ ، وَلَتَنْظُرُنَّ مَا قَدْ قَالَ ، وَلَئِنْ كَانَ مَا قَدْ قَالَ حَقًّا مَا فِيهِ كَلَامٌ إِنَّهُ لَنَبِيٌّ مُرْسَلٌ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَسَنَرَى فِيهِ رَأْيَنَا . فَلَمْ يَلْبَثْ بَاذَانُ أَنْ قَدِمَ عَلَيْهِ كِتَابُ شِيرَوَيْهِ:
"أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنِّي قَدْ قَتَلْتُ أَبِي كِسْرَى ، وَلَمْ أَقْتُلْهُ إِلَّا غَضَبًا لِفَارِسَ لِمَا كَانَ اسْتَحَلَّ مِنْ قَتْلِ أَشْرَافِهِمْ وَتَجْمِيرِهِمْ فِي ثُغُورِهِمْ ، فَإِذَا جَاءَكَ كِتَابِي هَذَا فَخُذْ لِي الطَّاعَةَ مِمَّنْ قِبَلَكَ ، وَانْظُرِ الرَّجُلَ الَّذِي كَانَ كِسْرَى كَتَبَ إِلَيْكَ فِيهِ فَلَا تَهْجُهُ حَتَّى يَأْتِيَكَ أَمْرِي فِيهِ .
فَلَمَّا انْتَهَى كِتَابُ شِيرَوَيْهِ إِلَى بَاذَانَ ، قَالَ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ لِرَسُولِ اللَّهِ ، فَأَسْلِمِ الْأَبْنَاءَ مِنْ فَارِسَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْبِالْيَمَنِ [ ص: 284 ]
قَالَ
الْقُرَشِيُّ: وَأَخْبَرَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16598عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
أَبُو مَعْشَرٍ ، عَنِ
الْمَقْبُرِيِّ ، قَالَ:
جَاءَ فَيْرُوزُ الدَّيْلَمِيُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّ كِسْرَى كَتَبَ إِلَى بَاذَانَ: بَلَغَنِي أَنَّ فِي أَرْضِكَ رَجُلًا نَبِيًّا فَارْبُطْهُ وَابْعَثْهُ إِلَيَّ ، فَقَالَ: إِنَّ رَبِّي غَضِبَ عَلَى رَبِّكَ فَقَتَلَهُ وَدَمُهُ يُثْخَنُ السَّاعَةَ ، فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ ، فَسَمِعَ الْخَبَرَ فَأَسْلَمَ وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ .
قَالَ عُلَمَاءُ السِّيَرِ : كَانَ
أَبْرَوِيزُ قَدْ جَمَعَ مِنَ الْأَمْوَالِ مَا لَمْ يَجْمَعْهُ أَحَدٌ ، وَمِنَ الْجَوَاهِرِ وَالْأَمْتِعَةِ وَالْكُرَاعِ ، وَافْتَتَحَ مِنْ بِلَادِ أَعْدَائِهِ ، وَبَلَغَتْ خَيْلُهُ
الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ وَإِفْرِيقِيَّةَ ، وَكَانَ شَدِيدَ الْفِطْنَةِ ، قَوِيَّ الذَّكَاءِ ، بَعَثَ
الْإِصْبَهْبِذُ مَرَّةً إِلَى الرُّومِ فَأَخَذَ خَزَائِنَ الرُّومِ وَبَعَثَهَا إِلَى
كِسْرَى ، فَخَافَ كِسْرَى أَنْ يَتَغَيَّرَ عَلَيْهِ الْإِصْبَهْبِذُ لِمَا قَدْ نَالَ مِنَ الظَّفَرِ ، فَبَعَثَ مَنْ يَقْتُلُهُ ، فَجَاءَ إِلَيْهِ الرَّجُلُ ، فَرَأَى مِنْ عَقْلِهِ وَتَدْبِيرِهِ ، فَقَالَ: مِثْلُ هَذَا لَا يُقْتَلُ ، فَأَخْبَرَهُ بِمَا جَاءَ لِأَجْلِهِ ، فَبَعَثَ إِلَى قَيْصَرَ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَلْقَاكَ .
فَالْتَقَيَا فَقَالَ لَهُ: إِنَّ الْخَبِيثَ قَدْ هَمَّ بِقَتْلِي ، وَإِنِّي أُرِيدُ إِهْلَاكَهُ ، فَاجْعَلْ لِي مِنْ نَفْسِكَ مَا أَطْمَئِنُّ إِلَيْهِ ، وَأُعْطِيكَ مِنْ بُيُوتِ أَمْوَالِهِ مِثْلَ مَا أَصَبْتُ مِنْكَ . فَأَعْطَاهُ الْمَوَاثِيقَ .
فَسَارَ قَيْصَرُ فِي أَرْبَعِينَ أَلْفًا فَنَزَلَ
بِكِسْرَى ، فَعَلِمَ كِسْرَى كَيْفَ جَرَتِ الْحَالُ ، فَدَعَا قِسًّا نَصْرَانِيًّا ، فَقَالَ: إِنِّي كَاتِبٌ مَعَكَ كِتَابًا لَطِيفًا لِتُبَلِّغَهُ إِلَى
الْإِصْبَهْبِذِ وَلَا تُطْلِعَنَّ عَلَى ذَلِكَ أَحَدًا ، فَأَعْطَاهُ أَلْفَ دِينَارٍ ، وَقَدْ عَلِمَ كِسْرَى أَنَّ الْقِسَّ يُوصِلُ كِتَابَهُ إِلَى قَيْصَرَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُحِبُّ هَلَاكَ الرُّومِ ، وَكَانَ فِي الْكِتَابِ: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَمْكَنَ مِنْهُمْ بِتَدْبِيرِكَ فَلَا عَدِمْتَ صَوَابَ الرَّأْيِ ، وَأَنَا مُمْهِلٌ قَيْصَرَ حَتَّى يَقْرُبَ مِنَ الْمَدَائِنِ ، ثُمَّ أُغَافِصُهُ فِي يَوْمِ كَذَا ، فَأُغِيرُ عَلَى مَنْ قَبِلَكَ فَإِنَّهُ اسْتِئْصَالُهُمْ ، فَخَرَجَ الْقِسُّ بِالْكِتَابِ فَأَوْصَلَهُ إِلَى قَيْصَرَ ، فَقَالَ قَيْصَرُ:
مَا أَرَادَ إِلَّا هَلَاكَنَا . فَانْهَزَمَ وَاتَّبَعَهُ كِسْرَى فَنَجَى فِي شِرْذِمَةٍ ، وَبَلَغَ مِنْ فِطْنَةِ كِسْرَى أَنَّ مُنَجِّمِيهِ قَالُوا: إِنَّكَ سَتُقْتَلُ ، فَقَالَ: لَأَقْتُلَنَّ مَنْ يَقْتُلُنِي .
فَلَمَّا بَعَثَ ابْنُهُ إِلَيْهِ لِيَقْتُلَهُ قَالَ لِلرَّجُلِ: إِنِّي أَدُلُّكَ عَلَى شَيْءٍ فِيهِ غِنَاكَ؛ الصُّنْدُوقُ
[ ص: 285 ] الْفُلَانِيُّ . فَذَهَبَ إِلَى شِيرَوَيْهِ فَأَخْبَرَهُ ، فَأَخْرَجَ الصُّنْدُوقَ وَفِيهِ حُقٌّ وَفِي الْحُقِّ حَبٌّ ، وَهُنَاكَ مَكْتُوبٌ: مَنْ أَخَذَ مِنْهُ حَبَّةً افْتَضَّ عَشْرَةَ أَبْكَارٍ ، فَأَخَذَهُ شِيرَوَيْهِ وَأَعْطَى الرَّجُلَ مَالًا ، ثُمَّ أَخَذَ مِنْهُ حَبَّةً ، فَكَانَ فِيهَا هَلَاكُهُ .
فَكَانَ كِسْرَى أَوَّلَ مَيِّتٍ أَخَذَ بِثَأْرِهِ مِنْ حَيٍّ .
قَالُوا: كَانَ كِسْرَى يُشَتِّي
بِالْمَدَائِنِ ، وَيُصَيِّفُ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ
هَمَذَانَ ، وَكَانَتْ لَهُ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ امْرَأَةً وَجَارِيَةً .
وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: كَانَ فِي قَصْرِهِ ثَلَاثَةَ آلَافِ امْرَأَةٍ يَطَؤُهُنَّ ، وَأُلُوفُ جِوَارِي [اتَّخَذَهُنَّ] لِلْخِدْمَةِ وَالْغَنَاءِ ، وَثَلَاثَةُ آلَافِ رَجُلٍ يَقُومُونَ بِخِدْمَتِهِ ، وَثَمَانِيَةُ آلَافٍ وَخَمْسُمِائَةِ دَابَّةٍ لِمَرَاكِبِهِ ، وَاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ بَغْلًا لِثِقَلِهِ ، وَكَانَ لَهُ خَمْسُونَ أَلْفَ دَابَّةٍ ، وَأَلْفُ فِيلٍ إِلَّا وَاحِدًا .
وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: سَبْعُمِائَةٍ وَسِتُّونَ فِيلًا ، وَبَنَى بُيُوتَ النِّيرَانِ ، وَأَقَامَ فِيهَا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ مُوبِذٍ لِلزَّمْزَمَةِ ، وَأَحْصَى مَا جُبِيَ مِنْ خَرَاجِ بِلَادِهِ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْمَالِ الْمُرْتَفِعِ فِي سَنَةِ ثَمَانَ عَشَرَةَ مِنْ مُلْكِهِ ، فَكَانَ أَرْبَعَمِائَةِ أَلْفِ أَلْفِ مِثْقَالٍ وَعِشْرِينَ أَلْفَ أَلْفِ مِثْقَالٍ مِنَ الْوَرِقِ .
ثُمَّ حَسَدَ النَّاسَ عَلَى مَا فِي أَيْدِيهِمْ مِنَ الْمَالِ وَوَلَّى جِبَايَةَ الْخَرَاجِ مَنْ يَظْلِمُ ، وَاحْتَقَرَ الْأَشْرَافَ ، وَأَمَرَ بِقَتْلِ مَنْ فِي السُّجُونِ وَكَانُوا سِتَّةً وَثَلَاثِينَ أَلْفًا ، فَتَعَلَّلَ الْمَأْمُورُ وَذَهَبَ النَّاسُ مِنَ الْعُظَمَاءِ إِلَى
بَابِلَ وَفِيهِ شِيرَوَيْهِ ابْنُهُ فَأَقْبَلُوا بِهِ فَلَزِمُوهُ وَدَخَلُوا بِهِ
الْمَدَائِنَ لَيْلًا ، فَأَطْلَقَ الْأَشْرَافَ ، وَدَخَلَ دَارَ الْمَمْلَكَةِ ، وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ الْوُجُوهُ فَمَلَّكُوهُ ، وَأَرْسَلَ إِلَى أَبِيهِ يَقْرَعُهُ بِمَا كَانَ مِنْهُ .
وَاسْمُ
شِيرَوَيْهِ قَبَاذُ بْنُ أَبْرَوِيزَ ، فَلَمَّا مَلَكَ وَحَبَسَ أَبَاهُ دَخَلَ عَلَيْهِ عُظَمَاءُ الْفُرْسِ ، فَقَالُوا لَهُ: إِنَّهُ لَا يَسْتَقِيمُ أَنْ يَكُونَ لَنَا مَلِكَانِ ، فَإِمَّا أَنْ تَقْتُلَ كِسْرَى وَنَحْنُ رَاجِعُونَ لَكَ بِالطَّاعَةِ ، وَإِمَّا أَنَّ نَخْلَعَكَ وَنُعْطِيَهُ الطَّاعَةَ عَلَى مَا كُنَّا عَلَيْهِ ، فَكَسَرَتْهُ هَذِهِ الْمُعَادَلَةُ ، وَأَمَرَ
[ ص: 286 ] بِتَحْوِيلِ كِسْرَى مِنْ دَارِ الْمَمْلَكَةِ إِلَى دَارِ رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ مَارِسْفِنْدَ ، فَحُمِلَ كِسْرَى عَلَى بِرْذَوْنٍ ، وَقَنَّعَ رَأْسَهُ ، وَسِيرَ بِهِ إِلَى تِلْكَ الدَّارِ وَمَعَهُ نَاسٌ مِنَ الْجُنْدِ ، فَمَرُّوا بِهِ عَلَى إِسْكَافٍ [جَالِسٍ] فِي حَانُوتٍ عَلَى الطَّرِيقِ ، فَعَرَفَهُ فَحَذَفَهُ بِقَالَبٍ ، فَعَطَفَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْجُنْدِ فَضَرَبَ عُنُقَهُ .
وَقَالَ شِيرَوَيْهِ لِرَجُلٍ : انْطَلِقْ إِلَى الْمَلِكِ أَبِينَا فَقُلْ لَهُ: إِنَّا لَمْ نَكُنْ لِلْبَلِيَّةِ الَّتِي أَصْبَحَتْ فِيهَا وَلَا أَحَدَ مِنْ رَعِيَّتِنَا سَبَبًا ، وَلَكِنَّ اللَّهَ قَضَاهَا عَلَيْكَ جَزَاءً لِسَيِّئِ عَمَلِكَ وَفَتْكِكَ بِأَبِيكَ
هُرْمُزَ ، وَإِزَالَتِكَ الْمُلْكَ عَنْهُ ، وَسَمْلِكَ عَيْنَيْهِ ، وَقَتْلِكَ إِيَّاهُ شَرَّ قِتْلَةٍ ، وَمِنْهَا سُوءُ صَنِيعِكَ إِلَى أَبْنَائِكَ ، وَلَقَدْ حَظَرْتَ عَلَيْنَا مُجَالَسَةَ الْأَخْيَارِ ، وَكُلُّ مَنْ لَنَا فِيهِ دَعَةٌ وَغِبْطَةٌ . وَمِنْهَا إِسَاءَتُكَ إِلَى أَهْلِ السُّجُونِ ، فَلَقُوا الشَّدَائِدَ ، وَمِنْهَا حَبْسُكَ النِّسَاءَ لِنَفْسِكَ مُكْرَهَاتٍ مَعَ تَرْكِ الْعَطْفِ عَلَيْهِنَّ ، وَمِنْهَا مَا انْتَهَكْتَ مِنْ رَعِيَّتِكَ فِي أَمْرِ الْخَرَاجِ وَجَمْعُكَ الْأَمْوَالِ مِنْ وُجُوهِ الْمَضَارِّ ، وَعَدَّدَ عَلَيْهِ مِنْ هَذَا الْفَنِّ ، ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ كَانَتْ لَكَ حُجَّةٌ فَاذْكُرْهَا ، وَإِلَّا فَتُبْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى حَتَّى نَأْمُرَ فِيكَ بِأَمْرِنَا .
فَمَضَى الرَّجُلُ ، فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ الْحَاجِبُ ، فَقَالَ كِسْرَى: إِنْ كَانَ لَهُ إِذْنٌ فَلَيْسَ لشِيرَوَيْهِ مُلْكٌ ، وَإِنْ كَانَ لشِيرَوَيْهِ مُلْكٌ فَلَا إِذَنْ لَنَا مَعَهُ . فَدَخَلَ الرَّجُلُ فَبَلَّغَ الرِّسَالَةَ ، وَكَانَتْ بِيَدِ أَبْرَوِيزَ سَفَرْجَلَةٌ فَتَدَحْرَجَتْ وَتَلَوَّثَتْ بِالتُّرَابِ ، فَقَالَ كِسْرَى: الْأَمْرُ إِذَا أَدْبَرَ فَاتَتِ الْحِيلَةُ فِي إِقْبَالِهِ ، وَإِذَا أَقْبَلَ أَعْيَتِ الْحِيلَةُ فِي إِدْبَارِهِ ، فَإِنَّ هَذِهِ السَّفَرْجَلَةَ سَقَطَتْ مِنْ عُلُوٍّ ثُمَّ لَمْ تَلْبَثْ أَنْ تَلَطَّخَتْ بِالتُّرَابِ ، وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى سَلْبِ الْمُلْكِ ، فَإِنَّهُ لَا يَلْبَثُ فِي أَيْدِي عَقِبِنَا حَتَّى يَصِيرَ إِلَى مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْمَمْلَكَةِ .
فَلَمَّا سَمِعَ الرِّسَالَةَ ، قَالَ: بَلِّغْ عَنِّي شِيرَوَيْهِ الْقَصِيرِ الْعُمْرِ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي [لِذِي عَقْلٍ أَنْ يَبُثَّ مِنْ أَحَدٍ الصَّغِيرَ مِنَ الذَّنْبِ ، وَلَا الْيَسِيرَ مِنَ السَّيِّئَةِ] إِلَّا بَعْدَ تَحَقُّقِ ذَلِكَ عِنْدَهُ ، ثُمَّ أَخَذَ يَعْتَذِرُ عَنْ مَا نُسِبَ إِلَيْهِ .
فَعَادَ بِالْجَوَابِ ، فَعَادَ عُظَمَاءُ الْفُرْسِ تَقُولُ: لَا يَسْتَقِيمُ لَنَا مَلِكَانِ ، فَأَمَرَ شِيرَوَيْهِ بِقَتْلِ
[ ص: 287 ] كِسْرَى ، فَانْتُدِبَ لِقَتْلِهِ رِجَالٌ كَانَ وِتْرُهُمْ كِسْرَى ، فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ شَتَمَهُمْ فَلَمْ يُقْدِمُوا عَلَى قَتْلِهِ ، فَتَقَدَّمَ مِنْهُمْ شَابٌّ كَانَ كِسْرَى قَدْ قَطَعَ يَدَ أَبِيهِ ، فَضَرَبَهُ بِطَبْرَزِينَ عَلَى عَاتِقِهِ فَلَمْ يَحُكَّ فِيهِ ، فَفَتَّشَ كِسْرَى ، فَإِذَا بِهِ قَدْ شَدَّ عَلَى عَضُدِهِ خَرَزَةً لَا يُحْبِكُ السَّيْفَ فِي مَنْ عُلِّقَتْ عَلَيْهِ ، فَنُحِّيَتْ عَنْهُ ، ثُمَّ ضَرَبَهُ أُخْرَى فَهَلَكَ .
وَبَلَغَ شِيرَوَيْهِ فَخَرَقَ جَيْبَهُ وَبَكَى مُنْتَحِبًا ، وَأَمَرَ بِحَمْلِ جُثَّتِهِ إِلَى النَّاوُوسِ ، وَشَيَّعَهَا الْعُظَمَاءُ ، وَأَمَرَ بِقَتْلِ قَاتِلِ كِسْرَى .
وَكَانَ مُلْكُ كِسْرَى ثَمَانِيًا وَثَلَاثِينَ سَنَةً ، وَخَلَّفَ فِي بَيْتِ الْمَالِ يَوْمَ قُتِلَ مِنَ الْوَرِقِ أَرْبَعَمِائَةِ أَلْفِ بَدْرَةٍ ، سِوَى الْكُنُوزِ وَالذَّخَائِرِ وَالْجَوَاهِرِ وَآلَاتِ الْمُلُوكِ ، فَلَمَّا مَلَكَ شِيرَوَيْهِ لَمْ يَتَمَتَّعْ بِشَيْءٍ مِنَ اللَّذَّاتِ ، بَلْ جَزِعَ وَبَكَى وَعَاشَ مَهْمُومًا حَزِينًا ، ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ ثَمَانِيَةِ أَشْهُرٍ ، وَيُقَالُ: سِتَّةُ أَشْهُرٍ .
أَنْبَأَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=13132أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ خَيْرُونَ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ دُومَا ، قَالَ: أَخْبَرَنَا جَدِّي لِأَبِي
إِسْحَاقَ بْنِ مُحَمَّدٍ الثَّعَالِبِيِّ ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْحَاقَ الْمَدَائِنِيُّ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
قُعْنُبُ بْنُ الْمُحَوَّرِ قَالَ أَخْبَرَنَا
بَكَّارٍ ، قَالَ حَدَّثَنَا
عَوْفٌ ، عَنْ
غَالِبِ بْنِ عَجْرَدَ ، قَالَ:
وَجَدْنَا صُرَّةً مِنْ حِنْطَةٍ فِي كُنُوزِ كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ بْنِ زِيَادٍ ، فَإِذَا كُلُّ حَبَّةٍ مَثَلُ النَّوَاةِ ، وَوَجَدْنَا فِيهَا كِتَابًا: هَذَا مَا كَانَتْ تُنْبِتُ الْأَرْضُ حِينَ كَانَ يُعْمَلُ فِيهَا بِالصَّلَاحِ زَمَنَ
سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ .
وَأَمَّا النَّجَاشِيُّ فَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=96189nindex.php?page=treesubj&link=30939بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ nindex.php?page=showalam&ids=243عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيَّ إِلَى nindex.php?page=showalam&ids=888النَّجَاشِيِّ فِي شَأْنِ nindex.php?page=showalam&ids=315جَعْفَرَ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَأَصْحَابِهِ ، وَكَتَبَ مَعَهُ:
"بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى nindex.php?page=showalam&ids=888النَّجَاشِيِّ مَلِكِ الْحَبَشَةِ ، فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكَ اللَّهَ الْمَلِكَ الْقُدُّوسَ السَّلَامَ الْمُؤْمِنَ الْمُهَيْمِنَ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ عِيسَى ابْنُ [ ص: 288 ] مَرْيَمَ رُوحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ ، أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ الْبَتُولِ الطَّيِّبَةِ ، فَحَمَلَتْ بِعِيسَى ، وَإِنِّي أَدْعُوكَ إِلَى اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، [وَالْمُوَالَاةَ عَلَى طَاعَتِهِ] ، وَأَنْ تَتَّبِعَنِي وَتُؤْمِنَ بِالَّذِي جَاءَنِي ، فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ ، وَقَدْ بَعَثْتُ إِلَيْكَ ابْنَ عَمِّي جَعْفَرًا وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى" .
فَكَتَبَ nindex.php?page=showalam&ids=888النَّجَاشِيُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، إِلَى مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ ، مِنَ nindex.php?page=showalam&ids=888النَّجَاشِيِّ ، سَلَامٌ عَلَيْكَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الَّذِي هَدَانِي إِلَى الْإِسْلَامِ .
أَمَّا بَعْدُ ، فَقَدْ بَلَغَنِي كِتَابُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فِيمَا ذَكَرْتَ مِنْ أَمْرِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ، فَوَ رَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ عِيسَى مَا يَزِيدُ عَلَى مَا ذَكَرْتَ ثُفْرُوقًا ، إِنَّهُ كَمَا قُلْتَ ، وَقَدْ عَرَفْنَا مَا بَعَثْتَ بِهِ إِلَيْنَا ، وَقَدْ قَرَيْنَا ابْنَ عَمِّكَ وَأَصْحَابَهُ ، وَأَشْهَدُ إِنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ ، وَقَدْ بَايَعْتُكَ وَبَايَعْتُ ابْنَ عَمِّكَ وَأَسْلَمْتُ عَلَى يَدَيْهِ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَقَدْ بَعَثْتُ إِلَيْكَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، فَإِنْ شِئْتَ أَنْ آتِيَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَعَلْتُ ، وَإِنِّي أَشْهَدُ أَنَّ مَا تَقُولُ حَقٌّ ، وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابْنُ إِسْحَاقَ: وَذُكِرَ أَنَّهُ بَعَثَ ابْنَهُ فِي سِتِّينَ مِنَ
الْحَبَشَةِ فِي سَفِينَةٍ حَتَّى إِذَا تَوَسَّطُوا الْبَحْرَ غَرَّقَتْهُمْ سَفِينَتُهُمْ فَهَلَكُوا .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15472الْوَاقِدِيُّ عَنْ أَشْيَاخِهِ : إِنَّ أَوَّلَ [رَسُولٍ] بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
nindex.php?page=showalam&ids=243عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=888النَّجَاشِيِّ ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ كِتَابَيْنِ يَدْعُوهُ فِي أَحَدِهِمَا إِلَى الْإِسْلَامِ ، وَيَتْلُو عَلَيْهِ الْقُرْآنَ ، فَأَخَذَ كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَضَعَهُ عَلَى عَيْنَيْهِ ، وَنَزَلَ عَنْ سَرِيرِهِ وَجَلَسَ عَلَى الْأَرْضِ مُتَوَاضِعًا ثُمَّ أَسْلَمَ وَشَهِدَ شَهَادَةَ الْحَقِّ ، وَقَالَ: لَوْ كُنْتُ أَسْتَطِيعُ أَنْ آتِيَهُ لَأَتَيْتُهُ ، وَكَتَبَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِجَابَتِهِ وَتَصْدِيقِهِ وَإِسْلَامِهِ عَلَى يَدَيْ
nindex.php?page=showalam&ids=315جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ .
وَفِي الْكِتَابِ الْآخَرِ [يَأْمُرُهُ] أَنْ يُزَوِّجَهُ
أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتِ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ ، وَكَانَتْ
[ ص: 289 ] قَدْ هَاجَرَتْ إِلَى
الْحَبَشَةِ مَعَ زَوْجِهَا
عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ الْأَسَدِيِّ ، فَتَنَصَّرَ هُنَاكَ وَمَاتَ ، وَأَمَرَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكِتَابِ أَنْ يَبْعَثَ لِمَنْ قَبْلَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ وَعَلَّمَهُمْ ، فَفَعَلَ ذَلِكَ .
قَالَ مُؤَلِّفُ الْكِتَابِ: وَهَذِهِ الْأَخْبَارُ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=888النَّجَاشِيَّ هُوَ الَّذِي كَانَتِ الْهِجْرَةُ إِلَى أَرْضِهِ .
وَقَدْ أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
نَصْرُ بْنُ الْحَسَنِ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
أَبُو أَحْمَدَ الْجَلْوَدِيُّ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ ، قَالَ: حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، قَالَ: حَدَّثَنِي
يُوسُفُ بْنُ حَمَّادٍ ، قَالَ:
أَخْبَرَنَا
عَبْدُ الْأَعْلَى ، عَنْ
سَعِيدٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=9أَنَسٍ: nindex.php?page=hadith&LINKID=68391أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ إِلَى كِسْرَى وَقَيْصَرَ وَإِلَى النَّجَاشِيِّ ، وَإِلَى كُلِّ جَبَّارٍ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَيْسَ بِالنَّجَاشِيِّ الَّذِي صَلَّى عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
قَالَ مُؤَلِّفُ الْكِتَابِ: فَعَلَى هَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كَتَبَ إِلَى آخَرَ مِنْ مُلُوكِ
الْحَبَشَةِ بَعْدَ أَنْ كَتَبَ إِلَى ذَاكَ .
وَأَمَّا
الْحَارِثُ بْنُ أَبِي شِمْرٍ الْغَسَّانِيِّ فَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=15472الْوَاقِدَيُّ عَنْ أَشْيَاخِهِ ، قَالُوا:
nindex.php?page=hadith&LINKID=68403nindex.php?page=treesubj&link=30944بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شُجَاعَ بْنَ وَهْبٍ الْأَسَدِيَّ إِلَى الْحَارِثِ بْنِ أَبِي شِمْرٍ الْغَسَّانِيِّ يَدْعُوهُ إِلَى الْإِسْلَامِ ، وَكَتَبَ مَعَهُ كِتَابًا ، قَالَ شُجَاعٌ: فَأَتَيْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ بِغُوطَةِ دِمَشْقَ ، وَهُوَ مَشْغُولٌ بِتَهْيِئَةِ الْإِنْزَالِ وَالْإِلْطَافِ لِقَيْصَرَ ، وَهُوَ جَاءَ مِنْ حِمْصَ إِلَى إِيلِيَاءَ ، فَأَقَمْتُ عَلَى بَابِهِ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً ، فَقُلْتُ [لِحَاجِبِهِ] : إِنِّي رَسُولُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [إِلَيْهِ] ، فَقَالَ : لَا تَصِلْ إِلَيْهِ حَيْثُ يَخْرُجُ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا ، وَجَعَلَ حَاجِبَهُ - وَكَانَ رُومِيًّا - يَسْأَلُنِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا يَدْعُو إِلَيْهِ ، فَكُنْتُ أُحَدِّثُهُ عَنْ صِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا يَدْعُو إِلَيْهِ ، فَيَرِقُّ حَتَّى يَغْلِبَهُ الْبُكَاءُ ، وَيَقُولَ: إِنِّي قَرَأْتُ الْإِنْجِيلَ فَأَجِدُ صِفَةَ هَذَا النَّبِيِّ بِعَيْنِهِ ، فَأَنَا أُومِنُ بِهِ وَأُصَدِّقُهُ ، وَأَخَافُ مِنَ الْحَارِثِ أَنْ يَقْتُلَنِي ، وَكَانَ يُكْرِمُنِي وَيُحْسِنُ ضِيَافَتِي . وَخَرَجَ الْحَارِثُ يَوْمًا ، فَجَلَسَ وَوَضَعَ التَّاجَ عَلَى رَأْسِهِ ، فَأَذِنَ لِي ، [ ص: 290 ] فَدَفَعْتُ إِلَيْهِ كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَرَأَهُ ثُمَّ رَمَى بِهِ ، وَقَالَ: مَنْ يَنْتَزِعُ مِنِّي مُلْكِي ، أَنَا سَائِرٌ إِلَيْهِ وَلَوْ كَانَ بِالْيَمَنِ جِئْتُهُ . عَلَيَّ بِالنَّاسِ . فَلَمْ يَزَلْ يُعْرِضُ حَتَّى قَامَ ، وَأَمَرَ بِالْخُيُولِ تُنَعَّلُ ، ثُمَّ قَالَ: أَخْبِرْ صَاحِبَكَ مَا تَرَى .
وَكَتَبَ إِلَى قَيْصَرَ يُخْبِرُهُ خَبَرِي وَمَا عَزَمَ عَلَيْهِ ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ قَيْصَرُ أَلَّا تَسِيرَ إِلَيْهِ وَالْهُ عَنْهُ وَوَافِنِي بِإِيلِيَاءَ ، فَلَمَّا جَاءَهُ جَوَابُ كِتَابِهِ دَعَانِي فَقَالَ: مَتَى تُرِيدُ أَنْ تَخْرُجَ إِلَى صَاحِبِكَ؟ فَقُلْتُ: غَدًا ، فَأَمَرَ لِي بِمِائَةِ مِثْقَالِ ذَهَبٍ ، وَوَصَلَنِي حَاجِبُهُ بِنَفَقَةٍ وَكُسْوَةٍ ، وَقَالَ: أَقْرِئْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنِّي السَّلَامَ ، فَقَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: "بَادَ مُلْكُهُ" . وَمَاتَ
الْحَارِثُ بْنُ أَبِي شِمْرٍ عَامَ الْفَتْحِ .
وَأَمَّا
هَوْذَةُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَنَفِيُّ قَالَ مُؤَلِّفُ الْكِتَابِ: كَانَ مِنَ الْمُلُوكِ الْعُقَلَاءِ ، إِلَّا أَنَّ التَّوْفِيقَ عَزِيزٌ ، دَخَلَ عَلَى كِسْرَى أَبْرَوِيزُ ، فَقَالَ لَهُ: أَيُّ أَوْلَادِكَ أَحَبُّ إِلَيْكَ ، قَالَ: الصَّغِيرُ حَتَّى يَكْبِرَ ، وَالْغَائِبُ حَتَّى يَقْدُمَ ، وَالْمَرِيضُ حَتَّى يَبْرَأَ ، فَقَالَ: مَا غِذَاؤُكَ؟ قَالَ: الْخُبْزُ ، فَقَالَ كِسْرَى: هَذَا عَقْلُ الْخُبْزِ لَا عَقْلُ اللَّبَنِ وَالتَّمْرِ . وَكَانَ مَنْ يَأْكُلُ الْخُبْزَ عِنْدَهُمْ مَمْدُوحًا .
وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=15472الْوَاقِدَيُّ عَنْ أَشْيَاخِهِ ، قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=68404بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُلَيْطَ بْنَ عَمْرٍو الْعَامِرِيَّ إِلَى هَوْذَةَ بْنِ عَلِيٍّ الْحَنَفِيِّ يَدْعُوهُ إِلَى الْإِسْلَامِ ، وَكَتَبَ مَعَهُ كِتَابًا فَقَدِمَ عَلَيْهِ فَأَنْزَلَهُ وَحَبَاهُ ، وَقَرَأَ كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، [وَكَتَبَ إِلَيْهِ] وَقَالَ: مَا أَحْسَنَ مَا تَدْعُو إِلَيْهِ وَأَجْمَلَهُ ، وَأَنَا شَاعِرُ قَوْمِي وَخَطِيبُهُمْ ، وَالْعَرَبُ تَهَابُ مَكَانِي ، فَاجْعَلْ لِي بَعْضَ الْأَمْرِ أَتَّبِعْكَ ، وَأَجَازَ سُلَيْطَ بْنَ عَمْرٍو جَائِزَةً ، وَكَسَاهُ أَثْوَابًا مِنْ نَسْجِ هَجَرَ ، فَقَدِمَ بِذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْبَرَهُ عَنْهُ بِمَا كَانَ وَمَا قَالَ ، وَقَرَأَ كِتَابَهُ ، وَقَالَ: "لَوْ سَأَلَنِي سَيَّابَةً مِنَ الْأَرْضِ مَا فَعَلْتُ ، بَادٍ وَبَادٍ مَا فِي يَدَيْهِ" . فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفَتْحِ جَاءَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ .
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ: أَهْدَى
ابْنُ أَخِي عُيَيْنَةَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاقَةً يُقَالُ لَهَا "السَّمْرَاءُ" ،
[ ص: 291 ] فَأَثَابَهُ ثَلَاثًا ، فَسَخِطَ وَقَالَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=666250 "لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ لَا أَقْبَلَ هَدِيَّةً إِلَّا مِنْ قُرَشِيٍّ ، أَوْ ثَقَفِيٍّ ، أَوْ دَوْسِيٍّ" . وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ: أَجْدَبَتِ الْأَرْضُ فَاسْتَسْقَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلنَّاسِ فِي رَمَضَانَ .
وَفِيهَا: سَبَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْإِبِلِ ، فَسَبَقَتِ الْقَصْوَاءُ ، وَسَبَقَ بِالْخَيْلِ فَسَبَقَ فَرَسُ
أَبِي بَكْرٍ .
وَفِيهَا: اسْتَجَارَ
nindex.php?page=showalam&ids=9920أَبُو الْعَاصِ بْنُ الرَّبِيعِ nindex.php?page=showalam&ids=437بِزَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَجَارَتْهُ .
قَالَ مُؤَلِّفُ الْكِتَابِ: وَرَدَّهَا إِلَيْهِ عَلَى مَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ فِي ذِكْرِ غَزْوَةِ بَدْرٍ ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ اسْتَجَارَ بِهَا ، فَلَعَلَّهُ أُشِيرَ إِلَى هَذِهِ الْحَالَةِ .
وَفِيهَا: جَاءَتْ
خَوْلَةُ بِنْتُ ثَعْلَبَةَ ، وَكَانَ زَوْجُهَا
أَوْسَ بْنَ الصَّامِتِ ، فَأَخْبَرَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ ظَاهِرٌ مِنْهَا .
وَفِيهَا: تَزَوَّجَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
جَمِيلَةَ بِنْتَ ثَابِتٍ ، فَوَلَدَتْ لَهُ
عَاصِمًا ، وَطَلَّقَهَا
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ .
وَفِيهَا: وَقَفَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَمْوَالَهُ بِثَمْغٍ