ومن الحوادث [في هذه السنة] فإنه لما أمر بقتل أبيه قتل معه سبعة عشر أخا له ذوي أدب وشجاعة ، فابتلي بالأسقام ، وجزع بعد قتلهم جزعا شديدا ، [إذ] دخلت عليه أختاه: هلاك شيرويه بوران ، وآزرميدخت ، فأغلظتا له ، وقالتا: حملك الحرص على ملك لا يتم لك على قتل أبيك وجميع إخوتك ، فبكى بكاء شديدا ، ورمى بالتاج عن رأسه ، ولم يزل مدنفا ، وفشا الطاعون في أيامه ، فهلك أكثر الناس .
ومن الحوادث [في هذه السنة]
وصول المقوقس هدية
فإنها وصلت في سنة سبع ، وهي: مارية ، وسيرين ، ويعفور ، والدلدل . وكانت بيضاء ، فاتخذ لنفسه مارية ، ووهب سيرين لحسان بن ثابت .
أخبرنا أبو بكر بن عبد الباقي ، قال: أخبرنا الجوهري ، قال: أخبرنا ، قال: أخبرنا ابن حيويه ابن معروف ، قال: أخبرنا الحسين بن الفهم ، قال: حدثنا محمد بن سعد ، قال: أخبرنا محمد بن عمر ، قال: حدثنا يعقوب بن محمد بن أبي صعصعة ، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة ، قال:
المقوقس صاحب الإسكندرية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنة سبع من الهجرة مارية وأختها سيرين ، وألف مثقال ذهبا ، وعشرين ثوبا [لينا] ، وبغلته الدلدل ، وحماره يعفور: وقال يعقوب: ومعهم خصي يقال له: مابور شيخ كبير كان أخا مارية ، وبعث بذلك كله مع فعرض حاطب بن أبي بلتعة ، حاطب على مارية الإسلام ورغبها فيه ، فأسلمت وأسلمت أختها وأقام الخصي على دينه حتى أسلم بالمدينة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم معجبا بأم إبراهيم وكانت بيضاء جميلة ، فأنزلها [ ص: 300 ]
[رسول الله صلى الله عليه وسلم] في العالية في المال الذي يقال له [اليوم] مشربة أم إبراهيم ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يختلف إليها هناك وضرب عليها الحجاب ، وكان يطأها بملك اليمين ، فلما حملت ووضعت [هناك] وقبلتها سلمى مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء أبو رافع زوج سلمى فبشر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإبراهيم فوهب له عبدا ، وذلك في ذي الحجة سنة ثمان ، وتنافست الأنصار في إبراهيم ، وأحبوا أن يفرغوا مارية لرسول الله صلى الله عليه وسلم لما يعلمون من هواه فيها . بعث
قال محمد بن سعد : وأخبرنا محمد بن عمر ، عن محمد بن عبد الله الأنصاري ، [عن ] ، عن الزهري قال: أنس بن مالك ، أم إبراهيم في مشربتها ، وكان قبطي يأوي إليها ويأتيها بالماء والحطب ، فقال الناس في ذلك: علج يدخل على علجة ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأرسل رضي الله عنه فوجده على نخلة ، فلما رأى السيف وقع في نفسه فألقى الكساء الذي كان عليه وتكشف فإذا هو مجبوب ، فرجع علي بن أبي طالب رضي الله عنه [إلى النبي صلى الله عليه وسلم] فأخبره فقال: يا رسول الله [أرأيت] إذا أمرت أحدنا بالأمر ثم رأى غير ذلك أيراجعك؟ قال: نعم ، فأخبره بما رأى من القبطي . علي قال مؤلف هذا الكتاب : [فإن قال قائل:] ظاهر هذا الحديث يدل على أن كانت عليا رضي الله عنه أراد قتله ، وقد روي في حديث آخر صريحا ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: "يا خذ السيف فإن وجدته عندها فاقتله" علي ، . فكيف يجوز القتل على التهمة؟
[ ص: 301 ]
فقد أجاب عنه وقال: من الجائز أن يكون قد كان من أهل العهد وأنه لم يسلم ، وقد كان تقدم إليه بالنهي عن الدخول إلى ابن جرير الطبري ، مارية ، فلم يقبل ، فأمر بقتله لنقض العهد .