فصل : فأما الضرب الذي لا دم فيه ، فهو أن يخل بأحد هذه الشروط فلا يلزمه دم ، فإن لم يلزمه دم لإحلاله بالحج ، فلو أحرم بالعمرة قبل أشهر الحج ، ثم طاف سعى في أشهر الحج ، كأنه أحرم بها في رمضان ، وطاف لها وسعى في شوال ، ففي وجوب الدم قولان : أحرم بالعمرة قبل أشهر الحج
[ ص: 50 ] أحدهما : لا دم عليه ، وهو قول أحمد وإسحاق ، لأن الإحرام أحد أركان العمرة فصار كما لو طاف قبل شوال .
والقول الثاني : عليه دم ، وهو قول طاوس لأنه قد أتى بمعظم أفعال العمرة في أشهر الحج ، فصار كما لو استأنفها فيه ، ولو اعتمر في أشهر الحج ثم عاد إلى ميقات بلده فأحرم بالحج منه سقط عنه الدم ، ولكن لو أحرم بالحج من مكة ثم عاد إلى ميقات بلده محرما ففي سقوط الدم عنه ، قولان :
أحدهما : قد سقط عنه الدم ، كما لو ابتدأ إحرامه من الميقات .
والقول الثاني : لا يسقط عنه لأن وجوبه قد استقر عليه بإحرامه من مكة ، وقال أبو حنيفة لا يسقط عنه الدم إذا رجع إلى ميقات بلده ، فأحرم منه حتى يرجع إلى بلده لأنه قبل رجوعه إلى بلده على حكم سفره ، فكان على حكم حجه ، ودليلنا هو أن محل إحرامه ما بين بلده وميقاته ، فلما سقط عنه الدم برجوعه إلى بلده ، وهو أول ميقاته سقط عنه برجوعه ، إلى آخر ميقاته لاستواء حكم جميعه ، وفيه الفصال .