فصل : وإن  مات بعد الفراغ من أركان الحج   ، فعلى ضربين :  
أحدهما : أن يكون موسرا يكفر بالدم ، فالدم في ماله واجب ، قولا واحدا : لأن وجوب الدم قد استقر بكمال الحج وما استقر وجوبه من حقوق الأموال لم يسقط بالموت كالديون والزكوات .  
والضرب الثاني : أن يكون معسرا ، يكفر بالصوم ، فهذا على ضربين :  
 [ ص: 61 ] أحدهما : أن يكون موته قبل دخول زمان الصوم ، كأنه مات قبل رجوعه إلى وطنه ، على قوله الجديد ، أو قبل خروجه من  مكة   على قوله في القديم ففيهما قولان حكاهما الربيع :  
أحدهما : أن الدم دين عليه : لأن بتمتعه قد وجبت الكفارة ، وبموته قبل زمان الصوم بطل أن يكون الصوم واجبا عليه في الكفارة ، فثبت أن الدم هو الذي وجب عليه ، فيقضى عنه الدم بعد موته من بيع عروضه التي لم يكن يلزمه بيعها في حياته .  
والقول الثاني وهو أصح : لا شيء عليه : لأن الدم باعتباره لم يجب عليه ، والصوم بموته قبل دخول وقته لم يلزمه ، فلم يجز أن يلزمه بعد موته ما لم يكن لازما له في حياته .  
والضرب الثاني : أن يكون موته بعد دخوله زمان الصوم ، كأن مات بعد رجوعه إلى وطنه ، فلا يجب عليه الدم ، لا يختلف : لأن وجوب الصوم قد استقر بدخوله زمانه ، والدم لم يجب لتعذر إمكانه ، وإذا كان كذلك لم يجب أن يصام عنه ، لأنه النيابة في الصوم ، لا تصح ، لكن ينظر فإن مات قبل إمكان الصوم فلا شيء عليه ، كما لو كان عليه أياما من رمضان ، فمات قبل إمكان صيامها ، وإن مات بعد إمكان الصيام ، فالواجب عليه بدلا عن كل يوم مد من حنطة ، كما لو كان عليه أياما من رمضان ، فمات بعد إمكان قضائها ، ولرواية  عبد الله بن عمر   عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :  من مات وعليه صيام أطعم عنه وليه عن كل يوم مدا  ، فلو  مات وقد أمكنه صيام بعضها دون بعض   ، لزم عما أمكن صيامه مد عن كل يوم ، ولم يلزمه عما لم يكن صيامه شيء ، فإذا وجبت هذه الأمداد بدلا عما قدر عليه من الصيام ، ففيها قولان :  
أحدهما : أن الواجب أن يفرق في مساكين الحرم ، فإن فرق في مساكين غير الحرم لم يجزه ، لأنه مال وجب بالإحرام ، فوجب أن يستحقه أهل الحرم كالدم .  
والقول الثاني : أن الأولى أن يفرق في مساكين الحرم ، فإن فرق في غيرهم جاز ، لأن الإطعام بدل من الصوم الذي لا يختص بالحرم دون غيره .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					