الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وإن حلق شعرة فعليه مد وإن حلق شعرتين فمدان وإن حلق ثلاث شعرات فدم وإن كانت متفرقة ففي كل شعرة مد " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : قد مضى الكلام في أن المحرم ممنوع من حلق رأسه إجماعا . فإن حلق جميع رأسه ، فعليه الفدية بنص الكتاب والسنة ، وإن حلق بعض رأسه ، فعليه الفدية ، فقد اختلف الناس في قدر ما يوجب الفدية ، ويقع به التحلل ومذهب الشافعي أن الدم يجب في حلق ثلاث شعرات فصاعدا ، وبه يقع التحلل .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : يجب الدم في حلق ربع الرأس ، ولا يجب فيما دونه ، وبه يقع التحلل ، ولا يقع فيما دونه .

                                                                                                                                            وقال أبو يوسف : يجب الدم في حلق نصف الرأس ، ولا يجب فيما دونه ، وبه يقع التحلل ، ولا يقع فيما دونه .

                                                                                                                                            والدلالة على وجوب الدم بحلق ثلاثة شعرات . قوله تعالى : فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام [ البقرة : 196 ] ، تقديره فحلق شعر رأسه ، ففدية : لأن الرأس لا يحلق ، وإنما يحلق الشعر فإذا حلق من رأسه ما ينطلق عليه اسم جمع مطلق ، كان حالقا لرأسه وثلاث شعرات ينطلق عليها اسم الجمع : فوجب أن يتعلق به وجوب الدم ، والدلالة على أن التحلل يقع بحلق ثلاثة شعرات ، أو بقصرها . قوله صلى الله عليه وسلم : إذا رميتم وحلقتم فقد حل لكم كل شيء . والاستدلال من هذا الخبر ، كالاستدلال من الآية ، ولأنه محرم حلق من رأسه ما ينطلق عليه اسم الجمع المطلق : فوجب أن يجب به الدم ، ويقع به التحلل كالربع .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية